الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3652 - محمد بن حسين بن عبد الله بن إبراهيم ، أبو شجاع الوزير ابن الوزير الروذراوري الأصل -بلدة من ناحية همذان- أهوازي المولد .

الوزير ابن الوزير؛ لأن أبا يعلى الحسين كاتبه القائم وهو بالأهواز بوزارته ، وخاطبه بها فوصله الكتاب يستدعي له وهو ميت ، وكان أبو شجاع قد قرأ الفقه والعربية ، وسمع الحديث من جماعة منهم: أبو إسحاق الشيرازي ، وصنف كتبا منها كتابه الذي ذيله على "تجارب الأمم" ووزر للمقتدي سليما من طمع ، وكان يملك حينئذ عينا ستمائة ألف دينار ، فأنفقها في الخيرات والصدقات .

وقال أبو جعفر بن الخرقي: كنت أنا من أحد عشر يتولون إخراج صدقاته ، فحسبت ما خرج على يدي فكان مائة ألف دينار ، ووقف الوقوف ، وبنى المساجد ، وأكثر الإنعام على الأرامل واليتامى ، وكان يبيع الخطوط الحسنة ، ويتصدق بثمنها ويقول:

[ ص: 23 ]

أحب الأشياء إلي الدينار والخط الحسن ، فأنا أخرج لله محبوبي . ووقع مرض في زمانه ، فبعث إلى جميع أصقاع البلد أنواع الأشربة والأدوية ، وكان يخرج العشر من جميع أمواله النباتية على اختلاف أنواعه ، وعرضت عليه رقعة من بعض الصالحين يذكر فيها: أن امرأة معها أربعة أطفال أيتام ، وهم عراة جياع . فقال للرجل: امض الآن إليهم ، واحمل معك ما يصلحهم ، ثم خلع أثوابه وقال: والله لا لبستها ولا دفئت حتى تعود وتخبرني أنك كسوتهم وأشبعتهم ، فمضى وعاد فأخبره وهو يرعد من البرد .

حكى حاجبه الخاص به قال: [استدعاني ليلة ، وقال:] إني أمرت بعمل قطائف ، فلما حضر بين يدي ذكرت نفوسا تشتهيه فلا تقدر عليه ، فنغص ذلك علي أكله ، ولم أذق منه شيئا ، فاحمل هذه الصحون إلى أقوام فقراء ، فحملها الفراشون معه ، وجعل يطرق أبواب المساجد بباب المراتب ، ويدفع ذلك إلى الأضراء المجاورين بها .

وكان يبالغ في التواضع ، حتى ترك الاحتجاب فيكلم المرأة والطفل ، وأوطأ العوام والصالحين مجلسه ، وكان يحضر الفقهاء الديوان في كل مشكل ، وكانوا إذا أفتوا في حق شخص بوجوب حق القصاص عليه سأل أولياء الدم أخذ شيء من ماله وأن يعفوا ، فإن فعلوا وإلا أمر بالقصاص ، وأعطى ذلك المال ورثة المقتول الثاني .

ولقد جرت منه عصبية مرة في ليل الغيم فأمر ابن الخرقي المحتسب أن يجلس بباب النوبي ويكرم الناس بالإفطار ، وأحضر أطباقا فيها لوز وسكر ، وبعث إلى أبي إسحاق الخزاز بباب المراتب ليمنعه من صلاة التراويح تلك الليلة فلم يمتنع ذلك ، وقرأ أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى [96: 9 -10] فعدد في هذا الشهر أن صام الناس ثمانية وعشرين يوما فأسقط في يده وذبح البقر ، وتصدق بصدقات وافرة ، وعاهد الله سبحانه أن لا يتعصب في الفروع أبدا .

وفي زمانه أسقطت المكوس ، وألبس أهل الذمة الغيار ، وتقدم إلى ابن [ ص: 24 ] الخرقي المحتسب أن يؤدب كل من فتح دكانه يوم الجمعة ويغلقه يوم السبت من البزازين وغيرهم ، وقال: هذه مشاركة لليهود في حفظ سبتهم .

وكان قد سمع أن النفاطين والكلابزية يقفون على دكاكين المتعيشين ، فيأخذون منهم كل أسبوع شيئا ، فنفذ من يمنعهم من الاجتياز بهم . وحج في وزارته سنة ثمانين ، فبذل في طريقه الزاد والأدوية ، وعم أهل الحرمين بصدقات ، وساوى الفقراء في إقامة المناسك والتعبد ، وكانت به وسوسة في الطهارة .

قال المصنف رحمه الله: ونقلت من خط أبي الوفاء بن عقيل أنه كتب إليه لأجل وسوسته: أما بعد ، فإن أجل محصول عند العقلاء بإجماع الفقهاء الوقت ، فهو غنيمة ينتهز فيها الفرص ، والتكاليف كثيره ، والأوقات خاطفة ، وأقل متعبد به الماء ، ومن اطلع على أسرار الشريعة علم قدر التخفيف ، فمن ذلك قوله: "صبوا على بول الأعرابي ذنوبا من ماء" وقوله في المني: "أمطه عنك بإذخرة" وقوله في الخف: "طهوره أن تدلكه بالأرض" وفي ذيل المرأة: "يطهره ما بعده" وقوله عليه السلام: "يغسل بول الجارية وينضح بول الغلام" وكان يحمل بنت أبي العاص في الصلاة ، ونهى الراعي عن إعلام السائل له عن الماء ، وما يرده وقال: "ائت لنا طهورا" وقال: "يا صاحب البراز لا تخبره" .

فإن خطر بالبال نوع احتياط في الطهارة كالاحتياط في غيرها من مراعاة الإطالة وغيبوبة الشمس والزكاة ، فإنه يفوت من الأعمار ما لا يفي به الاحتياط في الماء ، الذي أصله الطهارة ، وقد صافح رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعراب ، وركب الحمار ، وما عرف من خلقه التعبد بكثرة الماء الذي أصله الطهارة ، وقد توضأ من سقاية المسجد ، ومعلوم حال الأعراب الذين بان من أحدهم الإقدام على البول في المسجد ، وتوضأ من جرة نصرانية ، وما احترز تعليما لنا وتشريعا وإعلاما أن الماء على أصل الطهارة ، وتوضأ من [ ص: 25 ] غدير كان ماؤه نقاعة الحناء .

فأما قوله: "تنزهوا من البول" فإن للتنزه حدا معلوما ، فأما الاستشعار فإنه إذا علق نما وانقطع الوقت بما لا يقتضي بمثله الشرع .

قال ابن عقيل: كان الوزير أبو شجاع كثير البر للخلق ، كثير التلطف بهم ، فقدم من الحج وقد اتفق نفور العوام نفورا أريقت فيها الدماء ، وانبسط حتى هجموا على الديوان ، وبطشوا بالأبواب والستور ، فخرج من الخليفة إنكار عليه ، وأمره أن يلبس أخلاق السياسة لتنحسم مادة الفساد ، فأدب وضرب وبطش ، فانبسطت فيه الألسنة بأنواع التهم ، حتى قال قوم: ها هو إسماعيلي ، وهبط عندهم ما تقدم من إحسانه .

قال ابن عقيل: فقلت لنفسي: أفلس من الناس كل الإفلاس ، ولا تثق بهم ، فمن يقدر على إحسان هذا إليهم وهذه أقوالهم عنه؟!

قال ابن عقيل: وقد رأيت أكثر أعمال الناس لا يقع إلا للناس إلا من عصم الله من ذاك ، إني رأيت في زمن أبي يوسف كثيرا من أهل القرآن والمنكرون لإكرام أصحاب عبد الصمد ، وكثر متفقهة الحنابلة ، ومات فاختل ذلك ، فاتفق ابن جهير ، فرأيت من كان يتقرب إلى الشيخ بالصلاح يتقرب إلى ابن جهير برفع أخبار العاملين ، ثم جاءت دولة النظام ، فعظم الأشعرية ، فرأيت من كان يتسخط علي بنفي التشبيه غلوا في مذهب أحمد ، وكان يظهر بغضي يعود [علي] بالغمض على الحنابلة ، وصار كلامه ككلام رافضي وصل إلى مشهد الحسين فأمن وباح ، ورأيت كثيرا من أصحاب المذاهب انتقلوا ونافقوا ، وتوثق بمذهب الأشعري والشافعي طمعا في العز والجرايات ، ثم رأيت الوزير أبا شجاع يدين بحب الصلحاء والزهاد ، فانقطع البطالون إلى المساجد ، وتعمد خلق للزهد ، فلما افتقدت ذلك قلت لنفسي: هل حظيت من هذا الافتقاد بشيء ينفعك؟ فقالت البصيرة: نعم ، استفدت أن الثقة خيبة ، فالغنى بهم إفلاس ، وليس ينبغي أن يعول على غير الله .

[ ص: 26 ]

قال المصنف: ولما عزل الوزير أبو شجاع خرج إلى الجامع [يوم الجمعة] فانثالت عليه العامة تصافحه وتدعو له ، فكان ذلك سببا لالتزامه بيته ، والإنكار على من صحبه ، وبنى في دهليز داره مسجدا وكان يؤذن ويصلي فيه ، ثم وردت كتب نظام الملك بإخراجه من بغداد ، فأخرج إلى بلده ، [فأقام مدة] ، ثم استأذن في الحج فأذن له فخرج .

قال أبو الحسن [بن] عبد السلام: اجتمعت به في المدينة فقبل يدي فأعظمت ذلك ، فقال لي: قد كنت تفعل هذا بي فأحببت أن أكافئك . وجاور بالمدينة ، فلما مرض مرض الموت حمل إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ، فوقف بالحضرة وبكى وقال: يا رسول الله ، قال الله عز وجل: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما [4: 64] وقد جئت معترفا بذنوبي وجرائمي أرجو شفاعتك ، وبكى .

وتوفي من يومه ودفن بالبقيع عند قبر إبراهيم عليه السلام بعد أن صلي عليه بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وزور به الحضرة ، وذلك في منتصف جمادى الآخرة من هذه السنة ، وهو ابن إحدى وخمسين سنة ، وكان له شعر حسن ، فمنه قوله:


ما كان بالإحسان أولاكم لو زرتم من [كان] يهواكم     أحباب قلبي ما لكم والجفا
ومن بهذا الهجر أغراكم     ما ضركم لو عدتم مدنفا
ممرضا من بعد قتلاكم     أنكرتمونا مذ عهدناكم
وخنتمونا مذ حفظناكم     لا نظرت عيني سوى شخصكم
ولا أطاع القلب إلاكم     جرتم وخنتم وتحاملتم
على المعنى في قضاياكم     يا قوم ما أخونكم في الهوى
وما على الهجران أجراكم

[ ص: 27 ]

حولوا وجوروا وأنصفوا أو اعدلوا     في كل حال لا عدمناكم
ما كان أغناني عن المشتكى     إلى نجوم الليل لولاكم
سلوا حداة العيس هل أوردت     ماء سوى دمعي مطاياكم
أو فاسألوا طيفكم هل رأى     طرفي أغفى بعد مسراكم
أحاول النوم عسى أنني     في مستلذ النوم ألقاكم
ما آن أن تقضوا غريما لكم     يخشاكم أن يتقاضاكم
يستنشق الريح إذا ما جرت     من نحو نجد أين مسراكم

وله أيضا:


لو أنكم عاينتم بعد مسراكم     وقوفي على الأطلال أندب مغناكم
أنادي وعيني قد تفيض بذكراكم     أيا خلتي لم أبعد البين مرماكم
ولم غبتم عن ناظري بعد رؤياكم     ولم نعب البين المشت وأقصاكم

3653 - محمد بن المظفر بن بكران الحموي الشامي:

ولد سنة أربعمائة ، وحج في سنة سبع عشرة وأربعمائة ، وتفقه ببلده بعد حجه ، ثم قدم إلى بغداد فتفقه على أبي الطيب الطبري ، وسمع من أبي القاسم بن بشران ، وغيره ، وشهد عند قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني في ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين ، وزكاه القاضي أبو يعلى بن الفراء ، وأبو الحسن بن السمناني ، وناب عنه في القضاء بربع المدينة .

حدثنا عنه أشياخنا ، وكان حسن الطريقة ، خشن الأخلاق وفيه حدة ، وكان ثقة عفيفا نزها ، لا يقبل من سلطان عطية ، ولا من صديق هدية ، ولازم مسجدا بقطيعة [أم] الربيع ، يؤم أهله ، ويدرس ، ويقرأ عليه الحديث زائدا على خمس وخمسين سنة ، ولما مات أبو عبد الله الدامغاني أشار به الوزير أبو شجاع على المقتدي [ ص: 28 ] فقلده قضاء القضاة في رمضان سنة ثمان وسبعين ، وخلع عليه ، وقرئ عهده ولم يرتزق على القضاء شيئا ، ولم يغير ملبسه ومأكله وأحواله قبل القضاء ، وكان يتولى القضاء بنفسه ، ولا يستنيب أحدا ، ولا يحابي مخلوقا ، فلما أقام الحق نفرت عنه قلوب المبطلين ، ولفقوا له معايب لم يلصق به منها شيء ، وكان غاية تأثيرها أنه سخط عليه الخليفة ، ومنع الشهود من إتيان مجلسه ، وأشاع عزله ، فقال: لم يطرأ علي فسق أستحق به العزل . فبقي كذلك سنتين وشهورا ، وأذن لأبي عبد الله محمد بن عبيد الله الدامغاني في سماع البينة ، فنفذ من العسكر بأن الخبر قد وصل إلينا أن الديوان قد استغنى عن ابن بكران ، ونحن بنا حاجة إليه ، فيسرح إلينا ، فوقع الإمساك عنه ، ثم صلح رأي الخليفة فيه ، وأذن للشهود في العود إلى مجلسه ، فاستقامت أموره ، وحمل إليه يهودي جحد مسلما ثيابا ادعاها عليه ، فأمر ببطحه وضربه فعوقب فأقر ، فعاقبه الوزير أبو شجاع على ذلك ، واغتنم أعداؤه الفرصة في ذلك ، فصنف أبو بكر الشاشي كتابا في الرد عليه سماه: "الرد على من حكم بالفراسة وحققها بالضرب والعقوبة" وقد ذكر أن الذي فعله له وجه ومستند من كلام الشافعي .

قال المصنف: نقلت من خط أبي الوفاء بن عقيل قال: أخذ قوم يعيبون على الشامي ويقولون: كان يقضي بالفراسة ويواقعه ، قال: فضرب كرديا حتى أقر بمال أخذه غصبا ، وكان ضربه بجريدة من نخلة داره ، فقلت: أعرف دينه وأمانته ، ما كان ذلك بالفراسة ، لكن بأمارات ، وإذا تأملتم الشرع وجدتم أنه يجوز التعويل على مثلها ، فإنه إذا رأى صاحب كلالجات ورعونة يقال: إنه رجم سطحا لأجل طائر ، فكسر جرة ، وكان عنده خبر أنه يلعب بالطيور ، فقال: بل هذا الشيخ رجم . وقد ذهب مالك إلى التوصل إلى الإقرار بما يراه الحاكم على ما حكاه بعض الفقهاء ، وذلك يستند إلى قوله: إن كان قميصه قد من قبل [12: 26] ومن حكمنا بعقد الأزج ، وكثرة الخشب ، ومعاقد القمط ، وما يصلح للمرأة وما يصلح للرجل ، والدباغ والعطار إذا تخاصما في جلد ، وهل اللوث في القسامة؟ إلى نحو هذا .

[ ص: 29 ]

وحمل يوما إلى دار السلطان ليحكم في حادثة ، فشهد عنده المشطب بن محمد بن أسامة الفرغاني الإمام ، وكان فقيها من فحول المناظرين ، فرد شهادته [فقال: ما أدري لأي علة رد شهادتي؟] فقال الشامي: قولوا له: كنت أظن أنك عالم فاسق ، والآن أنت جاهل فاسق ، أما تعلم أنك تفسق باستعمال الذهب؟ وكان يلبس خاتم الذهب والحرير .

وادعى عنده بعض الأتراك على رجل شيئا فقال: ألك بينة؟ قال: نعم . قال: من؟ قال: فلان والمشطب . فقال: لا أقبل شهادته؛ لأنه يلبس الحرير . فقال التركي: السلطان ملك شاه ووزيره نظام الملك يلبسان الحرير! فقال الشامي: ولو شهدا عندي في باقة بقل ما قبلت شهادتهما .

توفي الشامي يوم الثلاثاء عاشر شعبان هذه السنة ، ودفن بتربة له عند قبر أبي العباس بن سريج على باب قطيعة الفقهاء من الكرخ .

3654 - محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن حميد ، أبو عبد الله الحميدي الأندلسي:

من أهل المغرب ، من جزيرة يقال لها ميرقة ، قريبة من الأندلس ، ولد قبل العشرين وأربعمائة ، وسمع ببلده الكثير ، وبمصر ، وبمكة ، وبالشام ، وورد بغداد فسمع من أصحاب الدارقطني وابن شاهين ، وكان حافظا دينا نزها عفيفا ، كتب من مصنفات ابن حزم الكثير ، وكتب تصانيف الخطيب ، وصنف فأحسن ، ووقف كتبه على طلبه العلم ، فنفع الله بها ، حدثنا عنه أشياخنا .

وتوفي ليلة الثلاثاء سابع عشر ذي الحجة ، ودفن بمقبرة باب أبرز ، ثم نقل في [ ص: 30 ] صفر سنة إحدى وتسعين إلى باب حرب ، فدفن في دكة بشر الحافي .

3655 - هبة الله بن علي بن عقيل ، أبو منصور بن أبي الوفاء:

ولد في ذي الحجة سنة أربع وسبعين ، وتوفي وهو ابن أربع عشرة سنة ، وكان قد حفظ القرآن وتفقه ، وظهر منه أشياء تدل على عقل غزير ودين عظيم ، وكان هذا الصبي قد طال مرضه ، وأنفق عليه أبوه مالا في المرض وبالغ ، قرأت بخط أبيه أبي الوفاء قال:

قال لي ابني لما تقارب أجله: يا سيدي قد أنفقت وبالغت في الأدوية والطب والأدعية ، ولله سبحانه في اختيار ، فدعني مع اختيار الله ، قال: فوالله [ما] أنطق الله سبحانه ولدي بهذه المقالة التي تشاكل قول إسحاق لإبراهيم افعل ما تؤمر [37: 102] إلا وقد اختار الله له الحظوة .

[ ص: 31 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية