الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3198 - "البر ما سكنت إليه النفس؛ واطمأن إليه القلب ؛ والإثم ما لم تسكن إليه النفس؛ ولم يطمئن إليه القلب؛ وإن أفتاك المفتون"؛ (حم)؛ عن أبي ثعلبة ؛ (ح) .

التالي السابق


( البر ما سكنت إليه النفس؛ واطمأن إليه القلب ) ؛ قال الراغب : قابل "الإثم"؛ بـ "البر"؛ وهذا القول منه حكم البر؛ والإثم؛ لا تفسيرهما؛ إذ "الإثم"؛ للأفعال المبطئة عن الثواب؛ ولتضمنه معنى البطء؛ قال الشاعر:


جمالية تكتفي بالرداف ... إذا كذب الآثمات الهجيرا

( والإثم ما لم تسكن إليه النفس؛ ولم يطمئن له القلب ) ؛ لأنه - سبحانه - فطر عباده على الميل إلى الحق؛ والسكون إليه؛ وركز في طبعهم حبه؛ (وإن أفتاك المفتون) ؛ أي: جعلوا لك رخصة؛ وذلك لأن على قلب المؤمن نورا يتقد؛ فإذا ورد عليه الحق؛ التقى هو ونور القلب؛ فامتزجا؛ وائتلفا؛ فاطمأن القلب؛ وهش؛ وإذا ورد عليه الباطل؛ نفر نور القلب؛ ولم يمازجه؛ فاضطرب القلب؛ وإنما ذكر طمأنينة النفس مع القلب؛ إيذانا بأن الكلام في نفوس ماتت منها الشهوات؛ وزالت عنها حجب الظلمات؛ فالنفس المرتكبة في الكدورات المحفوفة بحجب اللذات؛ تطمئن إلى الإثم والجهل؛ وتسكن إليه؛ ويستغرقها الشر والباطل؛ فأعلم بالجمع بينهما أن الكلام في نفس رضيت وتمرنت حتى تجلت بأنوار اليقين؛ قال بعض الصوفية: وإنما اشتبه على علماء الظاهر الحلال؛ بالحرام؛ أحيانا؛ لأنهم أفسدوا الشاهد الذي في قلوبهم؛ كما أفسدوا عقولهم بحب الدنيا؛ فدنسوها؛ وأفسدوا إيمانهم بالطمع؛ فأسقموه؛ وأفسدوا جوارحهم بالسحت؛ فلطخوها؛ وأفسدوا طريقهم إلى الله؛ فسدوها؛ فليس لأهل التخليط من هذه العلامات شيء؛ لأن الحق الأعظم الذي تشعبت منه الحقوق؛ لا يسكن إلا في قلب طاهر؛ وكذا الحكمة واليقين.

(حم؛ عن أبي ثعلبة ) ؛ بفتح المثلثة؛ ( الخشني ) ؛ بضم المعجمة؛ وفتح المعجمة الثانية؛ وكسر النون؛ اسمه "جرثوم"؛ أو "جرهم"؛ أو "ناشر" ؛ قال: قلت: يا رسول الله؛ أخبرني بما يحل؛ وبما يحرم؛ فصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وصوب في النظر ؛ ثم ذكره؛ قال الهيثمي : رجاله ثقات.




الخدمات العلمية