فإذا انكشف لك أن
nindex.php?page=treesubj&link=28658_29426_34111جميع ما في السماوات والأرض مسخرات على هذا الوجه انصرف عنك الشيطان خائبا وأيس عن مزج توحيدك بهذا الشرك فأتاك في المهلكة الثانية وهي الالتفات إلى اختيار الحيوانات في الأفعال الاختيارية ويقول كيف ترى الكل عن الله وهذا الإنسان يعطيك رزقك باختياره فإن شاء أعطاك وإن شاء قطع عنك وهذا الشخص هو الذي يحز رقبتك بسيفه وهو قادر عليك إن شاء حز رقبتك وإن شاء عفا عنك فكيف لا تخافه ؟ وكيف لا ترجوه ؟ وأمرك بيده وأنت تشاهد ذلك ولا تشك فيه ويقول له أيضا : نعم إن كنت لا ترى القلم لأنه مسخر فكيف لا ترى الكاتب بالقلم وهو المسخر له وعند هذا زل أقدام الأكثرون إلا عباد الله المخلصين الذين لا سلطان عليهم للشيطان اللعين فشاهدوا بنور البصائر كون الكاتب مسخرا مضطرا كما شاهد جميع الضعفاء كون القلم مسخرا وعرفوا أن غلط الضعفاء في ذلك كغلط النملة مثلا لو كانت تدب على الكاغد فترى رأس القلم يسود الكاغد ولم يمتد بصرها إلى اليد والأصابع فضلا عن صاحب اليد فغلطت وظنت أن القلم هو المسود للبياض وذلك لقصور بصرها عن مجاوزة رأس القلم لضيق حدقتها ، فكذلك من لم ينشرح بنور الله تعالى صدره للإسلام قصرت بصيرته عن
nindex.php?page=treesubj&link=33679_31756_28783ملاحظة جبار السموات والأرض ومشاهدة كونه قاهرا وراء الكل . فوقف في الطريق على الكاتب وهو جهل محض ، بل أرباب القلوب والمشاهدات قد أنطق الله تعالى في حقهم كل ذرة في السموات والأرض بقدرته التي بها نطق كل شيء حتى سمعوا تقديسها وتسبيحها لله تعالى وشهادتها على نفسها بالعجز بلسان ذلق تتكلم بلا حرف ولا صوت لا يسمعه الذين هم عن السمع معزولون ولست أعني به السمع الظاهر الذي لا يجاوز بالأصوات فإن الحمار شريك فيه ولا قدر لما يشارك فيه البهائم وإنما أريد به سمعا يدرك به كلام ليس بحرف ولا صوت ولا هو عربي ولا عجمي .
فإن قلت : فهذه أعجوبة لا يقبلها العقل فصف لي كيفية نطقها وأنها كيف نطقت وبماذا نطقت وكيف سبحت وقدست وكيف شهدت على نفسها بالعجز فاعلم أن لكل ذرة في السموات والأرض مع أرباب القلوب مناجاة في السر وذلك مما لا ينحصر ولا يتناهى فإنها كلمات تستمد من بحر كلام الله تعالى الذي لا نهاية له
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر الآية ، ثم إنها تتناجى بأسرار الملك والملكوت وإفشاء السر لؤم بل صدور الأحرار قبور الأسرار وهل رأيت قط أمينا على أسرار ملك قد نوجي بخفاياه فنادى بسره على ملأ من الخلق ولو جاز إفشاء كل سر لنا لما قال : صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=701384لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا بل كان يذكر ذلك لهم حتى يبكون ولا يضحكون .
ولما نهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=28789إفشاء سر القدر ولما قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=939951إذا ذكر النجوم فأمسكوا وإذا ذكر القدر فأمسكوا وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا ولما خص
حذيفة رضي الله عنه ببعض الأسرار فإذا عن حكايات مناجاة ذرات الملك والملكوت لقلوب أرباب المشاهدات مانعان : أحدهما : استحالة إفشاء السر والثاني خروج كلماتها عن الحصر والنهاية ولكنا في المثال الذي كنا فيه وهي حركة القلم .
نحكي من مناجاتها قدرا يسيرا يفهم به على الإجمال كيفية ابتناء التوكل عليه ، ونرد كلماتها إلى الحروف والأصوات وإن لم تكن حروفا وأصواتا ولكن هي ضرورة التفهيم فنقول : قال بعض الناظرين عن مشكاة نور الله تعالى للكاغد وقد رآه اسود وجهه بالحبر ما بال وجهك كان أبيض مشرقا والآن قد ظهر عليه السواد فلم سودت وجهك وما السبب فيه فقال الكاغد : ما أنصفتني في هذه المقالة فإني ، ما سودت وجهي بنفسي ولكن سل الحبر فإنه كان مجموعا في المحبرة التي هي مستقره ووطنه فسافر عن الوطن ونزل بساحة وجهي ظلما وعدوانا فقال صدقت فسأل الحبر عن ذلك فقال : ما أنصفتني فإني كنت في المحبرة وادعا ساكنا عازما على أن لا أبرح منها فاعتدى علي القلم بطمعه الفاسد واختطفني من وطني وأجلاني عن بلادي وفرق جمعي وبدني كما ترى على ساحة بيضاء فالسؤال عليه لا علي فقال صدقت ثم سأل القلم عن السبب في ظلمه وعدوانه وإخراج الحبر من أوطانه فقال : سل اليد والأصابع فإني كنت قصبا نابتا على شط الأنهار متنزها بين خضرة الأشجار فجاءتني اليد بسكين فنحت عني قشري ومزقت عني ثيابي واقتلعتني من أصلي وفصلت بين أنابيبي ثم برتني وشقت رأسي ثم غمستني في سواد الحبر ومرارته وهي تستخدمني وتمشيني على قمة رأسي ولقد نثرت الملح على جرحي بسؤالك وعتابك فتنح عني وسل من قهرني فقال صدقت ثم سأل اليد عن ظلمها وعدولها على القلم واستخدامها له فقالت اليد : ما أنا إلا لحم وعظم ودم وهل رأيت لحما يظلم أو جسما يتحرك بنفسه وإنما أنا مركب مسخر ركبني فارس يقال له القدرة والعزة فهي التي ترددني وتجول بي في نواحي الأرض أما ترى المدر والحجر والشجر لا يتعدى شيئا منها مكانه ولا يتحرك بنفسه إذ ؟ لم يركبه مثل هذا الفارس القوي القاهر أما ترى أيدي الموتى تساويني في صورة اللحم والعظم والدم ثم لا معاملة بينها وبين القلم فأنا أيضا من حيث أنا لا معاملة بيني وبين القلم فسل القدرة عن شأني فإني مركب أزعجني من ركبني . فقال : صدقت ثم سأل القدرة عن شأنها في استعمالها اليد وكثرة استخدامها وترديدها فقالت : دع عنك لومي ومعاتبتي فكم من لائم ملوم وكم من ملوم لا ذنب له وكيف خفي عليك أمري وكيف ظننت أني ظلمت اليد لما ركبتها وقد كنت لها راكبة قبل التحريك وما كنت أحركها ولا أستسخرها بل كنت نائمة ساكنة نوما ظن الظانون بي أني ميتة أو معدومة لأني ما كنت أتحرك ولا أحرك حتى جاءني موكل أزعجني وأرهقني إلى ما تراه مني فكانت لي قوة على مساعدته ولم تكن لي قوة على مخالفته وهذا الموكل يسمى الإرادة ولا أعرفه إلا باسمه وهجومه وصياله إذ أزعجني من غمرة النوم وأرهقني إلى ما كان لي مندوحة عنه لو خلاني ورائي فقال صدقت ، ثم سأل الإرادة ما الذي جرأك على هذه القدرة الساكنة المطمئنة حتى صرفتها إلى التحريك وأرهقتها إليه إرهاقا لم تجد عنه مخلصا ولا مناصا ؟ فقالت الإرادة لا تعجل علي فلعل لنا عذرا وأنت تلوم فإني ما انتهضت بنفسي ولكني انتهضت وما أن انبعثت ولكني بعثت بحكم قاهر وأمر جازم ، وقد كنت ساكنة قبل مجيئه ولكن ورد علي من حضرة القلب رسول العلم على لسان العقل بالإشخاص للقدرة فأشخصتها باضطرار فإني مسكينة مسخرة تحت قهر العلم والعقل ولا أدري بأي جرم وقفت عليه وسخرت له وألزمت طاعته لكني أدري أني في دعة وسكون ما لم يرد علي هذا الوارد القاهر وهذا الحاكم العادل أو الظالم وقد وقفت عليه وقفا وألزمت طاعته إلزاما بل لا يبقى لي معه مهما جزم حكمه طاقة على المخالفة لعمري ما دام هو في التردد مع نفسه والتحير في حكمه فأنا ساكنة لكن مع استشعار وانتظار لحكمه فإذا انجزم حكمه أزعجت بطبع وقهر تحت طاعته وأشخصت القدرة لتقوم بموجب حكمه ، فسل العلم عن شأني ودع عني عتابك .
فإني كما قال القائل :
متى ترحلت عن قوم وقد قدروا أن لا تفارقهم فالراحلون هم
فقال صدقت وأقبل على العلم والعقل والقلب مطالبا لهم ومعاتبا إياهم على استنهاض الإرادة وتسخيرها لأشخاص القدرة ، فقال العقل : أما أنا فسراج ما اشتعلت بنفسي ولكن أشعلت ، وقال القلب : أما أنا فلوح ما انبسطت بنفسي ولكن بسطت ، وقال العلم : أما أنا فنقش نقشت في بياض لوح القلب لما أشرق سراج العقل وما انحططت بنفسي فكم كان هذا اللوح قبل خاليا عني فسل القلم عني لأن الخط لا يكون إلا بالقلم فعند ذلك تتعتع السائل ولم يقنعه جواب وقال قد طال تعبي في هذا الطريق وكثرت منازلتي ولا يزال يحيلني من طمعت في معرفة هذا الأمر منه على غيره ولكني كنت أطيب نفسا بكثرة الترداد لما كنت أسمع كلاما مقبولا لا في الفؤاد وعذرا ظاهرا في دفع السؤال فأما قولك إني خط ونقش وإنما خطني قلم فلست أفهمه فإني لا أعلم قلما إلا من القصب ولا لوحا إلا من الحديد أو الخشب ولا خطا إلا بالحبر ، ولا سراجا إلا من النار وإني لأسمع في هذا المنزل حديث اللوح والسراج والخط والقلم ولا أشاهد من ذلك شيئا أسمع جعجعة ولا أرى طحنا فقال له القلم : إن صدقت فيما قلت : فبضاعتك مزجاة وزادك قليل ومركبك ضعيف واعلم أن المهالك في الطريق التي توجهت إليها كثيرة ، فالصواب لك أن تنصرف وتدع ما أنت فيه فما هذا بعشك فأدرج عنه فكل ميسر لما خلق له وإن كنت راغبا في استتمام الطريق إلى المقصد فألق سمعك وأنت شهيد .
واعلم أن العوالم في طريقك هذا ثلاثة : عالم الملك والشهادة أولها ولقد كان الكاغد والحبر والقلم واليد من هذا العالم وقد جاوزت تلك المنازل على سهولة ، والثاني عالم الملكوت وهو ورائي فإذا جاوزتني انتهيت إلى منازله وفيه المهامه الفيح والجبال الشاهقة والبحار المغرقة ولا أدري كيف تسلم فيها .
فَإِذَا انْكَشَفَ لَكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28658_29426_34111جَمِيعَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مُسَخَّرَاتٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ انْصَرَفَ عَنْكَ الشَّيْطَانُ خَائِبًا وَأَيِسَ عَنْ مَزْجِ تَوْحِيدِكَ بِهَذَا الشِّرْكِ فَأَتَاك فِي الْمَهْلَكَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الِالْتِفَاتُ إِلَى اخْتِيَارِ الْحَيَوَانَاتِ فِي الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَيَقُولُ كَيْفَ تَرَى الْكُلَّ عَنِ اللَّهِ وَهَذَا الْإِنْسَانُ يُعْطِيكَ رِزْقَكَ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاكَ وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ عَنْكَ وَهَذَا الشَّخْصُ هُوَ الَّذِي يَحُزُّ رَقَبَتَكَ بِسَيْفِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْكَ إِنْ شَاءَ حَزَّ رَقَبَتَكَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْكَ فَكَيْفَ لَا تَخَافُهُ ؟ وَكَيْفَ لَا تَرْجُوهُ ؟ وَأَمْرُكَ بِيَدِهِ وَأَنْتَ تُشَاهِدُ ذَلِكَ وَلَا تَشُكُّ فِيهِ وَيَقُولُ لَهُ أَيْضًا : نَعَمْ إِنْ كُنْتَ لَا تَرَى الْقَلَمَ لِأَنَّهُ مُسَخَّرٌ فَكَيْفَ لَا تَرَى الْكَاتِبَ بِالْقَلَمِ وَهُوَ الْمُسَخَّرُ لَهُ وَعِنْدَ هَذَا زَلَّ أَقْدَامُ الْأَكْثَرُونَ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلِصِينَ الَّذِينَ لَا سُلْطَانَ عَلَيْهِمْ لِلشَّيْطَانِ اللَّعِينِ فَشَاهَدُوا بِنُورِ الْبَصَائِرِ كَوْنَ الْكَاتِبِ مُسَخَّرًا مُضْطَرًّا كَمَا شَاهَدَ جَمِيعُ الضُّعَفَاءِ كَوْنَ الْقَلَمِ مُسَخَّرًا وَعَرَفُوا أَنَّ غَلَطَ الضُّعَفَاءِ فِي ذَلِكَ كَغَلَطِ النَّمْلَةِ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ تَدِبُّ عَلَى الْكَاغِدِ فَتَرَى رَأْسَ الْقَلَمِ يُسَوِّدُ الْكَاغِدَ وَلَمْ يَمْتَدَّ بَصَرُهَا إِلَى الْيَدِ وَالْأَصَابِعِ فَضْلًا عَنْ صَاحِبِ الْيَدِ فَغَلِطَتْ وَظَنَّتْ أَنَّ الْقَلَمَ هُوَ الْمُسَوِّدَ لِلْبَيَاضِ وَذَلِكَ لِقُصُورِ بَصَرِهَا عَنْ مُجَاوَزَةِ رَأْسِ الْقَلَمِ لِضِيقِ حَدَقَتِهَا ، فَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَنْشَرِحْ بِنُورِ اللَّهِ تَعَالَى صَدْرُهُ لِلْإِسْلَامِ قَصُرَتْ بَصِيرَتُهُ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=33679_31756_28783مُلَاحَظَةِ جَبَّارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمُشَاهَدَةِ كَوْنِهِ قَاهِرًا وَرَاءَ الْكُلِّ . فَوَقَفَ فِي الطَّرِيقِ عَلَى الْكَاتِبِ وَهُوَ جَهْلٌ مَحْضٌ ، بَلْ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ وَالْمُشَاهَدَاتِ قَدْ أَنْطَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّهِمْ كُلَّ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِقُدْرَتِهِ الَّتِي بِهَا نَطَقَ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى سَمِعُوا تَقْدِيسَهَا وَتَسْبِيحَهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَشَهَادَتَهَا عَلَى نَفْسِهَا بِالْعَجْزِ بِلِسَانٍ ذَلِقٍ تَتَكَلَّمُ بِلَا حَرْفٍ وَلَا صَوْتٍ لَا يَسْمَعُهُ الَّذِينَ هُمْ عَنِ السَّمْعِ مَعْزُولُونَ وَلَسْتُ أَعْنِي بِهِ السَّمْعَ الظَّاهِرَ الَّذِي لَا يُجَاوِزُ بِالْأَصْوَاتِ فَإِنَّ الْحِمَارَ شَرِيكٌ فِيهِ وَلَا قَدْرَ لِمَا يُشَارِكُ فِيهِ الْبَهَائِمُ وَإِنَّمَا أُرِيدُ بِهِ سَمْعًا يُدْرَكُ بِهِ كَلَامٌ لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلَا صَوْتٍ وَلَا هُوَ عَرَبِيٌّ وَلَا عَجَمِيٌّ .
فَإِنْ قُلْتَ : فَهَذِهِ أُعْجُوبَةٌ لَا يَقْبَلُهَا الْعَقْلُ فَصِفْ لِي كَيْفِيَّةَ نُطْقِهَا وَأَنَّهَا كَيْفَ نَطَقَتْ وَبِمَاذَا نَطَقَتْ وَكَيْفَ سَبَّحَتْ وَقَدَّسَتْ وَكَيْفَ شَهِدَتْ عَلَى نَفْسِهَا بِالْعَجْزِ فَاعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَعَ أَرْبَابِ الْقُلُوبِ مُنَاجَاةً فِي السِّرِّ وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْحَصِرُ وَلَا يَتَنَاهَى فَإِنَّهَا كَلِمَاتٌ تُسْتَمَدُّ مِنْ بَحْرِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا نِهَايَةَ لَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ الْآيَةَ ، ثُمَّ إِنَّهَا تَتَنَاجَى بِأَسْرَارِ الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ وَإِفْشَاءُ السِّرِّ لُؤْمٌ بَلْ صُدُورُ الْأَحْرَارِ قُبُورُ الْأَسْرَارِ وَهَلْ رَأَيْتَ قَطُّ أَمِينًا عَلَى أَسْرَارِ مَلِكٍ قَدْ نُوجِيَ بِخَفَايَاهُ فَنَادَى بِسِرِّهِ عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْخَلْقِ وَلَوْ جَازَ إِفْشَاءُ كُلِّ سِرٍّ لَنَا لَمَا قَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=701384لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا بَلْ كَانَ يَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُمْ حَتَّى يَبْكُونَ وَلَا يَضْحَكُونَ .
وَلَمَّا نُهِيَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28789إِفْشَاءِ سِرِّ الْقَدَرِ وَلَمَّا قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=939951إِذَا ذُكِرَ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا وَإِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا وَلَمَّا خَصَّ
حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِبَعْضِ الْأَسْرَارِ فَإِذًا عَنْ حِكَايَاتِ مُنَاجَاةِ ذَرَّاتِ الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ لِقُلُوبِ أَرْبَابِ الْمُشَاهَدَاتِ مَانِعَانِ : أَحَدُهُمَا : اسْتِحَالَةُ إِفْشَاءِ السِّرِّ وَالثَّانِي خُرُوجُ كَلِمَاتِهَا عَنِ الْحَصْرِ وَالنِّهَايَةِ وَلَكِنَّا فِي الْمِثَالِ الَّذِي كُنَّا فِيهِ وَهِيَ حَرَكَةُ الْقَلَمِ .
نَحْكِي مِنْ مُنَاجَاتِهَا قَدْرًا يَسِيرًا يُفْهَمُ بِهِ عَلَى الْإِجْمَالِ كَيْفِيَّةُ ابْتِنَاءِ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ ، وَنَرُدُّ كَلِمَاتِهَا إِلَى الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حُرُوفًا وَأَصْوَاتًا وَلَكِنَّ هِيَ ضَرُورَةُ التَّفْهِيمِ فَنَقُولُ : قَالَ بَعْضُ النَّاظِرِينَ عَنْ مِشْكَاةِ نُورِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْكَاغِدِ وَقَدْ رَآهُ اسْوَدَّ وَجْهُهُ بِالْحِبْرِ مَا بَالُ وَجْهِكَ كَانَ أَبْيَضَ مُشْرِقًا وَالْآنَ قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ السَّوَادُ فَلِمَ سَوَّدْتَ وَجْهَكَ وَمَا السَّبَبُ فِيهِ فَقَالَ الْكَاغِدُ : مَا أَنْصَفْتَنِي فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ فَإِنِّي ، مَا سَوَّدْتُ وَجْهِي بِنَفْسِي وَلَكِنْ سَلِ الْحِبْرَ فَإِنَّهُ كَانَ مَجْمُوعًا فِي الْمِحْبَرَةِ الَّتِي هِيَ مُسْتَقَرُّهُ وَوَطَنُهُ فَسَافَرَ عَنِ الْوَطَنِ وَنَزَلَ بِسَاحَةِ وَجْهِي ظُلْمًا وَعُدْوَانًا فَقَالَ صَدَقْتَ فَسَأَلَ الْحِبْرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : مَا أَنْصَفْتَنِي فَإِنِّي كُنْتُ فِي الْمِحْبَرَةِ وَادِعًا سَاكِنًا عَازِمًا عَلَى أَنْ لَا أَبْرَحَ مِنْهَا فَاعْتَدَى عَلَيَّ الْقَلَمِ بِطَمَعِهِ الْفَاسِدِ وَاخْتَطَفَنِي مِنْ وَطَنِي وَأَجْلَانِي عَنْ بِلَادِي وَفَرَّقَ جَمْعِي وَبَدَنِي كَمَا تَرَى عَلَى سَاحَةٍ بَيْضَاءَ فَالسُّؤَالُ عَلَيْهِ لَا عَلَيَّ فَقَالَ صَدَقْتَ ثُمَّ سَأَلَ الْقَلَمَ عَنِ السَّبَبِ فِي ظُلْمِهِ وَعُدْوَانِهِ وَإِخْرَاجِ الْحِبْرِ مِنْ أَوْطَانِهِ فَقَالَ : سَلِ الْيَدَ وَالْأَصَابِعَ فَإِنِّي كُنْتُ قَصَبًا نَابِتًا عَلَى شَطِّ الْأَنْهَارِ مُتَنَزِّهًا بَيْنَ خُضْرَةِ الْأَشْجَارِ فَجَاءَتْنِي الْيَدُ بِسِكِّينٍ فَنَحَّتْ عَنِّي قِشْرِي وَمَزَّقَتْ عَنِّي ثِيَابِي وَاقْتَلَعَتْنِي مِنْ أَصْلِي وَفَصَلَتْ بَيْنَ أَنَابِيبِي ثُمَّ بَرَتْنِي وَشَقَّتْ رَأْسِي ثُمَّ غَمَسَتْنِي فِي سَوَادِ الْحِبْرِ وَمَرَارَتِهِ وَهِيَ تَسْتَخْدِمُنِي وَتُمْشِينِي عَلَى قِمَّةِ رَأْسِي وَلَقَدْ نَثَرْتُ الْمِلْحَ عَلَى جُرْحِي بِسُؤَالِكَ وَعِتَابِكَ فَتَنَحَّ عَنِّي وَسَلْ مَنْ قَهَرَنِي فَقَالَ صَدَقْتَ ثُمَّ سَأَلَ الْيَدَ عَنْ ظُلْمِهَا وَعُدُولِهَا عَلَى الْقَلَمِ وَاسْتِخْدَامِهَا لَهُ فَقَالَتِ الْيَدُ : مَا أَنَا إِلَّا لَحْمٌ وَعَظْمٌ وَدَمٌ وَهَلْ رَأَيْتَ لَحْمًا يَظْلِمُ أَوْ جِسْمًا يَتَحَرَّكُ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا أَنَا مُرَكَّبٌ مُسَخَّرٌ رَكِبَنِي فَارِسٌ يُقَالُ لَهُ الْقُدْرَةُ وَالْعِزَّةُ فَهِيَ الَّتِي تُرَدِّدُنِي وَتَجُولُ بِي فِي نَوَاحِي الْأَرْضِ أَمَا تَرَى الْمَدَرَ وَالْحَجَرَ وَالشَّجَرَ لَا يَتَعَدَّى شَيْئًا مِنْهَا مَكَانَهُ وَلَا يَتَحَرَّكُ بِنَفْسِهِ إِذْ ؟ لَمْ يَرْكَبْهُ مِثْلُ هَذَا الْفَارِسِ الْقَوِيِّ الْقَاهِرِ أَمَا تَرَى أَيْدِيَ الْمَوْتَى تُسَاوِينِي فِي صُورَةِ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ وَالدَّمِ ثُمَّ لَا مُعَامَلَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقَلَمِ فَأَنَا أَيْضًا مِنْ حَيْثُ أَنَا لَا مُعَامَلَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْقَلَمِ فَسَلِ الْقُدْرَةَ عَنْ شَأْنِي فَإِنِّي مُرَكَّبٌ أَزْعَجَنِي مَنْ رَكِبَنِي . فَقَالَ : صَدَقْتَ ثُمَّ سَأَلَ الْقُدْرَةَ عَنْ شَأْنِهَا فِي اسْتِعْمَالِهَا الْيَدَ وَكَثْرَةِ اسْتِخْدَامِهَا وَتَرْدِيدِهَا فَقَالَتْ : دَعْ عَنْكَ لَوْمِي وَمُعَاتَبَتِي فَكَمْ مِنْ لَائِمٍ مَلُومٌ وَكَمْ مِنْ مَلُومٍ لَا ذَنْبَ لَهُ وَكَيْفَ خَفِيَ عَلَيْكَ أَمْرِي وَكَيْفَ ظَنَنْتَ أَنِّي ظَلَمْتُ الْيَدَ لَمَّا رَكِبْتُهَا وَقَدْ كُنْتُ لَهَا رَاكِبَةً قَبْلَ التَّحْرِيكِ وَمَا كُنْتُ أُحَرِّكُهَا وَلَا أَسْتَسْخِرُهَا بَلْ كُنْتُ نَائِمَةً سَاكِنَةً نَوْمًا ظَنَّ الظَّانُّونَ بِي أَنِّي مَيِّتَةٌ أَوْ مَعْدُومَةٌ لِأَنِّي مَا كُنْتُ أَتَحَرَّكُ وَلَا أُحَرِّكُ حَتَّى جَاءَنِي مُوَكَّلٌ أَزْعَجَنِي وَأَرْهَقَنِي إِلَى مَا تَرَاهُ مِنِّي فَكَانَتْ لِي قُوَّةٌ عَلَى مُسَاعَدَتِهِ وَلَمْ تَكُنْ لِي قُوَّةٌ عَلَى مُخَالَفَتِهِ وَهَذَا الْمُوَكَّلُ يُسَمَّى الْإِرَادَةَ وَلَا أَعْرِفُهُ إِلَّا بِاسْمِهِ وَهُجُومِهِ وَصِيَالِهِ إِذْ أَزْعَجَنِي مِنْ غَمْرَةِ النَّوْمِ وَأَرْهَقَنِي إِلَى مَا كَانَ لِي مَنْدُوحَةٌ عَنْهُ لَوْ خَلَّانِي وَرَائِي فَقَالَ صَدَّقْتِ ، ثُمَّ سَأَلَ الْإِرَادَةَ مَا الَّذِي جَرَّأَكِ عَلَى هَذِهِ الْقُدْرَةِ السَّاكِنَةِ الْمُطْمَئِنَّةِ حَتَّى صَرَفْتِهَا إِلَى التَّحْرِيكِ وَأَرْهَقْتِهَا إِلَيْهِ إِرْهَاقًا لَمْ تَجْدِ عَنْهُ مَخْلَصًا وَلَا مَنَاصًا ؟ فَقَالَتِ الْإِرَادَةُ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ فَلَعَلَّ لَنَا عُذْرًا وَأَنْتَ تَلُومُ فَإِنِّي مَا انْتَهَضْتُ بِنَفْسِي وَلَكِنِّي انْتُهِضْتُ وَمَا أَنِ انْبَعَثْتُ وَلَكِنِّي بُعِثْتُ بِحُكْمٍ قَاهِرٍ وَأَمْرٍ جَازِمٍ ، وَقَدْ كُنْتُ سَاكِنَةً قَبْلَ مَجِيئِهِ وَلَكِنْ وَرَدَ عَلَيَّ مِنْ حَضْرَةِ الْقَلْبِ رَسُولُ الْعِلْمِ عَلَى لِسَانِ الْعَقْلِ بِالْإِشْخَاصِ لِلْقُدْرَةِ فَأَشْخَصْتُهَا بِاضْطِرَارٍ فَإِنِّي مِسْكِينَةٌ مُسَخَّرَةٌ تَحْتَ قَهْرِ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ وَلَا أَدْرِي بِأَيِّ جُرْمٍ وَقَفْتُ عَلَيْهِ وَسُخِّرْتُ لَهُ وَأُلْزِمْتُ طَاعَتَهُ لَكِنِّي أَدْرِي أَنِّي فِي دَعَةٍ وَسُكُونٍ مَا لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ هَذَا الْوَارِدُ الْقَاهِرُ وَهَذَا الْحَاكِمُ الْعَادِلُ أَوِ الظَّالِمُ وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ وَقْفًا وَأُلْزِمْتُ طَاعَتَهُ إِلْزَامًا بَلْ لَا يَبْقَى لِي مَعَهُ مَهْمَا جَزَمَ حُكْمُهُ طَاقَةٌ عَلَى الْمُخَالَفَةِ لَعَمْرِي مَا دَامَ هُوَ فِي التَّرَدُّدِ مَعَ نَفْسِهِ وَالتَّحَيُّرِ فِي حُكْمِهِ فَأَنَا سَاكِنَةٌ لَكِنْ مَعَ اسْتِشْعَارٍ وَانْتِظَارٍ لِحُكْمِهِ فَإِذَا انْجَزَمَ حُكْمُهُ أُزْعِجْتُ بِطَبْعٍ وَقَهْرٍ تَحْتَ طَاعَتِهِ وَأَشْخَصَتِ الْقُدْرَةُ لِتَقُومَ بِمُوجِبِ حُكْمِهِ ، فَسَلِ الْعِلْمَ عَنْ شَأْنِي وَدَعْ عَنِّي عِتَابَكَ .
فَإِنِّي كَمَا قَالَ الْقَائِلُ :
مَتَى تَرَحَّلْتُ عَنْ قَوْمٍ وَقَدْ قَدَرُوا أَنْ لَا تُفَارِقَهُمْ فَالرَّاحِلُونَ هُمُ
فَقَالَ صَدَقْتِ وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ وَالْقَلْبِ مُطَالِبًا لَهُمْ وَمُعَاتِبًا إِيَّاهُمْ عَلَى اسْتِنْهَاضِ الْإِرَادَةِ وَتَسْخِيرِهَا لِأَشْخَاصٍ الْقُدْرَةِ ، فَقَالَ الْعَقْلُ : أَمَّا أَنَا فَسِرَاجٌ مَا اشْتَعَلْتُ بِنَفْسِي وَلَكِنْ أُشْعِلْتُ ، وَقَالَ الْقَلْبُ : أَمَّا أَنَا فَلَوْحٌ مَا انْبَسَطْتُ بِنَفْسِي وَلَكِنْ بُسِطْتُ ، وَقَالَ الْعِلْمُ : أَمَّا أَنَا فَنَقْش نُقِشْتُ فِي بَيَاضِ لَوْحِ الْقَلْبِ لَمَّا أَشْرَقَ سِرَاجُ الْعَقْلِ وَمَا انْحَطَطْتُ بِنَفْسِي فَكَمْ كَانَ هَذَا اللَّوْحُ قَبْلُ خَالِيًا عَنِّي فَسَلِ الْقَلَمَ عَنِّي لِأَنَّ الْخَطَّ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْقَلَمِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَتَعْتَعَ السَّائِلُ وَلَمْ يُقْنِعْهُ جَوَابٌ وَقَالَ قَدْ طَالَ تَعَبِي فِي هَذَا الطَّرِيقِ وَكَثُرَتْ مُنَازَلَتِي وَلَا يَزَالُ يُحِيلُنِي مَنْ طَمِعْتُ فِي مَعْرِفَةِ هَذَا الْأَمْرِ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَكِنِّي كُنْتُ أَطْيَبَ نَفْسًا بِكَثْرَةِ التَّرْدَادِ لَمَّا كُنْتُ أَسْمَعُ كَلَامًا مَقْبُولًا لَا فِي الْفُؤَادِ وَعُذْرًا ظَاهِرًا فِي دَفْعِ السُّؤَالِ فَأَمَّا قَوْلُكَ إِنِّي خَطٌّ وَنَقْشٌ وَإِنَّمَا خَطَّنِي قَلَمٌ فَلَسْتُ أَفْهَمُهُ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ قَلَمًا إِلَّا مِنَ الْقَصَبِ وَلَا لَوْحًا إِلَّا مِنَ الْحَدِيدِ أَوِ الْخَشَبِ وَلَا خَطًّا إِلَّا بِالْحِبْرِ ، وَلَا سِرَاجًا إِلَّا مِنَ النَّارِ وَإِنِّي لَأَسْمَعُ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ حَدِيثَ اللَّوْحِ وَالسِّرَاجِ وَالْخَطِّ وَالْقَلَمِ وَلَا أُشَاهِدُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَسْمَعُ جَعْجَعَةً وَلَا أَرَى طِحْنًا فَقَالَ لَهُ الْقَلَمُ : إِنْ صَدَقْتَ فِيمَا قُلْتَ : فَبِضَاعَتُكَ مُزْجَاةٌ وَزَادُكَ قَلِيلٌ وَمَرْكَبُكَ ضَعِيفٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَهَالِكَ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي تَوَجَّهْتَ إِلَيْهَا كَثِيرَةٌ ، فَالصَّوَابُ لَكَ أَنْ تَنْصَرِفَ وَتَدَعَ مَا أَنْتَ فِيهِ فَمَا هَذَا بِعُشِّكَ فَأَدْرِجْ عَنْهُ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَإِنْ كُنْتَ رَاغِبًا فِي اسْتِتْمَامِ الطَّرِيقِ إِلَى الْمَقْصِدِ فَأَلْقِ سَمْعَكَ وَأَنْتَ شَهِيدٌ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَوَالِمَ فِي طَرِيقِكَ هَذَا ثَلَاثَةٌ : عَالَمُ الْمُلْكِ وَالشَّهَادَةُ أَوَّلُهَا وَلَقَدْ كَانَ الْكَاغِدُ وَالْحِبْرُ وَالْقَلَمُ وَالْيَدُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ وَقَدْ جَاوَزَتْ تِلْكَ الْمَنَازِلَ عَلَى سُهُولَةٍ ، وَالثَّانِي عَالَمُ الْمَلَكُوتِ وَهُوَ وَرَائِي فَإِذَا جَاوَزْتَنِي انْتَهَيْتَ إِلَى مَنَازِلِهِ وَفِيهِ الْمَهَامِهُ الْفِيحُ وَالْجِبَالُ الشَّاهِقَةُ وَالْبِحَارُ الْمُغْرِقَةُ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ تَسْلَمُ فِيهَا .