الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

3647 - أحمد بن الحسن بن أحمد بن خيرون ، أبو الفضل الباقلاوي:

ولد لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة ست وأربعمائة ، وسمع الحديث الكثير وكتبه ، وله به معرفة حسنة ، روى عنه أبو بكر الخطيب ، وحدثنا عنه أشياخنا ، وكان من الثقات ، وشهد عند أبي عبد الله الدامغاني ، ثم صار أمينا له ، ثم ولي إشراف خزانة [ ص: 19 ] الغلات ، وتوفي ضحوة يوم الخميس رابع عشر رجب هذه السنة ، ودفن بمقبرة باب حرب .

3648 - تتش بن ألب أرسلان:

قتل في وقعة كانت بينه وبين بركيارق ابن ملك شاه ، وكان وزير تتش أبو المظفر علي بن نظام الملك ، فأسر في الوقعة ، وكان وزير بركيارق أبو بكر عبد الله بن نظام الملك ، فأطلق له أبا المظفر فعزله بركيارق ، واستوزر أبا المظفر .

3649 - حمد بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن مسهرة ، أبو الفضل الحداد الأصبهاني:

سمع خلقا كثيرا ، وقدم بغداد في سنة خمس وثمانين ، فروى "الحلية" عن أبي نعيم وغيره ، وكان أكبر من أخيه أبي علي المعمر ، وكان إماما فاضلا عالما ، صحيح السماع ، محققا في الأخذ . توفي في هذه السنة .

3650 - رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أكينة بن إبراهيم بن عبد الله [بن الهيثم بن عبد الله]:

وكان عبد الله اسمه: عبد اللات ، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله ، وعلمه وأرسله إلى اليمامة والبحرين ليعلمهم أمر دينهم ، وقال: "نزع الله من صدرك وصدر ولدك الغل والغش إلى يوم القيامة" .

[ ص: 20 ]

أنبأنا محمد بن ناصر ، أنبأنا أبو محمد التميمي قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: [سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول]: سمعت علي بن أبي طالب يقول: هتف العلم بالعمل ، فإن أجابه وإلا رحل .

ولد أبو محمد رزق الله سنة أربعمائة ، وقيل: سنة إحدى وأربعمائة ، وقرأ القرآن على أبي الحسن الحمامي ، وقرأ بالقراءات السبع ، وسمع أبا عمر بن مهدي ، وابن البادا وابني بشران ، وأبا علي بن شاذان ، وخلقا كثيرا ، وأخذ الفقه عن القاضي أبي علي بن أبي موسى الهاشمي ، وشهد عند أبي عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا قاضي القضاة في يوم السبت النصف من شعبان هذه السنة ، ولم يزل شاهدا إلى أن ولي قضاء القضاة أبو عبد الله الدامغاني بعد موت ابن ماكولا ، [فترك الشهادة] ترفعا عن أن يشهد عنده ، فلم يخرج له ، فجاء قاضي القضاة إليه مستدعيا لمودته وشهادته عنده ، فلم يخرج له عن موضعه ، ولم يصحبه مقصوده .

وكان قد اجتمع للتميمي القرآن ، والفقه ، والحديث ، والأدب ، والوعظ ، وكان جميل الصورة ، فوقع له القبول بين الخواص والعوام ، وجعله الخليفة رسولا إلى السلطان في مهام الدولة ، وله الحلقة في الفقه والفتوى والوعظ بجامع المنصور .

فلما انتقل إلى باب المراتب كانت له حلقة في جامع القصر ، يروي فيها الحديث ويفتي ، وكان يجلس فيها شيخنا ابن ناصر ، وكان يمضي في السنة أربع دفعات في رجب ، وشعبان ، وعرفة ، وعاشوراء ، إلى مقبرة الإمام أحمد ، ويعقد هناك مجلسا للوعظ .

حدثنا عنه أشياخنا ، وقال ابن عقيل: كان سيد الجماعة من أصحاب أحمد يمنا ورياسة وحشمة أبو محمد التميمي ، وكان أحلى الناس عبارة في النظر ، وأجرأهم قلما في الفتيا ، وأحسنهم وعظا .

أنشدنا ابن ناصر ، قال: أنشدنا أبو محمد التميمي لنفسه:

[ ص: 21 ]


أفق يا فؤادي من غرامك واستمع مقالة محزون عليك شفيق     علقت فتاة قلبها متعلق
بغيرك فاستوثقت غير وثيق     فأصبحت موثوقا وراحت طليقة
فكم بين موثوق وبين طليق

وتوفي ليلة الثلاثاء خامس عشر جمادى الأولى من هذه السنة ، وصلى عليه ابنه أبو الفضل عبد الواحد ، ودفن في داره بباب المراتب بإذن المستظهر ، ولم يدفن بها أحد قبله ، ثم توفي ابنه أبو الفضل سنة إحدى وتسعين ، فنقل معه والده إلى مقبرة باب حرب ، ودفن إلى جانب أبيه وجده وعمه بدكة الإمام أحمد عن يمينه .

3651 - عبد السلام بن محمد بن يوسف بن بندار ، أبو يوسف القزويني:

أحد شيوخ المعتزلة المجاهرين بالمذهب الدعاة ، قرأ على عبد الجبار الهمذاني ، ورحل إلى مصر وأقام بها أربعين سنة ، وحصل أحمالا من الكتب ، فحملها إلى بغداد ، وكان قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني يكرمه ويقوم له ، وروى الحديث ببغداد عن أبي عمر بن مهدي ، وفسر القرآن في سبعمائة مجلد ، وجمع فيه العجب ، حتى أنه ذكر قوله تعالى: واتبعوا ما تتلو الشياطين [2: 102] في مجلد .

قال ابن عقيل: كان رجلا طويل اللسان ، يعلم تارة ويسفه أخرى ، ولم يكن محققا في علم ، وكان يفتخر ويقول: أنا معتزلي ، وكان ذلك جهلا منه؛ لأنه يخاطر بدمه في مذهب لا يساوي .

قال: وبلغني عنه أنه لما وكل به الأتراك مطالبة بما اتهموه به من إيداع بني جهير الوزراء عنده أموالا ، قيل له: ادع الله . فقال: ما لله في هذا شيء ، هذا فعل الظلمة .

قال ابن عقيل: هذا قول خرف؛ لأنه إن قصد بذلك التعديل ونفي الجور فقد [ ص: 22 ] أخرج الله سبحانه وتعالى عن التقدير ، ثم هب أنه ليس هو المقدر لذلك أليس بقادر على المنع والدفع؟!

قال شيخنا أبو بكر بن عبد الباقي: دخل أبو يوسف على نظام الملك وعنده أبو محمد التميمي ورجل آخر أشعري ، فقال له: أيها الصدر ، قد اجتمع عندك رؤوس أهل النار . فقال: كيف؟ فقال: أنا معتزلي وهذا مشبه ، وذاك أشعري ، وبعضنا يكفر بعضا .

توفي أبو يوسف في ذي القعدة من هذه السنة [وقد بلغ ستا وتسعين سنة] ، وما تزوج إلا في آخر عمره ، ودفن بمقبرة الخيزران قريبا من أبي حنيفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية