الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[خروج السلطان محمود من بغداد]

وفي يوم الأربعاء غرة ربيع الأول: خرج السلطان محمود من بغداد وكان مقامه بها سنة وسبعة أشهر وخمسة عشر يوما ، ثم نودي في يوم الجمعة ثالث ربيع الأول بإسقاط المكوس والضرائب وما وضع على الباعة من قبل السلطان ، ثم استدعى البرسقي إلى باب الحجرة ، وفووض في أمر دبيس ، فقابل ذلك بالسمع والطاعة ، فخلع عليه وتوجه إلى صرصر ، واقترح أن يخرج معه ابن صدقة ، فاعتذر الخليفة بأن مهام الخدمة منوطة به ، وأخرج عوضه أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم ابن الأنباري سديد الدولة ، ونودي في الحريم أنه متى أقام جندي ولم يخرج للقتال فقد برئت منه الذمة ، وعبر دبيس ونفذ إلى البرسقي يقول له: قد أغنيتك عن العبور وصرت معك على أرض واحدة ، وظفر [ ص: 205 ] الأتراك بثلاثين رجلا من السواد [ية يريدون أن] يفجروا نهرا فقتلهم الأتراك ، ثم تصاف العسكران يوم الخميس سلخ ربيع الأول فأجلت الوقعة عن هزيمة البرسقي ، فقد كان في خمسة آلاف فارس نصفهم لابس ، وكان عسكر دبيس في خمسة آلاف فارس بأسلحة ناقصة ، وعدد مقصرة إلا أن رجالته كانت كثيرة ، وكان سبب هزيمة البرسقي أنه رأى في الميسرة خللا ، فأمر بحط خيمته لتنصب عندهم ليشجعهم بذلك وكان ذلك ضلة من الرأي ، لأنهم لما رأوا الخيمة قد حطت أشفقوا فانهزموا ، وكان الحر شديدا فهلكت البراذين والهمالج عطشا وترقب الناس من دبيس بعد هذا ما يؤذي فلم يفعل ، وأحسن السيرة فيما يرجع إلى أعمال الوكلاء ، وراسل الخليفة بالتلطف ، وتقررت قواعد الصلح واستقر إنفاذ قاضي القضاة الزينبي ليحلف سيف الدولة على المستقر فعله بعد الصلاح ، فاستعفي فأعفي ونص على أبي العباس ابن الرطبي فخرج مع ناصح الدولة أبي عبد الله الحسين ابن جهير وتبعهما إقبال الخادم ، وعادوا إلى الحلة ، فقصدوا وقت دخولهم دار الوزير ابن صدقة ليوهموه خلاف ما هم عليه من تقرر الأحوال على عزله ، فلم يخف عليه ولا على الناس ، وعرف أن التقريرات استقرت بينهم عليه وانزعج وكان كل واحد من دبيس وابن صدقة معلنا بعداوة الآخر ، فبكر ابن صدقة إلى الديوان على عادته ، وجلس في الموكب ، وكان يوم الخميس ، وخرج جواب ما أنهى ثم استدعي إلى مكان وكل به فيه ، ونهبت داره التي كان يسكنها بباب العامة ودور حواشيه وأتباعه ، وقبض على حواشيه وعلى عز الدولة أبي المكارم ابن المطلب ، ثم أفرج عنه ورد إليه ديوان الزمام بعد ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية