الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب وجوب غسل الرجلين.

                                                                            220 - أخبرنا الإمام، رحمه الله، نا الحسين بن مسعود، أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي، أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، نا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، نا يحيى بن محمد بن يحيى، نا الحجبي، ومسدد، قالا: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو، قال: تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر سافرناه، فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة، صلاة العصر، ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادانا بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن مسدد، وأخرجه مسلم، عن أبي كامل، كلاهما، عن أبي عوانة.

                                                                            ويوسف بن ماهك المكي، يقال: إنه فارسي، نزل مكة. [ ص: 429 ] .

                                                                            قوله: "أرهقتنا الصلاة" أي: دنا وقتها، ويروى: أرهقنا الصلاة، أي: أخرناها.

                                                                            ومعنى قوله: "ويل للأعقاب من النار" أي: لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها، كما قال الله سبحانه وتعالى: ( واسأل القرية ) ، أي: أهل القرية.

                                                                            وقيل: أراد أن العقب يخص بالعذاب إذا قصر في غسلها، والعقب: ما أصاب الأرض من مؤخر الرجل إلى موضع الشراك.

                                                                            قال الإمام: فيه دليل على وجوب غسل الرجلين في الوضوء، وهو المنقول من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعل الصحابة رضي الله عنهم.

                                                                            وذهبت الشيعة إلى أنه يمسح على الرجلين، ويحكى عن محمد بن جرير، أنه قال: يتخير بين المسح والغسل، لقوله سبحانه وتعالى: ( وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم ) فالله سبحانه وتعالى عطف الرجل على الرأس، والرأس ممسوح، فكذلك الرجل.

                                                                            قلنا: قد قرئ ( وأرجلكم ) بنصب اللام، فيكون عطفا على قوله [ ص: 430 ] ( وأيديكم ) ومن قرأ بالخفض، فهو على مجاورة اللفظ، لا على موافقة الحكم، كما قال الله سبحانه وتعالى: ( عذاب يوم أليم ) فالأليم صفة العذاب، وأخذ إعراب "اليوم" للمجاورة، وكقولهم: "جحر ضب خرب".

                                                                            فالخرب نعت للجحر، وأخذ إعراب "الضب" للمجاورة.

                                                                            روي عن أبي زيد الأنصاري، أنه قال: المسح في كلام العرب يكون غسلا، ويكون مسحا، ومنه يقال للرجل: إذا توضأ فغسل أعضاءه: قد تمسح، ويقال: مسح الله ما بك، أي: غسل عنك وطهرك. [ ص: 431 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية