الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[وقوع حريق في دار المملكة]

وفي عتمة يوم الأحد رابع جمادى الآخرة: وقع الحريق في دار المملكة ، فاحترقت الدار التي استجدها بهروز الخادم ، وكان السبب أن جارية كانت تختضب بالحناء في الليل ، وقد أسندت الشمعة إلى خيش ، فعلقت به النار ، فما تجاسرت أن تنطق فاحترقت الدار ، وكان السلطان نائما على السطح فنزل وهرب إلى سفينة ، ووقف وسط دجلة ، وقيل: إنه مضى إلى دار برنقش الزكوي ، وذهب من الفرش والآلات والأواني واللؤلؤ والجوهر ما يزيد على قيمة ألف ألف دينار ، وغسل غسالون التراب فظفروا بالذهب والحلي سبائك ، ولم يسلم من الدار شيء ولا خشبة واحدة ، وعاد السلطان إلى دار المملكة ، وتقدم ببناء دار له على المسناة المستجدة ، وأن تعمل آزاجا استظهارا ، وأعرض عن الدار التي احترقت ، وقال: إن أبي لم يتمتع بها ولا امتد بقاؤه بعد انتقاله إليها ، وقد ذهبت أموالنا فيها فلا أريد عمارتها ، ومضى الوزير ابن صدقة إليه مهنئا بسلامة نفسه .

[وصول الخبر بحريق جامع أصفهان]

ثم وصل الخبر من أصفهان بعد يومين بحريق جامع أصفهان ، وأن ذلك كان في الليلة السابعة [والعشرين من ربيع الآخر] قبل حريق الدار السلطانية بثمانية أيام ، وهذا جامع كبير أنفقت الأموال في العمارة له ، وكان فيه من المصاحف الثمينة نحو خمسمائة مصحف ، من جملتها مصحف ذكر أنه بخط أبي بن كعب ، واحترقت فيه أخشاب اعترم عليها زائد على ألف ألف دينار ، وورد من أصفهان بعد ذلك القاضي أبو القاسم إسماعيل بن أبي العلاء صاعد بن محمد البخاري ، ويعرف بابن الدانشمنده مدرس الحنفيين ، وجلس في دار السلطان للوعظ في رمضان ، وحضر السلطان وكافة أوليائه ثم اجتمع الشافعيون في دار الخلافة شاكين من هذا الوعظ ، وذكروا أنه تسمح بذكر أصحابهم وغض منهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية