الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[خلع على اثنين وعشرين أميرا من السلاحية]

وفي ربيع الآخر: خلع على اثنين وعشرين أميرا من السلاحية ، ثم تواترت الأخبار بتغير مسعود التغير الكلي ، وجمع العساكر وأن قصده بغداد فبعث الخليفة إلى بكبه فوعد بالمجيء ، وصل دبيس إلى حلوان ومعه عسكر قد تقدمهم مسعود في المقدمة ، وجمع مسعود العساكر وأقطعهم البلاد والعراق وعزم على المجيء إلى بغداد وتجهز ، فلما سمع الخليفة ذلك بعث مقدمته إلى المرج ، وهم الجاولي شحنة بغداد وكجبه وأرغش ، وجماعة من السلاحية في ألفين وخمسمائة فارس ، وقال: تقيمون هناك وتحفظون الطريق إلى أن أصل إليكم ، وبعث إلى زنكي وكان على باب دمشق قد حاصرها لما قتل تاج الملوك وولي أخوه وكان صغيرا فطمع فيهم زنكي ، فبعثوا إلى الخليفة حملا كثيرا ، وخطا بخمسين ألف دينار ، وقالوا: ادفع عنا زنكي ونحن نحمل هذا في كل عام ، فبعث إليه تنح عنهم واخطب للصبي وتعال معه إلى العراق حتى أخطب له ونتساعد على مسعود ، فقال: السمع والطاعة ، وخطب للصبي .

وأما حديث مسعود: فإن عمه سنجر بعث بخادم يقول له: هؤلاء الأمراء الذين معك ، وهم: البازدار ، وابن برسق ، وقزل ، وبرنقش ما يتركونك تبلغ غرضا لأنهم عليك لا معك ، وهم الذين أفسدوا أمر أخيك طغرل ، فإذا وقفت على المكتوب فابعث إلى رءوسهم ، فأطلعهم على المكاتبة ، وقال: لو أردت بكم سوءا لفعلت ، فقبلوا الأرض ، وقالوا الآن علمنا أنك صافي القلب لنا ، فابعث دبيسا في المقدمة فلما انفصلوا عنه قالوا ما وراء هذا خير فيجب أن نمضي إلى أمير المؤمنين فإن له في رقابنا عهدا ، وهذا عقد به الغدر ، فكتبوا إلى أمير المؤمنين إنا قد انفصلنا عن مسعود ، ونحن في بلاد ابن برسق ، فإن كان لك نية في الخروج فاخرج فنحن في يديك ، وإلا فاخطب لبعض أولاد السلاطين ، ونفذ به حتى نكون معه فأجابهم: كونوا على ما أنتم عليه فأنا صائر إليكم وتجهز للخروج وبعث سديد الدولة إليهم يطيب قلوبهم ويعدهم بالإقطاع ويخبرهم أنه في أثره ، فلما سمع مسعود بذلك رحل في جريدة ليكبسهم فانهزموا من بين يديه يطلبون العراق ، فأخذ أموالهم ونهب البلاد وسبقهم سديد الدولة إلى بغداد مخبرا بالحال ، فاعتد بالإقامة والتحف والأموال ليتلقاهم . [ ص: 294 ]

ووقعت زلزلة شديدة ثلاث مرات ببغداد في جمادى الآخرة وقت الضحى حتى تحركت الجدران .

فلما كان يوم السبت حادي عشر رجب تقدم أمير المؤمنين إلى أصحابه بالخروج ، وأخرج نوبتيته فضربها عند الثريا وأخرج أصحاب المراتب خيمهم وانزعج أهل بغداد .

وعاد دبيس إلى مسعود فأخبره بخروج المقدمة وبما الناس عليه ، فبعث معه خمسة آلاف فارس لينكبسوا على المقدمة فأتوا على غفلة فأخذوا خيلهم وأموالهم فأقبلوا عراة ودخلوا بغداد يوم الخميس سادس عشر رجب ، فعرج بهم إلى دار السلطان وحملت لهم الفروش والأواني والإقامة ، وبكر الأمراء الكبار فجاءوا في دجلة إلى بيت النوبة فأكرموا وخلع عليهم الخلع السنية ، وأطلق لهم ثمانون ألف دينار والبرك التام ، ووعد بإعادة ما مضى منهم .

وفي هذا اليوم: قطعت خطبة مسعود ، وخطب لسنجر ، وداود ، واستفتي الفقهاء فيما يقابل به مسعود على أفعاله فأفتوا بعزله وقتاله [فلما كان يوم الأحد أخرج الكوس والعلم والرحل] ، فلما كان يوم الاثنين خرج أمير المؤمنين من باب البشرى ، وركب في الماء ونزل الناس بالسفن وأحاط بالسفينة التي فيها أمير المؤمنين الأمراء والخدم بالسيوف المجذبة ، وكان في سفينة البازدار على صدر السفينة بيده سيف مجذوب وقزل بين يديه بسيف مجذوب والجاولي وإقبال والخواص ، وصعد عند الدكة فركب ومشى الناس كلهم بين يديه إلى أن دخل السرادق ، وكان قريبا من فرسخ لأنه كان عند رءوس الحيطان ، وكان العوام يضجون بالدعاء ويقربون منه ، فإذا هم الغلمان بمنعهم نهاهم أمير المؤمنين عن المنع ، ثم رحل يوم الخميس ثامن شعبان في سبعة آلاف فارس ، وكان مسعود بهمذان في نحو ألف وخمسمائة فارس ، وكان أصحاب الأطراف يكاتبون أمير المؤمنين ويبذلون له طاعتهم فتريث في طريقه فاستصلح مسعود أكثرهم حتى صار في نحو خمسة عشر ألفا ، وتسلل جماعة من أصحاب المسترشد فبقي في نحو من خمسة آلاف ، ونفذ إليه زنكي نجدة فلم تلحق ، وأرسل داود بن محمود

[ ص: 295 ]

وهو بأذربيجان رسلا يشير بالميل إلى دينور ليوافي داود وابن محمد الخدمة ، فلم يفعل المسترشد .

وضرب المصاف يوم الاثنين عاشر رمضان ، فلما التقى الجمعان هرب جميع العسكر الذين كانوا مع المسترشد ، وكان ميمنته البازدار ، وقزل ، ونور الدولة شحنة همذان ، فحملوا على عسكر مسعود فهزمهم ثلاث فراسخ ، ثم عادوا فرأوا الميسرة قد غدرت ، فأخذ كل واحد منهم طريقا وأسر المسترشد وأصحابه ، وأخذ ما كان معه من الأموال ، وكانت صناديق المال على سبعين بغلا أربعة آلاف ألف دينار ، وكان الرحل على خمسة آلاف جمل وأربعمائة بغل ، وكان معه عشرة آلاف عمامة وبركان وعشرة آلاف قباء وجبة ودراعة ، وعشرة آلاف قلنسوة مذهبة ، وثلاثة آلاف ثوب رومي وممزوج ومعنبر ودبيقي ومضى من الناس ما قدروه بعشرة آلاف دينار سوى الخيل والأثاث ، ونادى مسعود في عسكره المال لكم والدم لي فمن قتل أقدته ، ولم يقتل بين الصفين سوى خمسة أنفس غلطا ، ونادى من أقام بعد الوقعة من أصحاب الخليفة ضربت عنقه ، فهرب الناس فأخذوا بين الجبال أخذتهم التركمان والأكراد ، ومنهم من أفلت عريانا ، فوصلوا إلى بغداد وقد تشققت أرجلهم من الجبال والصخور ، وبقي الخليفة في الأسر ، فأما وزيره ابن طراد وصاحب مخزنه ابن طلحة ، وقاضي القضاة الزينبي ونقيب الطالبيين وابن الأنباري فإنه بعث بهم إلى القلعة وبعث ببكبه شحنة إلى بغداد ومعه كتاب الخليفة إلى أستاذ الدار ، يقول فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والحمد لله رب العالمين ليعتمد الحسن بن جهير مراعاة الرعية والاشتمال عليهم وحمايتهم وكف الأذى عنهم ، فقد ظهر من الولد غياث الدنيا والدين متع الله به في الخدمة ما صدق به الخدمة فليجتمع ، وكاتب الزمام وكاتب المخزن على إخراج العمال إلى نواحي الخاص لحراستها فقد ندب من الجناب الغياثي هذا شحنة لذلك وليهتم بكسوة الكعبة فنحن في أثر هذا المكتوب إن شاء الله . [ ص: 296 ]

فلما كان يوم عيد الفطر نفر أهل بغداد ووثبوا على الخطيب وكسروا المنبر والشباك ومنعوا من الخطبة ، وخرجوا إلى الأسواق يحثون على رءوسهم التراب ويبكون ويصرخون ، فاقتتل أصحاب الشحنة والعوام ، وخرج النساء حاسرات يندبن في الأسواق وتحت التاج ، وكان الشحنة قد عزم أن يجوز في الأسواق ، فاجتمع العوام على رجمه وهاشوا فاقتتل أصحاب الشحنة والعوام ، فقتل من العوام مائة وثلاثة وخمسون ، وهرب أبو الكرم الوالي ، وحاجب الباب إلى دار خاتون ، ورمى أصحاب الشحنة الأبواب الحديد التي على السور ، وفتحوا فيه فتحات ، وأشرفت بغداد على النهب ، فنادى الشحنة: لا ينزل أحد في دار أحد ولا يؤخذ من أحد شيء ، وإنما جئنا لنصلح ، وأن السلطان سائر إلى العراق بين يدي أمير المؤمنين وعلى كتفه الغاشية ، فسكن الناس وطلب السلطان من أمير المؤمنين نظر الخادم فأنفذ فأطلقه وبعثه إليه ، واختلف الأراجيف ، فقوم يقولون: إن السلطان ينتظر جواب عمه سنجر ، وقوم يقولون: يصل عن قليل ، وقوم يقولون: إن داود قد عزم على قتال مسعود واستنقاذ الخليفة منه فسار مسعود إلى داود إلى باب مراغة وأخذ الخليفة معه .

وزلزلت بغداد مرارا لا أحصيها ، وكان مبتدأ الزلازل يوم الخميس حادي عشر شوال ، فزلزلت يومئذ ست مرات ودامت كل يوم خمس مرات أو ست مرات إلى ليلة الجمعة سابع عشرين شوال ، ثم ارتجت يوم الثلاثاء النصف من الليل حتى تفرقعت السقوف ، وانتثرت الحيطان ، وكنت في ذلك الزمان صبيا ، وكان نومي ثقيلا لا أنتبه إلا بعد الانتباه الكثير فارتج السقف تحتي وكنت نائما في السطح رجة شديدة حتى انتبهت منزعجا ، ولم تزل الأرض تميد من نصف الليل إلى الفجر والناس يستغيثون .

ثم إن الشحنة والعميد عطلا دار الضرب وعملا دار ضرب عندهم بسوق العميد ودار الشحنة ، وقبضوا على ابن طوق عامل الجاولي ونفذوا إلى ابن الحاجب ضامن العقار ، فقالوا: تجبي العقار وتسلمه إلينا ، وقبضوا على ابن الصائغ متولي التركات الحشرية ، وقالوا: نريد ما حصل عندك من التركات ، وعوقوا قرى ولي العهد وختموا على غلاتها . فأفتك ذلك منهم بستمائة دينار حتى أطلقوها ، وجاء تمر كثير للخليفة فبيع [ ص: 297 ] فأخذ العميد والشحنة الثمن ، وتفاقم الأمر واستسلم الناس وانقطع خبر العسكر .

فلما كان يوم الثلاثاء مستهل ذي القعدة وصل خمسمائة وعشرون ركابيا معهم خط أمير المؤمنين إلى ولي العهد بوصول رسول سنجر إلى مسعود يقول فيه:

"ساعة وقوف الولد العزيز غياث الدنيا والدين مسعود على هذا المكتوب يدخل على أمير المؤمنين أعز الله أنصاره ويقبل الأرض بين يديه ويقف ويسأله العفو عنه والصفح عن جرمه وإقدامه ويتنصل غاية التنصل ، فإنه قد ظهرت عندنا من الآثار السمائية والأرضية ما لا طاقة لنا بسماع مثلها دون المشاهد من الرياح العواصف والبروق الخواطف وتزلزل الأرض ودوام ذلك عشرين يوما ، وتشويش العساكر وانقلاب البلدان ، ولقد خفت على نفسي من جانب الله تعالى وظهور آياته وجانب المخلوقين والعساكر وتغيرهم علي ، وامتناع الناس من الصلاة في الجوامع ، وكسر المنابر ، ومنع الخطباء ما لا طاقة لي بحملها ، فالله الله تتلافى أمرك وتحقن دم المسلمين ، وتعيد أمير المؤمنين إلى مستقر عزه ، وتسلم إليه دبيسا ليرى فيه رأيه ، فإنه هو الذي أحوج أمير المؤمنين إلى هذا وأحوجنا أيضا نحن إلى مثل هذا ، وعجل ولا تتأخر وتعمل له البرك وتنصب له السرادق وتضرب له التخت وتحمل له الغاشية بين يديه أنت وجميع الأمراء كما جرت عادتنا وعادة آبائنا في خدمة هذا البيت" .

فلما وقف على هذا المكتوب نفذ بالوزير شرف الدين أنوشروان ومعه نظر ، فاستأذنا له فأذن له فدخل وقبل الأرض بين يديه [ووقف ] معتذرا متنصلا يسأل العفو والصفح عن جرمه ، وأمير المؤمنين مطرق ساعة ، ثم رفع رأسه فقال: قد عفي عن ذنبك فاسكن إلى ذلك وطب نفسا ، وكان قد ضرب له السرادق فضرب له فيه سدة عالية ليجلس عليها ، فقدم له فرسا لم يكن عند مسعود من خيل أمير المؤمنين اللاتي أخذت سواه ، وأقسم أنني لم يصل عندي من خيل أمير المؤمنين سواه ، وسأله الركوب إلى السرادق الذي قد ضرب له ، فنهض وركب وسار وبين الموضعين نصف فرسخ ومسعود [ ص: 298 ] بين يديه على كتفه الغاشية يحملها ويده في يازكة اللجام ، وجميع الأمراء يمشون بين يديه إلى أن دخل السرادق وجلس على التخت الذي ضرب له ، ووقف السلطان بين يديه والأمراء زمنا طويلا ، ثم إنه تقدم بالجلوس فأبى ، ثم سأل أمير المؤمنين أن يشفعه في دبيس فأجابه إلى ذلك ، فجاءوا به مكتوفا بين أربعة أمراء اثنان من جانب واثنان من جانب واثنان من جانب ويداه مكتوفتان ، ومع أحد الموكلين سيف مجذوب ، وبيد الآخر شقة بيضاء فرموا به بين يدي السرير ، وألقى السيف والشقة البيضاء عليه ، وقالوا: كذا أمرنا أن نفعل به .

فقال مسعود: يا أمير المؤمنين هذا هو السبب الموجب لما جرى بيننا ، فإذا زال السبب زال الخلاف ، وهو الآن بين يديك فمهما تأمر يفعل به . وهو يتضرع ويبكي بين يدي السرير ، ويقول: العفو عند المقدرة ، وأنا أقل من هذه الحال ، فعفا عنه ، وقال: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وتقدم بحل يديه وسأل دبيس السلطان [أن ] ينعم عليه أمير المؤمنين بتقبيل يده فأخذها وقبلها وأمرها على صدره ووجهه ونحره ، وقال: يا أمير المؤمنين بقرابتك من رسول الله إلا ما عفوت عني وتركتني أعيش في الدنيا عيشا هنيئا فإن الذل والخوف منك قد أخذ مني بالحظ الأوفر ، فأجابه إلى ذلك .

وأما بكبه الشحنة فإنه أقام رجالا لنقض سور بغداد ، وقال: قد ورد منشور بذلك فنقضت مواضع كثيرة ، وكلف أهل الجانب الغربي الاجتماع على نقضه ، وقال: أنتم عمرتموه بفرح فانقضوه كذلك ، وضربت لهم الدبادب وجعلوه طريقا لهم ، وأعادوا الباب الحديد الذي أخذ من جامع المنصور إلى مكانه .

فلما أهل هلال ذي القعدة وصل رسول من سنجر يستحث مسعودا على إعادة الخليفة إلى بغداد ووصل معه عسكر عظيم ووصل معه سبعة عشر من الباطنية ، فذكر بعض الناس أنه ما علم أنهم معه ، والظاهر خلاف ذلك وأنهم دبروا في قتله وأفردوا خيمة من خيمهم ، فخرج السلطان ومعه العسكر ليلقى الرسول فهجمت الباطنية على أمير [ ص: 299 ] المؤمنين فضربوه بالسكاكين إلى أن قتلوه وقتلوا معه جماعة من أصحابه ، منهم أبو عبد الله بن سكينة ، وذلك في يوم الخميس سابع عشر ذي القعدة فركب العسكر وأحاط بالسرادق ، وخرج القوم وقد فرغوا فقتلوا ، وقيل إنهم أحرقوا ، وجلس السلطان ، للعزاء ووقع النحيب والبكاء ، وكان ذلك على باب مراغة ، وغطى بسندسه إلى أن دفن بمراغة .

ووصل الخبر إلى بغداد ليلة السبت سادس عشرين من الشهر فاحترس الراشد وقبض على جماعة من أهله وإخوته ، فوقع البكاء والنحيب وأغلق البلد ، وكشطت البواري التي على باب النوبي ، ونقض بعض دكة حاجب الباب ، وأحضر الناس طول الليلة للمبايعة ، وبات أستاذ الدار ابن جهير وصاحب الديوان أبو الرضا وحاجب الباب ابن الحاجب في صحن السلام ، وكان الانزعاج في الدار طول الليل ، فلما أصبحوا وقع البكاء والنحيب في البلد ، وخرج الرجال حفاة مخرقين الثياب والنساء منشرات الشعور يلطمن ، وينظمن الأشعار التي من عادتهن قول مثلها في أحيان اللطم ، وأشعار النساء البغداديات اللاتي ينظمنها في وقت اللطم طريفة المعنى ، وإن كانت على غير صواب اللفظ ، وكان مما لطمن به أن قلن:


يا صاحب القضيب ونور الخاتم صار الحريم بعد قتلك مأتم     اهتزت الدنيا ومن عليها
بعد النبي ومن ولي عليها     قد صاحت البومة على السرادق
يا سيدي ذا كان في السوابق     ترى تراك العين في حريمك
والطرحة السودا على كريمك

وقعد الناس للعزاء في الديوان ثلاثة أيام ، وتولى ذلك ناصح الدولة ابن جهير وأبو الرضا صاحب الديوان ، وحاجب الباب ابن الصاحب .

فلما كان في اليوم الثالث تقدم إلى الناس أن يعبروا بباب المسنية ويلبسوا ثياب الهناء ويحضروا البيعة بباب الحجرة ، فحضروا يوم الاثنين سابع عشرين ذي القعدة . [ ص: 300 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية