الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فقد عرفت بهذا أن خوف العارفين من سوء الخاتمة وأن سببه أمور تتقدمه منها البدع .

ومنها المعاصي ومنها النفاق ومتى يخلو العبد عن شيء من جملة ذلك وإن ظن أنه خلا عنه فهو النفاق ، إذ قيل : من أمن النفاق فهو منافق .

وقال بعضهم لبعض العارفين : إني أخاف على نفسي النفاق ، فقال لو كنت منافقا لما خفت النفاق فلا يزال العارف بين الالتفات إلى السابقة والخاتمة خائفا ، منهما ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : العبد المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه ، وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه ، فوالذي نفسي بيده ما بعد الموت من مستعتب ، ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار ، والله المستعان .

التالي السابق


(فقد عرفت بهذا أن خوف العارفين من سوء الخاتمة وأن سببه أمور متقدمة منها البدع ومنها المعاصي ومنها النفاق) وقد يتخوف الخصوص إذا جعلوا سبب البلاء أن يلحقهم منه ذنب وإن لم يكن فيه قصد ولا عليهم منه حكم، من ذلك قول مريم الصديقة: يا ليتني مت قبل هذا، لما جعلت محنة للأمة وعلى ذلك قول عيسى - عليه السلام - لما سئل عن الشفاعة: إني لست هناك إني أخاف; لأني قد عبدت من دون الله تعالى، ومن أعجب ما أضيف إلى العبد فعله مما لا يفعله إلا أنه أجري عليه وجعل مكانا فيه (ومتى يخلو العبد عن شيء من جملة ذلك وإن ظن أنه قد خلا عنه فهو النفاق، إذ قيل: من أمن النفاق فهو منافق) كذا في القوت .

(وقال بعضهم لبعض العارفين: إني أخاف على نفسي النفاق، قال: لو كنت منافقا لما خفت النفاق) ولفظ القوت: جاء رجل إلى حذيفة باكيا قال: هلكت، قال: ما لك؟ قال: إني أخاف النفاق، فقال له: لو كنت منافقا لم تخف النفاق، إن المنافق قد أمن النفاق فجعل خوف النفاق أمنه وحسب الآمن منه علما لوجوده (فلا يزال العارف بين الالتفات إلى السابقة فالخاتمة خائفا منها، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: العبد المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه، فوالذي نفسي بيده ما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار) قال العراقي: رواه البيهقي في الشعب من رواية الحسن [ ص: 234 ] عن رجل من الصحابة، وقد تقدم في ذم الدنيا وذكره ابن المبارك في الزهد بلاغا وذكره صاحب الفردوس من حديث جابر ولم يخرجه ولده في مسند الفردوس. اهـ .

قلت: لفظ ابن المبارك في كتاب الزهد: المؤمن عبد بين مخافتين من ذنب قد مضى لا يدري ما يصنع الله فيه، ومن عمر قد بقي لا يدري ماذا يصيب فيه من المهلكات.




الخدمات العلمية