السبب الثاني أن يكون المريض مشغولا بحاله وبخوف عاقبته واطلاع الله تعالى عليه ، فينسيه ذلك ألم المرض فلا يتفرغ قلبه للتداوي شغلا بحاله وعليه يدل كلام أبي ذر إذ قال إني عنهما مشغول وكلام أبي الدرداء إذ قال إنما : أشتكي ذنوبي ، فكان تألم قلبه خوفا من ذنوبه أكثر من تألم بدنه بالمرض ، ويكون هذا كالمصاب بموت عزيز من أعزته أو كالخائف الذي يحمل إلى ملك من الملوك ليقتل إذا قيل له : ألا تأكل وأنت جائع ؟ فيقول : أنا مشغول عن ألم الجوع فلا يكون ذلك إنكارا لكون الأكل نافعا من الجوع ولا طعنا فيمن أكل ، ويقرب من هذا اشتغال سهل حيث قيل له : ما القوت فقال : هو ذكر الحي القيوم فقيل : إنما سألناك عن القوام فقال : القوام هو العلم قيل : سألناك عن الغذاء ، قال : الغذاء هو الذكر ، قيل : سألناك عن طعمة الجسد قال : ما لك : وللجسد دع من تولاه أولا يتولاه آخرا إذا دخل عليه علة ، فرده إلى صانعه أما رأيت الصنعة إذا عيبت ردوها إلى صانعها حتى يصلحها .


