الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وإلى تعريف نفاسة الآخرة الإشارة بقوله : عز وجل: وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير فنبه على أن العلم بنفاسة الجوهر هو المرغب عن عوضه ، ولما لم يتصور الزهد إلا بمعاوضة ورغبة عن المحبوب في أحب منه قال رجل في دعائه : اللهم أرني الدنيا كما تراها ، فقال له النبي : صلى الله عليه وسلم : لا تقل هكذا ولكن قل : أرني الدنيا كما أريتها الصالحين من عبادك وهذا لأن الله تعالى يراها حقيرة كما هي وكل مخلوق فهو بالإضافة إلى جلاله حقير ، والعبد يراها حقيرة في نفسه بالإضافة إلى ما هو خير له ، ولا يتصور أن يرى بائع الفرس وإن رغب عنه فرسه كما يرى حشرات الأرض مثلا لأنه مستغن عن الحشرات أصلا ، وليس مستغنيا عن الفرس ، والله تعالى غني بذاته عن كل ما سواه ، فيرى الكل في درجة واحدة بالإضافة إلى جلاله ، ويراه متفاوتا بالإضافة إلى غيره .

التالي السابق


(وإلى تعريف نفاسة الآخرة الإشارة بقوله - عز وجل -) إذ وصف قارون فخرج على قومه إلى قوله: ( وقال الذين أوتوا العلم ) فجعل أهل الزهد علماء ( ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون فنبه على أن العلم بنفاسة الجوهر هو المرغب عن عوضه، ولما لم يتصور الزهد إلا بمعاوضة ورغبة في محبوب عمن أحب منه قال رجل في دعائه: اللهم أرني الدنيا كما تراها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تقل هكذا) ، فإن الله لا يراها كما تراها، (ولكن قل: اللهم أرني الدنيا كما أريتها الصالحين من عبادك) ، ولفظ [ ص: 321 ] القوت: كما يراها الصالح من عبادك، وقال العراقي في ذكره صاحب الفردوس مختصرا: اللهم أرني الدنيا كما تريها صالح عبادك. ولم يخرجه ولده .

(وهذا لأن الله تعالى يراها حقيرة كما هي) ولذلك لم ينظر إليها منذ خلقها لحقارتها كما ورد ذلك وتقدم في ذم الدنيا (وكل مخلوق فهو بالإضافة إلى جلاله) وكبريائه وعظمته (حقير، والعبد يراها حقيرة في حق نفسه بالإضافة إلى ما هو خير له، ولا يتصور أن يرى بائع الفرس وإن رغب عن فرسه كما يرى حشرات الأرض مثلا لأنه مستغن عن الحشرات أصلا، وليس مستغنيا عن الفرس، والله تعالى غني بذاته عن كل ما سواه، فيرى الكل في درجة واحدة بالإضافة إلى جلاله، ويراه متفاوتا بالإضافة إلى غيره) وفي نسخة: ويراها متفاوتة بالإضافة إلى غيره .




الخدمات العلمية