الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المهم الرابع أثاث البيت وللزهد فيه أيضا درجات أعلاها حال عيسى المسيح صلوات الله : عليه وسلامه وعلى كل عبد مصطفى إذ كان لا يصحبه إلا مشط وكوز فرأى إنسانا يمشط لحيته بأصابعه فرمى بالمشط ورأى آخر يشرب من النهر بكفيه فرمى بالكوز وهذا حكم كل أثاث فإنه إنما يراد لمقصود فإذا استغنى عنه فهو وبال في الدنيا والآخرة وما لا يستغنى عنه فيقتصر فيه على أقل الدرجات وهو الخزف في كل ما يكفي فيه الخزف ولا يبالي بأن يكون مكسور الطرف إذا كان المقصود يحصل به وأوسطها أن يكون له أثاث بقدر الحاجة صحيح في نفسه ولكن يستعمل الآلة الواحدة في مقاصد كالذي معه قصعة يأكل فيها ويشرب فيها ويحفظ المتاع فيها وكان السلف يستحبون استعمال آلة واحدة في أشياء للتخفيف وأعلاها أن يكون له بعدد كل حاجة آلة من الجنس النازل الخسيس فإن زاد في العدد أو في نفاسة الجنس خرج عن جميع أبواب الزهد وركن إلى طلب الفضول ولينظر إلى سيرة رسول الله : صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة : رضوان الله عليهم أجمعين : فقد قالت عائشة رضي الله عنها : كان ضجاع رسول الله : صلى الله عليه وسلم : الذي ينام عليه وسادة من أدم حشوها ليف .

وقال الفضيل ما كان فراش رسول الله : صلى الله عليه وسلم : إلا عباءة مثنية ووسادة من أدم حشوها ليف .

وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : دخل على رسول الله : صلى الله عليه وسلم : وهو نائم على سرير مرمول بشريط فجلس فرأى أثر الشريط في جنبه عليه السلام فدمعت عينا عمر فقال له النبي : صلى الله عليه وسلم : ما الذي أبكاك يا ابن الخطاب ؟ قال ذكرت كسرى وقيصر وما هما فيه من الملك وذكرتك وأنت حبيب الله وصفيه ورسوله نائم على سرير مرمول بالشريط فقال : صلى الله عليه وسلم : أما ترضى يا عمر أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قال بلى يا رسول الله قال فذلك كذلك ودخل رجل على أبي ذر فجعل يقلب بصره في بيته فقال : يا أبا ذر ما أرى في بيتك متاعا ولا غير ذلك من الأثاث فقال : إن لنا بيتا نوجه إليه صالح متاعنا ، فقال : إنه لا بد لك من متاع ما دمت ههنا ، فقال : إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه ولما قدم عمير بن سعيد أمير حمص على عمر : رضي الله عنهما : قال له : ما معك من الدنيا ؟ فقال : معي عصاي أتوكأ عليها وأقتل بها حية إن لقيتها ومعي جرابي أحمل فيه طعامي ومعي قصعتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي وثوبي .

ومعي مطهرتي أحمل فيها شرابي وطهوري للصلاة ، فما كان بعد هذا من الدنيا فهو تبع لما معي ، فقال عمر : صدقت رحمك الله وقدم رسول الله : صلى الله عليه وسلم : من سفر فدخل على فاطمة رضي الله عنها : فرأى على باب منزلها سترا وفي يديها قلبين من فضة فرجع فدخل عليها أبو رافع وهي تبكي فأخبرته برجوع رسول الله : صلى الله عليه وسلم فسأله أبو رافع فقال : من أجل التستر والسوارين فأرسلت بهما بلالا إلى رسول الله : صلى الله عليه وسلم وقالت : قد تصدقت بهما فضعهما حيث ترى فقال : اذهب فبعه وادفعه إلى أهل الصفة فباع القلبين بدرهمين ونصف وتصدق بهما عليهم فدخل عليها صلى الله عليه وسلم : فقال بأبي أنت قد أحسنت ورأى رسول الله : صلى الله عليه وسلم : على باب عائشة سترا فهتكه .

وقال كلما رأيته ذكرت الدنيا أرسلي به إلى آل فلان
وفرشت له عائشة ذات ليلة فراشا جديدا وقد كان : صلى الله عليه وسلم ينام على عباءة مثنية فما زال يتقلب ليلته فلما أصبح قال لها أعيدي العباءة الخلقة ونحي هذا الفراش عني قد أسهرني الليلة وكذلك أتته دنانير خمسة أو ستة ليلا فبيتها فسهر ليلته حتى أخرجها من آخر الليل .

قالت عائشة رضي الله عنها فنام حينئذ حتى سمعت غطيطه ثم قال : ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده وقال الحسن أدركت سبعين من الأخيار ما لأحدهم إلا ثوبه وما وضع أحدهم بينه وبين الأرض ثوبا قط ، كان إذا أراد النوم باشر الأرض بجسمه وجعل ثوبه فوقه .

التالي السابق


المهم ( الرابع أثاث البيت)

أي: متاعه (وللزهد فيه أيضا درجات أعلاها حال عيسى المسيح - عليه السلام - إذ كان لا يصحبه) منه (إلا مشط وكوز) فالمشط للحيته والكوز لشربه وبينما هو يمشي (فرأى إنسانا) قد غسل وجهه (وهو يمشط لحيته بأصبعه) يخللها به (فرمى بالمشط) إذ رأى الأصابع كافية (ورأى آخر يشرب من النهر بكفيه فرمى بالكوز) إذ رأى كفيه كافية، وصحب زاهد مسواكا فرأى رجلا يتسوك بأصابعه فرمى بالمسواك .

(وهذا حكم كل أثاث فإنه إنما يراد لمقصود فإذا استغنى عنه فإنه وبال في الدنيا والآخرة وما لا يستغنى عنه فيقتصر فيه على أقل الدرجات وهو الخزف في كل ما يكفي فيه الخزف) في آلات الشرب والطبخ والعجن والغسل وغيرها (ولا يبالي بأن يكون مكسور الطرف إذا كان المقصود يحصل به) وذلك في الزهد ولا يتشاءم بالشرب من شربة مكسورة الطرف أو من إبريق كذلك فإنه من الجهل بالسنة [ ص: 364 ] (وأوسطها أن يكون له أثاث بقدر الحاجة صحيح في نفسه ولكن يستعمل الآلة الواحدة في مقاصده كالذي معه قصعة يأكل فيها) الطعام (ويشرب فيها) الماء (ويحفظ المتاع فيها) فهذه ثلاثة مقاصد في آلة واحدة .

(وكان السلف يستحبون استعمال آلة واحدة في أشياء للتخفيف وأعلاه أن يكون له بعدد كل حاجة آلة من الجنس النازل الخسيس فإن زاد في العدد) بأن اتخذ صحنين أو إبريقين أو قطعتين أو قدرين (أو) زاد (في نفاسة الجنس) بأن اتخذ من خزف الصين الساج أو المموه بالنقوش فقد (خرج عن جميع أبواب الزهد) آخرها وأولها (وركن إلى طلب الفضول ولينظر إلى سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسيرة الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - فقد قالت عائشة - رضي الله عنها - كان ضجاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي ينام عليه وسادة من أدم) أي: جلد مدبوغ (حشوها ليف) النخل. قال العراقي: رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح وابن ماجه. انتهى .

قلت: ولفظهم: كانت وسادته التي ينام عليها من أدم حشوها ليف. وكذلك رواه أحمد.

(وقال الفضيل بن عياض) - رحمه الله تعالى - (ما كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا عباءة مثنية وسادة من أدم حشوها ليف) قال العراقي: رواه الترمذي في الشمائل من حديث حفصة بقصة العباءة، وقد تقدم ومن حديث عائشة بقصة الوسادة، وقد تقدم قبله بعض طرقه (وروي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو نائم على سرير) من جريد (مرمول) أي: منسوج (بشريط فجلس) ولفظ القوت (فقعد فرئي أثر) حبال (الشريط في جنبه) - عليه السلام - (فدمعت عينا عمر) ولفظ القوت: فادرت عيني في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما رأيت إلا صاعين من شعير مصبوب في زاوية البيت وأهب في ناحية غير مدبوغة، قال: فلم أملك عيني فبكيت (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما الذي أبكاك يا ابن الخطاب؟) ولفظ القوت: قال: فما يبكيك يا ابن الخطاب؟ (قال) فقلت: (ذكرت كسرى وقيصر وما هما فيه من الملك) ونعيم الدنيا (وذكرتك وأنت حبيب الله وصفيه ورسوله) ولفظ القوت: وأنت رسول الله وخيرته من خلقه على ما أرى (نائم على سرير مرمول بالشريط فقال - صلى الله عليه وسلم -) أفي شك أنت يا عمر (أما ترضى أن تكون لهم) وفي نسخة لهما (الدنيا ولنا الآخرة قال) قلت: (بلى يا رسول الله قال فذلك كذلك) وفي لفظ فقلت: رضيت، وفي لفظ آخر: أولئك قد عجلت لهم طيباتهم في الدنيا، فدل قوله - صلى الله عليه وسلم - : أفي شك أنت، على أن القلة والزهد من اليقين; لأنه ضد الشك فمن شك في ذلك أو رغب فهو غير موقن. قال العراقي: وهو متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب، وقد تقدم .

(ودخل رجل على أبي ذر) - رضي الله عنه - (فجعل يقلب بصره في بيته فقال: يا أبا ذر أرى في بيتك متاعا ولا غير ذلك من الأثاث فقال: إن لنا بيتا نوجه إليه صالح متاعنا، فقال: إنه لا بد لك من متاع ما دمت ههنا، فقال: إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه) وقد روى صاحب الحلية في ترجمة أبي الدرداء نحو هذه القصة عن خالد بن حدير الأسلمي أنه دخل على أبي الدرداء فرأى تحته فراشا من جلد أو صوف، وعليه كساء صوف وسبتية صوف وهو وجع وقد عرق فقال: لو شئت لكسيت مما يبعث به أمير المؤمنين، قال: إن لنا دارا وإنا لنطمئن إليها ولها نعمل. ومن طريق الأوزاعي عن حسان بن عطية أن أصحابا لأبي الدرداء تضيفوه فضيفهم فمنهم من بات على لبدة ومنهم من بات على ثيابه كما هو، فلما أصبح غدا عليهم فعرف ذلك منهم فقال: إن لنا دارا لها نجمع وإليها نرجع.

(ولما قدم عمير بن سعد) بن عبيد بن النعمان بن قيس بن عمرو بن عوف الأنصاري الأوسي هكذا نسبه الواقدي وتبعه ابن عبد البر وكان يقال له: نسيج وحده، قيل: كان عمر يسميه بذلك لإعجابه به، صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهد فتوح الشام واستعمله عمر على حمص إلى أن مات وكان من الزهاد، روى عنه راشد بن سعد وحبيب بن عبيد وابنه عبد الرحمن بن عمير، قال ابن سعد: مات في خلافة عمر وقيل: في خلافة عثمان وقيل: في [ ص: 365 ] خلافة معاوية (وكان أمير حمص) استعمله عمر (على عمر) بن الخطاب (- رضي الله عنهما -) أي: عن عمر وعن عمير (قال له: ما معك من الدنيا؟ فقال: معي عصاي أتوكأ عليها وأقتل بها حية إن لقيتها ومعي جرابي أحمل فيها طعامي ومعي قصعتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي وثوبي ومعي مطهرتي أحمل فيها شرابي ووضوئي للصلاة، فما كان بعد هذا من الدنيا فهو تبع لما معي، فقال عمر: صدقت رحمك الله) .

رواه أبو نعيم في الحلية، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن المرزبان الآدمي، حدثنا محمد بن حكيم الرازي، حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة، حدثني أبي عن جدي عن عمير بن سعد الأنصاري قال: بعثه عمر بن الخطاب عاملا على حمص فمكث حولا لا يأتيه خبره، فقال عمر لكاتبه: اكتب إلى عمير فوالله ما أراه إلا قد خاننا: إذا جاءك كتابي هذا فأقبل وأقبل بما جبيت من فيء المسلمين حين تنظر في كتابي هذا قال فأخذ عمير جرابه فجعل فيه زاده وقصعته وعلق أدواته وأخذ عنزته ثم أقبل يمشي من حمص حتى دخل المدينة، قال فقدم وقد شحب لونه واغبر وجهه وطالت شعرته فدخل على عمر وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله فقال عمر: ما شأنك؟ فقال عمير: ما ترى من شأني ألست تراني صحيح البدن ظاهر الدم معي الدنيا أجرها بقرنها؟ قال: وما معك؟ فظن عمر أنه قد جاء بمال فقال: معي جرابي أجعل فيه زادي وقصعتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي وثيابي وأدواتي أحمل فيها وضوئي وشرابي وعنزتي أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوا إن عرضني، فوالله ما الدنيا إلا تبع لمتاعي، قال عمر: فجئت تمشي؟ قال: نعم، قال: ما كان لك أحد يتبرع لك بدابة تركبها؟ قال: ما فعلوا وما سألتهم ذلك، فقال عمر: بئس المسلمون خرجت من عندهم. فقال عمير: اتق الله يا عمر، قد نهاك الله عن الغيبة وقد رأيتهم يصلون صلاة الغداة .

قال عمر: فأين بعثتك وأي شيء صنعت؟ قال: وما سؤالك يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: سبحان الله، فقال عمير: أما لولا إني أخشى أن أغمك ما أخبرتك بعثتني حتى أتيت البلد فجمعت صلحاء أهلها فوليتهم جباية فيئهم حتى إذا جمعوه وضعته مواضعه ولو نالك منه شيء لأتيتك به، قال: فما جئتنا بشيء؟ قال: لا، قال: جددوا لعمير عهدا، قال: إن ذلك لشيء، لا عملت لك ولا لأحد بعدك. ثم ساق الحديث بطوله، وفيه وفاته بالمدينة وشهود عمر جنازته وقوله: وددت لو أن رجلا مثل عمير بن سعد أستعين به في أعمال المسلمين، وروى الواقدي هذا القول عن عمر ولفظه: وددت لو أن لي رجالا مثل عمير بن سعد أستعين بهم على أعمال المسلمين .

(وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفر فدخل على فاطمة - رضي الله عنها -) وكانت من أول من يدخل عليه من أهله إذا قدم من سفر (فرأى على باب منزلها سترا وفي يديها قلبين من فضة) مثنى قلب بضم فسكون وهو السوار (فرجع) ولم يدخل (فدخل عليها أبو رافع) مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وهي تبكي فأخبرته برجوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وقالت: لأمر ما رجع فقال أنا أسأله ما رده (فسأله أبو رافع فقال: من أجل الستر والسوارين) فأخبرها بذلك فهتكت الستر ونزعت السوارين (فأرسلت بهما بلالا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالت: قد تصدقت بهما فضعهما حيث ترى فقال: اذهب فبعه وادفعه إلى أهل الصفة فباع) بلال (القلبين بدرهمين ونصف وتصدق بهما عليهم فدخل عليها - صلى الله عليه وسلم -) وضمها إليه (فقال بأبي أنت وأمي قد أحسنت) أنت مني كذا في القوت .

وقال في موضع آخر: ونظر - صلى الله عليه وسلم - إلى فاطمة - رضي الله عنها - في عنقها عقد من خرز فيه شيء من ذهب وعلى بابها ستر فرجع ولم يدخل فقال ما لي وللدنيا فنزعت ذلك وأرسلته إلى بعض الفقراء، ورأى - صلى الله عليه وسلم - في يد الحسن والحسين - رضي الله عنهما - قلبين من فضة قد زينتهما بهما فاطمة - رضي الله عنها - فنزعهما وأمر بلالا أن يتصدق بثمنهما على أهل الصفة. وقال العراقي: لم أره مجموعا، ولأبي داود وابن ماجه من حديث سفينة بإسناد جيد أنه - صلى الله عليه وسلم - جاء فوضع يديه على عضادتي الباب فرأى القرام قد ضرب في ناحية البيت فقالت فاطمة لعلي انظر ما أرجعه الحديث وللنسائي من حديث .. بإسناد صحيح قال: جاءت ابنة هبيرة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي يديها فتخ من ذهب. الحديث وفيه أنه وجد في يد فاطمة سلسلة من ذهب وفيه يقول الناس فاطمة بنت محمد في يدها سلسلة من نار، وأنه خرج ولم يقعد فأمرت [ ص: 366 ] بالسلسلة فبيعت فاشترت بثمنها عبدا فأعتقته فلما سمع ذلك، قال: الحمد لله الذي نجا فاطمة من النار. انتهى .

قلت: وروى أبو نعيم في الحلية من طريق شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن علي بن الحسين عن أبي رافع قال: لما ولدت فاطمة حسنا قالت: يا رسول الله ألا أعق عن ابني؟ قال: لا ولكن احلقي رأسه تصدقي بوزن شعره ورقا أو فضة على الأوفاض والمساكين يعني بالأوفاض أهل الصفة.

(ورأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على باب عائشة) - رضي الله عنها - (سترا فهتكه وقال كلما رأيته ذكرت الدنيا أرسلي به إلى آل فلان) وفي القوت: سترا فيه صورة وفيه أني إذا رأيته ذكرت الدنيا، وقال العراقي: رواه الترمذي وحسنه والنسائي في الكبرى من حديثها (وفرشت له عائشة) - رضي الله عنها - (ذات ليلة فراشا جديدا وقد كان - صلى الله عليه وسلم - ينام على عباءة مثنية فما زال يتقلب ليلته فلما أصبح قال لها أعيدي العباءة الخلقة ونحي هذا الفراش عني قد أسهرني الليلة) كذا هو في القوت .

وفي موضع آخر منه: وأهدت لعائشة امرأة فراشا ففرشته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان فراشه عباءة مطوية فلما اضطجع عليها أنكر لينه وتوطئته ووطاءه فسألها فأخبرته فقال ردي العباءة ونحي هذا. انتهى. وقال العراقي: روى أبو الشيخ ابن حيان في كتاب أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديثها قالت: دخلت علي امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عباءة مثنية فانطلقت فبعثت إلي بفراش حشوه صوف، فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ما هذا؟ الحديث، وفيه: أنه أمرها برده ثلاث مرات فردته. وفيه مجالد بن سعيد مختلف فيه، والمعروف حديث حفصة المتقدم ذكره من الشمائل .

(وكذلك أتته دنانير ستة أو خمسة ليلا فبيتها فسهر ليلته حتى أخرجها من آخر الليل قالت عائشة) - رضي الله عنها - (فنام حينئذ حتى سمعت غطيطه ثم قال: ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده) كذا في القوت. قال: وروى الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يبيت عنده مالا ولا يقبله إن جاءه ليلا أو عشاء لم يبيته وإن جاء غدوة لم ينتظر به القابلة. قال العراقي: رواه أحمد من حديث عائشة بإسناد حسن أنه قال في مرضه الذي مات فيه: يا عائشة ما فعلت الذهب؟ فجاءت ما بين الخمسة إلى الثمانية إلى التسعة فجعل يقلبها بيده ويقول ما ظن محمد. الحديث، وفيه رواية: سبعة أو تسعة دنانير، وله من حديث أم سلمة بإسناد صحيح دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ساهم الوجه قالت: فحسبت ذلك من وجع، فقلت: يا نبي الله ما لك ساهم الوجه؟ فقال: من أجل الدنانير السبعة التي أتتنا أمس أمسينا وهي في خصم الفراش، وفي رواية: أمسينا ولم ننفقها.

(وقال الحسن) البصري - رحمه الله تعالى - (أدركت سبعين) رجلا (من الأخيار ما لأحدهم إلا ثوبه وما وضع أحدهم بينه وبين الأرض ثوبا قط، كان إذا أراد النوم باشر الأرض بجسده وجعل ثوبه فوقه) نقله صاحب القوت .




الخدمات العلمية