الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
4152 - "الخير عادة؛ والشر لجاجة؛ ومن يرد الله به خيرا؛ يفقهه في الدين" ؛ (هـ)؛ عن معاوية ؛ (صح) .

التالي السابق


( الخير عادة ) ؛ لعود النفس إليه؛ وحرصها عليه؛ من أصل الفطرة؛ قال في الإحياء: من لم يكن في أصل الفطرة جوادا مثلا؛ يتعود ذلك بالتكلف؛ ومن لم يخلق متواضعا؛ يتكلفه إلى أن يتعوده؛ وكذلك سائر الصفات؛ يعالج بضدها إلى أن يحصل الغرض؛ وبالمداومة على العبادة؛ ومخالفة الشهوات؛ تحسن صورة الباطن؛ ( والشر لجاجة ) ؛ لما فيه من العوج؛ وضيق النفس؛ والكرب؛ و"العادة"؛ مشتقة من "العود إلى الشيء مرة بعد أخرى"؛ قال العامري ؛ في شرح الشهاب: وأكثر ما تستعمل العرب "العادة"؛ في الخير؛ وفيما يسر وينفع؛ قال المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: "عودوا قلوبكم الرقة" ؛ فحث على تعويده؛ ليؤلف؛ فيسهل؛ اعترض كلب في طريق عيسى - عليه السلام -؛ فقال: "اذهب؛ عافاك الله"؛ فقيل له: تخاطب به كلبا؟ قال: "لسان عودته الخير؛ فتعود"؛ وقال الحكماء: العادة طبيعة خامسة؛ و"اللجاج"؛ أكثر ما يستعمل في المراجعة في الشيء المضر؛ بشؤم الطبع؛ بغير تدبر عاقبة؛ ويسمى فاعله "لجوجا"؛ كأنه أخذ من "لجة البحر"؛ وهي أخطر ما فيه؛ فزجرهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عن عادة الشر؛ بتسميتها "لجاجة"؛ وميزها عن تعود الخير بالاسم؛ للفرق؛ فعلى من لم يرزق قلبا سليما من الشر أن يروض نفسه على الخير؛ والكف عن الشر؛ ويلزمها المداومة على ذلك؛ وإنما يؤتى العبد من الضجر؛ والملال؛ والعجلة؛ ( ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) ؛ أي: يفهمه ويبصره في كلام الله ورسوله؛ لأن ذلك يقوده إلى التقوى؛ والتقوى تقوده إلى الجنة.

(هـ؛ عن معاوية ) ؛ ابن أبي سفيان ؛ وفيه مروان بن جناح ؛ قال في الميزان؛ عن أبي حاتم : لا يحتج به؛ وعن الدارقطني : لا بأس به.




الخدمات العلمية