الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب الخصومة في القرآن.

                                                                            121 - قال الشيخ الحسين بن مسعود: أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا أحمد بن منصور الرمادي، نا عبد الرزاق .

                                                                            ح وأخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري، أنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز، أنا محمد بن زكريا العذافري، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما يتدارؤون ، قال الرمادي: يتمارون.

                                                                            فقال: "إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب الله عز وجل يصدق بعضه بعضا، فلا تكذبوا بعضه ببعض، فما علمتم منه فقولوه، وما جهلتم فكلوه إلى عالمه"
                                                                            [ ص: 261 ] عمرو بن شعيب كنيته أبو إبراهيم.

                                                                            قوله: "يتدارؤون" يريد: يختلفون، ومنه قوله سبحانه وتعالى: ( فادارأتم فيها ) أي: تدارأتم وتدافعتم واختلفتم.

                                                                            وروي عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب".

                                                                            وروي عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "المراء في القرآن كفر".

                                                                            واختلفوا في تأويله، فقيل: معنى المراء: الشك، كقوله سبحانه وتعالى: ( فلا تك في مرية ) أي: في شك، وقيل: المراء: هو الجدال المشكك، وذلك أنه إذا جادل فيه، أداه إلى أن يرتاب في الآي المتشابهة منه، فيؤديه ذلك إلى الجحود، فسماه كفرا باسم ما يخشى من عاقبته إلا من عصمه الله.

                                                                            وتأوله بعضهم على المراء في قراءته، وهو أن ينكر بعض القراءات [ ص: 262 ] المروية، وقد أنزل الله القرآن على سبعة أحرف، فتوعدهم بالكفر، لينتهوا عن المراء فيها، والتكذيب بها، إذ كلها قرآن منزل، يجب الإيمان به.

                                                                            وكان أبو العالية الرياحي إذا قرأ عنده إنسان لم يقل: ليس هو كذا، ولكن يقول: أما أنا فأقرأ هكذا.

                                                                            قال شعيب بن أبي الحبحاب : فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: أرى صاحبك قد سمع أنه من كفر بحرف، فقد كفر بكله.

                                                                            وقيل: إنما جاء هذا في الجدال بالقرآن من الآي التي فيها ذكر القدر والوعيد، وما كان في معناهما على مذهب أهل الكلام والجدل، وفي معناه الحديث الأول دون ما كان منها في الأحكام، وأبواب الإباحة والتحريم، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تنازعوها فيما بينهم، وتحاجوا بها عند اختلافهم في الأحكام، قال الله عز وجل: ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية