الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            146 - أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الرحمن النسوي، نا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفراييني، أنا أبو محمد دعلج بن أحمد المزكي، نا علي بن عبد العزيز.

                                                                            ح وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن الميربندكشائي، أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سراج الطحان، أنا أبو أحمد محمد بن قريش بن سليمان المروروذي، أنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز المكي، أنا [ ص: 313 ] أبو عبيد القاسم بن سلام، نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته.

                                                                            وقال منصور: عن أبي وائل، قال: كان عبد الله بن مسعود يذكرنا كل يوم خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، إنا نحب حديثك، لوددنا أنك حدثتنا كل يوم، فقال: "ما يمنعني أن أحدثكم إلا كراهية أن أملكم".

                                                                            وذكر هذا الحديث.

                                                                            قوله: "يتخولنا"، أي: يتعهدنا بها في مظان القبول، لا يكلمنا في كل وقت لئلا نسأم، ومثله التخون، يقال: تخولت الرجل وتخونته، والخائل: المتعهد للشيء الحافظ له.

                                                                            قال أبو عمرو بن العلاء: الصواب "يتحولهم" بالحاء، أي: يطلب أحوالهم التي ينشطون فيها للموعظة، فيعظهم فيها، ولا يكثر عليهم فيملوا.

                                                                            وقال عبد الله بن مسعود : حدث القوم ما حدجوك بأبصارهم، وأقبلت عليك قلوبهم، فإذا انصرفت عنك قلوبهم، فلا تحدثهم، قيل: وما علامة ذلك؟ قال: "إذا التفت بعضهم إلى بعض، ورأيتهم يتثاءبون، فلا تحدثهم". [ ص: 314 ] .

                                                                            قوله: "حدجوك بأبصارهم" أي: رموك بها، يريد: حدثهم ما داموا يشتهون حديثك، فإذا أعرضوا عنك، فاسكت.

                                                                            وعن عكرمة، عن ابن عباس، قال: "حدث الناس كل جمعة مرة، فإن أبيت فمرتين، فإن أكثرت، فثلاث مرات، ولا تمل الناس هذا القرآن، ولا ألفينك تأتي القوم، وهم في حديث من حديثهم، فتقص عليهم، فتقطع عليهم حديثهم، فتملهم، ولكن أنصت، فإذا أمروك، فحدثهم وهم يشتهونه، وانظر السجع من الدعاء، فاجتنبه، فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك".

                                                                            وقالت عائشة لعبيد بن عمير: "ألم أحدثك أنك تجلس ويجلس إليك؟" قال: بلى يا أم المؤمنين، قالت: "فإياك وإملال الناس وتقنيطهم".

                                                                            وروي أنها قالت له: "اقصص يوما، واترك يوما، لا تمل الناس". [ ص: 315 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية