الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب مسح الرأس والأذنين.

                                                                            225 - أخبرنا الشيخ الإمام، رحمه الله، حدثنا الإمام الحسين بن مسعود أنا عمر بن عبد العزيز، أخبرنا القاسم بن جعفر الهاشمي، أنا أبو علي اللؤلؤي، نا أبو داود، نا قتيبة بن سعيد، نا بكر يعني: ابن مضر، عن ابن عجلان، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، أن ربيع بنت معوذ ابن عفراء أخبرته، قالت: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، قالت، فمسح رأسه، ومسح ما أقبل منه وأدبر، وصدغيه، وأذنيه مرة واحدة".

                                                                            وبإسناده، قال أبو داود: نا مسدد، نا عبد الله بن داود، عن سفيان بن سعيد، عن ابن عقيل، عن الربيع، أن النبي صلى الله عليه وسلم "مسح برأسه بفضل ماء كان في يده".

                                                                            وبهذا الإسناد قال أبو داود: حدثنا إبراهيم بن سعيد، نا وكيع ، [ ص: 439 ] نا الحسن بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الربيع، أن النبي صلى الله عليه وسلم " توضأ، فأدخل إصبعيه في جحري أذنيه.

                                                                            قال الإمام رضي الله عنه: اختلف أهل العلم في التكرار في مسح الرأس ثلاثا هل هو سنة أم لا؟ فذهب أكثرهم إلى أنه يمسح مرة واحدة، وهو قول الحكم، وحماد، والحسن، وبه قال مالك، وسفيان، وابن المبارك، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق.

                                                                            والمشهور من مذهب الشافعي رضي الله عنه، أن المسح ثلاثا سنة بثلاث مياه جدد، وهو قول عطاء.

                                                                            واختلفوا في القدر المفروض من المسح، فذهب قوم إلى أن مسح جميع الرأس فرض، وهو قول مالك، وقال أبو حنيفة: يجب مسح ربع الرأس، وقال الشافعي: يجب أن يمسح قدر ما ينطلق عليه اسم المسح، وإن قل، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته وعلى عمامته، [ ص: 440 ] والفرض إنما يسقط بمسح الناصية، فثبت أن مسح جميع الرأس ليس بواجب.

                                                                            قال الإمام: ظاهر القرآن يوجب مسح جميع الرأس، والسنة خصته بمسح قدر الناصية، ولا يسقط الفرض عنه بأقل من قدر الناصية.

                                                                            والسنة أن يمسح جميع الرأس، ويبدأ بمقدم رأسه، ويذهب إلى مؤخره، ثم يرد إلى مقدمه.

                                                                            وقال وكيع بن الجراح: يبدأ بمؤخر رأسه، ويأتي إلى مقدمه، وهو قول بعض أهل الكوفة، والأول أصح في الأثر.

                                                                            ومسح الأذنين سنة ظاهرهما وباطنهما، يدير المسبحتين في باطنهما، ويمر الإبهامين على ظاهرهما، روي عن ابن عباس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم "مسح برأسه وبأذنيه باطنهما بالسباحتين، وظاهرهما بإبهاميه". [ ص: 441 ] .

                                                                            واختلف أهل العلم في أنه هل يأخذ لهم ماء جديدا؟ فذهب الشافعي إلى أنهما عضوان على حيالهما يمسحان ثلاثا بثلاث مياه جدد.

                                                                            وروي عن ابن عمر "أنه كان إذا توضأ يأخذ الماء بإصبعيه لأذنيه".

                                                                            وذهب أكثر أهل العلم إلى أنهما من الرأس يمسحان معه، وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، وحسن، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، والنخعي ، وهو قول الثوري، وابن المبارك، ومالك، وأصحاب الرأي، وأحمد، وإسحاق، وقال الزهري: هما من الوجه يمسحان معه.

                                                                            وقال الشعبي: ظاهرهما من الرأس وباطنهما من الوجه.

                                                                            وقال حماد: يغسل ظاهرهما وباطنهما، يروى ذلك عن سعيد بن جبير، والنخعي ، وقال إسحاق: أختار أن يمسح مقدمهما مع وجهه، ومؤخرهما مع رأسه. [ ص: 442 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية