الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 375 ] 277 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنه قاء فأفطر } .

1674 - حدثنا أبو غسان مالك بن يحيى الهمداني ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : حدثنا هشام - يعني الدستوائي - عن يحيى - يعني : ابن أبي كثير - عن رجل ، عن يعيش بن الوليد بن هشام ، عن معدان ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر ، قال : فلقيت ثوبان في مسجد دمشق - يعني فذكرت ذلك له - فقال : صدق وأنا صببت له وضوءه } .

[ ص: 376 ] قال أبو جعفر : فكان في هذا الحديث سكوت هشام عن تسمية الرجل الذي حدثه يحيى بن أبي كثير بهذا الحديث عنه ، وهو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي .

1675 - كما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث التنوري ، قال : حدثنا أبي ، عن حسين المعلم ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، عن يعيش بن الوليد ، عن أبيه ، عن معدان بن أبي طلحة ، عن أبي الدرداء ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر ، قال : فلقيت ثوبان في مسجد دمشق ، فقال : صدق أنا صببت له وضوءه } .

[ ص: 377 ]

1676 - وكما حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا أبو معمر عبد الله بن أبي الحجاج المنقري ، قال : حدثنا عبد الوارث ، عن حسين المعلم ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الله بن عمرو الأوزاعي ، عن يعيش بن الوليد بن هشام ، عن معدان بن طلحة ، عن أبي الدرداء ، ثم ذكر مثله

سمعت ابن أبي داود يقول ، قال : أبو معمر هكذا ، قال : عبد الوارث عبد الله بن عمرو ، والصواب عبد الرحمن بن عمرو ، وقال أبو جعفر : ولم يذكر ابن أبي داود في حديثه هذا أبا يعيش بن الوليد ، وقال فيه معدان بن طلحة وهكذا يقول العراقيون في نسب هذا الرجل ، وأما الشاميون فيقولون فيه معدان بن أبي طلحة وهم به أعرف ؛ لأنه منهم وهو يعمري وقد سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

[ ص: 378 ]

1677 - حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا أبو الجودي ، عن بلج - رجل من مهرة - عن أبي شيبة المهري ، قال : قلت لثوبان حدثنا ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر } .

[ ص: 379 ]

1678 - حدثنا الحسين بن نصر ، قال : حدثنا يحيى بن حسان وحدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا روح بن عبادة وحدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج بن منهال قالوا جميعا حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي مرزوق ، عن فضالة بن عبيد ، قال : { دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب ، فقال له بعضنا ألم تصبح صائما يا رسول الله ؟ قال : بلى ، ولكني قئت } .

[ ص: 380 ]

1679 - حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا عبد الله بن لهيعة ، قال : حدثنا يزيد بن أبي حبيب ، قال : حدثني أبو مرزوق ، عن فضالة بن عبيد … ثم ذكر مثله .

[ ص: 381 ] فقال قائل : هذا حديث العلماء جميعا على خلافه ؛ لأنه لا اختلاف بينهم أن من ذرعه القيء لم يكن بذلك مفطرا .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه ، أنه لم يرد بهذه الآثار ما توهمه ؛ لأن الكلام الذي جاء به كلام عربي يقع فيه الكنايات لفهم المخاطبين بما خوطبوا به منه وبمراد مخاطبهم به فيه ، ومعنى الحديث الأول قاء فأفطر ، أي : قاء فضعف فأفطر ، وكنى عن ضعف كمثل ما جاء في القرآن في آية كفارات الأيمان ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ، بمعنى ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم فحنثتم ؛ لأنه لا اختلاف ، أن من حلف بيمين فلم يحنث فيها أنه لا كفارة عليه وأن الكفارة فيها إنما تجب بالحنث فيها لا بالحلف بها ، وكذلك حديث فضالة ، ولكني قئت ، ولكني قئت فضعفت .

وقد دل على ما ذكرنا ما رواه أبو هريرة ، عن رسول الله مما قد تبين فيه حكم القيء في الصيام كيف هو .

[ ص: 382 ]

1680 - كما حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، قال : حدثنا مسدد بن مسرهد ، قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء ومن استقاء فليقض } ، فاتفق بحمد الله ونعمته جميع ما ذكرنا ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ولم يختلف وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية