الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

3689 - أحمد بن عبد الوهاب بن الشيرازي ، أبو منصور الواعظ:

تفقه على أبي إسحاق ، ورزق في الوعظ قبولا .

وتوفي في شعبان هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب .

3690 - أحمد بن محمد بن عمر بن محمد ، أبو القاسم ، المعروف بابن الباغبان:

من أهل أصبهان ، سمع الحديث الكثير تحت ضر شديد ، وكان رجلا صالحا .

وتوفي في شعبان هذه السنة .

3691 - أحمد بن أحمد بن الحسن ، أبو البقاء الوكيل:

[ ص: 56 ]

كان وكيلا بين يدي أبي عبد الله الدامغاني ، وقد سمع من ابن النقور ، والصريفيني وأبي بكر الخطيب ، وكان يضرب به المثل في الدهاء والحذق في صناعته .

وتوفي قبل أوان الرواية في هذه السنة .

3692 - الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة ، أبو عبد الله النعالي:

سمع أبا سعيد الماليني ، وأبا الحسين بن بشران في آخرين ، وعاش تسعين سنة ، فاحتاج الناس إلى إسناده مع خلوه من العلم ، حدثنا عنه أشياخنا . وتوفي في صفر هذه السنة ، ودفن بمقبرة جامع المنصور .

3693 - سلمان بن أبي طالب عبد الله بن محمد الفتي ، أبو عبد الله الحلواني ، والد الحسن بن سلمان الفقيه الذي درس في النظامية ببغداد:

سمع أبا الطيب الطبري ، وأبا طالب بن غيلان ، وأبا محمد الجوهري ، وغيرهم ، وحدث وكان له معرفة تامة باللغة والأدب ، قرأ على الثمانيني ، وغيره ، وقال الشعر ، ونزل أصبهان فقرأ عليه أكثر أئمتها وفضلائها الأدب ، وكان جميل الطريقة .

وتوفي في هذه السنة بأصبهان .

3694 - سعد الدولة الكوهرائين:

وكان من الخدم الأتراك الذين ملكهم أبو كاليجار بن سلطان الدولة من بهاء الدولة بن عضد الدولة ، وانتقل إليه من امرأة ، وكان الكوهرائين بعد إقبال الدنيا عليه ومسير الجيوش تحت ركابه يقصد مولاته ، ويسلم عليها ، ويستعرض حوائجها ، وبعث به أبو كاليجار مع ابنه أبي نصر إلى بغداد ، فاعتقل طغرلبك أبا نصر ، ولم يبرح معه [ ص: 57 ] الكوهرائين ، ومضى معه إلى القلعة ، فلما توفي خدم الكوهرائين [ألب أ]رسلان ووقاه بنفسه لما جرحه يوسف ، فلم يغن عنه .

فلما ملك جلال الدولة ملك شاه جاء إلى بغداد في رسالة ، وجلس له القائم بأمر الله في صفر سنة ست وستين ، وأعطاه عهد جلال الدولة ، وأقطعه ملك شاه واسط ، وكان قد جعل إليه الشحنكية ببغداد ، ثم قبل ذلك نال دنيا واسعة ، فرأى ما لم يره خادم يقاربه من نفوذ الأمر ، وكمال القدرة والجاه وطاعة العسكر ، ولم ينقل أنه مرض ولا صدع ، ونال مراده في كل عدو له ، وذكر أنه لم يجلس إلا على وضوء ، وكان يصلي بالليل ولا يستعين على وضوئه بأحد ، ولا يعلم أنه صادر أحدا ولا ظلمه ، إلا أنه كان يعمل رأيه في قتل من لا يجوز قتله من اللصوص ويمثل بهم ، ويزعم أن ذلك سياسة ، ولما اختصم محمد وبركيارق كان مع بركيارق ، فكبا به الفرس فسقط وعليه سلاحه فقتل ، ثم حمل إلى بغداد فدفن بها في الجانب الشرقي ، وتربته مقابل رباط أبي النجيب .

3695 - عبد الرزاق الصوفي الغزنوي:

كان مقيما في رباط عتاب ، وكان خيرا ، يحج سنين على التجريد ، واحتضر وقد قارب مائة سنة ولا كفن له ، فقالت له زوجته وهو يجود بنفسه: إنك تفتضح إذا لم يوجد لك كفن . فقال لها: لو وجد كفن لافتضحت .

ومات في هذه السنة .

3696 - أبو الحسن البسطامي شيخ رباط ابن المحلبان:

وكان لا يلبس إلا الصوف شتاء وصيفا ، وكان يحترم ويقصد ، فخلف مالا مدفونا يزيد على أربعة آلاف دينار ، وكان عبد الرزاق على ما ذكرنا ، فتعجب الناس من تفاوت حاليهما وكلاهما شيخ رباط .

3697 - عبد الباقي بن حمزة بن الحسين ، أبو الفضل الحداد القرشي:

[ ص: 58 ] سمع من الجوهري وغيره ، وكان له يد في الفرائض والحساب ، وكان شيخنا أبو الفضل ابن ناصر يثني عليه ويوثقه ، وتوفي في شعبان هذه السنة .

3698 - عبد الصمد بن علي بن الحسين ابن البدن ، أبو القاسم:

من أهل نهر القلائين ، والد شيخنا عبد الخالق . قال شيخنا عبد الوهاب الأنماطي: كان شيخ المحملة يضرب ويعاقب ، ولكنه كان سنيا .

توفي يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادى الأولى ، ودفن في داره بنهر القلائين .

3699 - عبد الملك بن محمد بن الحسن ، أبو سعد السامري .

سمع الحديث من ابن النقور ، وابن المهتدي ، والزينبي ، وغيرهم ، وحدث ببغداد ، وشهد عند أبي عبد الله الدامغاني في سنة خمس وستين ، وكان حجاجا ، وإليه كسوة الكعبة ، وعمارة الحرمين ، والنظر في المارستانين العضدي ، والعتيق ، والجوامع بمدينة السلام ، والجسر ، والترب بالرصافة ، وكان كثير الصدقة ، ظاهر المعروف ، وافر التجمل ، مستحسن الصورة ، كامل الظرف ، روى عنه أشياخنا ، وآخر من روى عنه شهدة بنت الإبري .

وتوفي في رجب هذه السنة ، ودفن بمقبرة الخيزران عند قبر أبي حنيفة .

3700 - عبد القاهر بن عبد السلام بن علي أبو الفضل العباسي .

من أهل مكة ، وكان نقيب الهاشميين بها ، وكان من خيارهم ، ومن ذوي الهيئات النبلاء ، سمع الحديث بمكة ، واستوطن بغداد ، وأقرأ بها ، وكان قيما بالقراءات ، فقرأ عليه من مشايخنا أبو محمد ، وأبو الكرم ابن الشهرزوري .

وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة . [ ص: 59 ]

3701 - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبدوس بن كامل ، أبو الحسين الدلال ، ويعرف بالزعفراني:

سمع أبا بكر النقاش ، والشافعي ، روى عنه أبو القاسم التنوخي ، وكان ثقة ، وأخذ الفقه عن أبي بكر الرازي .

3702 - محمد بن علي بن الحسين بن جداء ، أبو بكر العكبري:

كان من العلماء الصالحين ، نزل يتوضأ في دجلة فغرق في ربيع الأول من هذه السنة .

3703 - محمد بن جعفر بن طريف البجلي الكوفي ، أبو غالب .

سمع أبا الحسين ابن قدوية وغيره ، وسماعه صحيح ، وهو ثقة ، روى عنه شيوخنا ، وتوفي يوم الثلاثاء العشرين من جمادى الآخرة .

3704 - محمد بن محمد بن محمد بن جهير الوزير ، أبو منصور بن أبي نصر ، الوزير بن الوزير ، الملقب عميد الدولة .

كان حسن التدبير ، كافيا في مهمات الخطوب ، كثير الحلم ، لم يعرف أنه عجل على أحد بمكروه ، وقرأ الأحاديث على المشايخ ، وكان كثير الصدقات ، يجيز العلماء ، ويثابر على صلاتهم ، ولما احتضر القائم أوصى المقتدي بابن جهير ، وخصه بالذكر [ ص: 60 ] الجميل ، فقال: يا بني ، قد استوزرت ابن المسلمة ، وابن دارست ، وغيرهما ، فما رأيت مثل ابن جهير .

وكان عميد الدولة قد خدم ثلاثة خلفاء ، ووزر لاثنين منهم ، تقلد وزارة المقتدي في صفر سنة اثنتين وسبعين فبقي فيها خمس سنين ، ثم عزل بالوزير أبي شجاع ، ثم عاد بعد عزل أبي شجاع في سنة أربع وثمانين ، فلم يزل إلى أن مات المقتدي ، ثم دبر المستظهر التدبير الحسن ثماني سنين وأحد عشر شهرا وأربعة أيام .

وكان عيبه عند الناس الكبر ، وكانت كلمه معدودة ، فإذا كلم شخصا قام ذلك مقام بلوغ الأمل ، حتى أنه قال يوما لولد أبي نصر بن الصباغ: اشتغل وادأب ، وإلا كنت صباغا بغير أب ، فلما نهض المقول له ذلك من مجلسه هنأه الناس بهذه العناية .

ثم آل أمره إلى أن قبض عليه وحبس في باطن دار الخلافة ، فأخرج من محبسه ميتا في شوال ، فحمل إلى داره فغسل بها ، ودفن في التربة التي استجدها في قراح ابن رزين ، وكان فيها قبور جماعة من ولده ، ومنع أصحاب الديوان دفنه ، وأخذوا الفتاوى بجواز بيع تربته؛ لأنه لم يثبت البينة بأنه وقفها ، ولم يتم لهم ذلك .

3705 - محمد بن صدقة بن مزيد ، أبو المكارم ، الملقب بعز الدولة ، وأبوه سيف الدولة:

كان ذكيا شجاعا ، فتوفي ، وجلس الوزير عميد الدولة في داره للعزاء به ثلاثة أيام ، للصهر الذي كان بينهما ، وخرج إليه في اليوم الثالث توقيع يتضمن التعزية له والأمر بالعود إلى الديوان ، فعزاه قائما ، وخرج قاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني إلى حلة سيف الدولة برسالة من دار الخلافة تتضمن التعزية لأبيه ، واتفق في مرضه أنه أتى أبوه بديوان أبي نصر بن نباتة ، فبصر في توقيع قصيدة ، قال يعزي سيف الدولة أبا الحسن علي بن حمدان ويرثي ابنه أبا المكارم محمدا ، فأخذ من حضره المجلدة من [ ص: 61 ] يده ، وأطبقه ، فعاد وأخذه وفتحه وخرج ذلك ، وأراه قصيدة ابن نباتة التي يقول فيها:


فإن بميافارقين حفيرة تركنا عليها ناظر الجود داميا     وحاشاك سيف الدولة اليوم أن ترى
من الصبر خلوا أو إلى الحزن ظاميا     ولما عدمنا الصبر بعد محمد
أتينا أباه نستعيد التعازيا



3706 - يحيى بن عيسى بن جزلة ، أبو علي الطبيب:

كان نصرانيا ، فلازم أبا علي بن الوليد ليقرأ عليه المنطق ، فلم يزل أبو علي بن الوليد يدعوه إلى الإسلام ، ويذكر له الدلالات الواضحة ، والبراهين البينة حتى أسلم ، واستخدمه أبو عبد الله الدامغاني في كتب السجلات ، وكان يطبب أهل محلته وسائر معارفه بغير أجرة ، بل احتسابا ، وربما حمل إليهم الأدوية بغير عوض ، ووقف كتبه قبل وفاته ، وجعلها في مسجد أبي حنيفة .

[ ص: 62 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية