الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 229 ] 250 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه أن يقول الرجل : عبدي وأمتي ، وأمره إياه أن يقول مكان ذلك : فتاي وفتاتي .

1568 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا قبيصة بن عقبة ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن أبي هريرة - قال قبيصة : أراه قد رفعه - قال : { لا يقل أحدكم : عبدي ، فكلكم عبد ، ولكن ليقل : فتاي } .

1569 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، قال : حدثنا أبو غسان ، قال : حدثني العلاء بن عبد الرحمن مولى الحرقة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يقولن أحدكم : عبدي وأمتي ، فكلكم عبيد الله ، وكلكم إماء الله ، ولكن ليقل : غلامي [ ص: 230 ] وجاريتي وفتاي وفتاتي } .

قال أبو جعفر : فكان فيما روينا { نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول أحد لمملوكه : عبدي ، ولا لمملوكته : أمته ، وأمره إياه أن يقول مكان ذلك : فتاي وفتاتي } .

فقال قائل : كيف تقبلون هذا وقد جاء كتاب الله تعالى بإطلاق ما حظره هذا الحديث . قال الله عز وجل : ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ، فذكره بالعبودية والملك ، ووصفه بأنه لا يقدر على شيء ، وقال الله عز وجل : وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أنا نصحح ذلك كله ، ولا نجعل بعضه مخالفا لبعض ، ونجعل ما في قوله عز [ ص: 231 ] وجل والصالحين من عبادكم وإمائكم على النسبة من غيرهم إياهم إليهم ، ونجعل المنهي عنه في الآثار التي روينا على إضافة مالكيهم إياهم إليهم ، وأنهم عبيدهم وإماؤهم ، إذ كان ذلك يرجع إلى معنى استكبارهم عليهم ، وإن كانوا جميعا لله عز وجل عبيدا .

وقد قال قائل : إن قول الله عز وجل : ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء إنما هو على أنه عز وجل لما ذكر العبد كان ذلك مما قد يكون على العبد غير المملوك ، ومما قد يكون على العبد المملوك ، فأبان عز وجل العبد الذي أراده بقوله : مملوكا ليعلم بذلك أنه العبد المملوك ، لا العبد الذي ليس بمملوك ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية