الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
السادس : أن يغتم لأجل السارق وعصيانه وتعرضه لعذاب الله تعالى ، ويشكر الله تعالى ؛ إذ جعله مظلوما ، ولم يجعله ظالما ، وجعل ذلك نقصا في دنياه لا نقصا في دينه فقد شكا بعض الناس إلى عالم أنه قطع عليه الطريق ، وأخذ ماله ، فقال إن لم يكن لك غم أنه قد صار في المسلمين من يستحل هذا أكثر من غمك بمالك ، فما نصحت للمسلمين .

وسرق من علي بن الفضيل دنانير ، وهو يطوف بالبيت فرآه أبوه وهو يبكي ، ويحزن فقال : أعلى الدنانير تبكي ؟ فقال : لا والله ، ولكن على المسكين أن يسأل يوم القيامة ، ولا تكون له حجة .

وقيل لبعضهم ادع على من ظلمك ، فقال : إني مشغول بالحزن عليه عن الدعاء عليه ، فهذه أخلاق السلف رضي الله عنهم أجمعين .

التالي السابق


(السادس: أن يغتم لأجل السارق وعصيانه وتعرضه لعذاب الله تعالى، ويشكر الله تعالى؛ إذ جعله مظلوما، ولم يجعله ظالما، وجعل ذلك نقصا في دنياه لا نقصا في دينه) ، فقد كانوا يقولون إذا ظلموا من الغصب والسرقة: نعمة الله علينا إذ لم يجعلنا ظالمين، وجعلنا مظلومين أعظم مما فاتنا من الظلامة، (فقد شكا بعض الناس إلى عالم) من العلماء (أنه قطع عليه الطريق، وأخذ ماله، فقال) : يا أخي، (إن لم يكن لك غم أنه قد صار في المسلمين من يستحل هذا أكثر من غمك بمالك، فما نصحت للمسلمين) كذا في القوت، فإن مقتضى النصيحة لهم أن يغتم على ما يصيبهم من التعرض لما يسخط الله عليهم .

(وسرق من علي بن الفضيل) بن عياض قدس سرهما، وكان من الزاهدين كأبيه، ومات قبل أبيه (دنانير، وهو يطوف بالبيت فرآه أبوه) الفضيل بن عياض (وهو يبكي، ويحزن فقال: أعلى الدنيا تبكي؟ فقال: لا والله، ولكن على المسكين أنه يسأل يوم القيامة، ولا تكون له حجة) كذا في القوت، (وقيل لبعضهم) في معنى هذا: (ادع الله على من ظلمك، فقال: إني مشغول بالحزن عليه عن الدعاء عليه، فهذه أخلاق السلف [ ص: 515 ] رضي الله عنهم أجمعين) ، وقد كان أبو سليمان الداراني يقول: إنما البغض لأهل المعاصي عند النظر إليهم عليها، فإذا تفكرت فيما يصيرون إليه من العقوبة دخلت الرحمة لهم القلب.




الخدمات العلمية