الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            47 - قال الشيخ الحسين بن مسعود، رحمه الله: أخبرنا أبو علي حسان بن المنيعي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، نا أبو الحسن أحمد بن يوسف السلمي، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن همام بن منبه، نا أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يسرق سارق، وهو حين يسرق مؤمن، ولا يزني زان، وهو حين يزني مؤمن، ولا يشرب الحدود أحدكم يعني: الخمر، وهو حين يشربها مؤمن، والذي نفس محمد بيده لا ينتهب أحدكم نهبة ذات شرف يرفع إليه المؤمنون أعينهم فيها، وهو حين ينتهبها مؤمن، ولا يغل أحدكم حين يغل وهو مؤمن، فإياكم ".

                                                                            هذا حديث صحيح أخرجه مسلم، عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق .

                                                                            قال الشيخ رحمه الله: قد اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث، [ ص: 90 ] فذهب قوم إلى أن المراد منه النهي، وإن ورد على صيغة الخبر، معناه لا يزني الزاني ولا يسرق إذ هو مؤمن، ولا يليق مثل هذه الأفعال بأهل الإيمان.

                                                                            وذهب قوم إلى أن معناه الزجر والوعيد دون حقيقة الخروج عن الإيمان، أو الإنذار والتحذير بسوء العاقبة، أي: إذا اعتاد هذه الأمور لم يؤمن أن يقع في ضد الإيمان وهو الكفر، كما قال صلى الله عليه وسلم: "من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه".

                                                                            وقيل: معناه نقصان الإيمان، يريد: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن مستكمل الإيمان، بل هو قبل أن يقدم على الفجور، وبعد ما نزع منه وتاب أكمل إيمانا منه حالة اشتغاله بالفجور، وهو كقوله: "لا إيمان لمن لا أمانة له"، يريد: لا إيمان له كاملا، والله أعلم.

                                                                            وقد ورد معنى آخر في تأويله مرفوعا، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا زنى أحدكم خرج منه الإيمان، وكان عليه كالظلة، فإذا انقلع، رجع إليه الإيمان". [ ص: 91 ] .

                                                                            قال الشيخ الحسين بن مسعود رحمه الله: والقول ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، والعلم عند الله عز وجل.

                                                                            وروى عن عكرمة، قال: قلت لابن عباس : كيف ينزع الإيمان منه؟ قال: هكذا، وشبك بين أصابعه، ثم أخرجها، فإن تاب عاد إليه هكذا، وشبك بين أصابعه. [ ص: 92 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية