الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة

فمن الحوادث فيها:

[أخذ الإفرنج بيت المقدس وقتل سبعين ألف مسلم]

أخذ الإفرنج بيت المقدس في يوم الجمعة ثالث عشر شعبان ، وقتلوا فيه زائدا على سبعين ألف مسلم ، وأخذوا من عند الصخرة نيفا وأربعين قنديلا فضة ، كل قنديل وزنه ثلاثة آلاف وستمائة درهم ، وأخذوا تنور فضة وزنه أربعون رطلا بالشامي ، وأخذوا نيفا وعشرين قنديلا من ذهب ، ومن الثياب وغيره ما لا يحصى ، وورد المستنفرون من بلاد الشام ، وأخبروا بما جرى على المسلمين .

وقام القاضي أبو سعد الهروي قاضي دمشق [في الديوان] ، وأورد كلاما أبكى الحاضرين ، وندب من الديوان من يمضي إلى العسكر ويعرفهم حال هذه المصيبة ، ثم وقع التقاعد فقال أبو المظفر الأبيوردي قصيدة في هذه الحالة فيها:


وكيف تنام العين ملء جفونها على هنوات أيقظت كل نائم     وإخوانكم بالشام يضحى مقيلهم
ظهور المذاكي أو بطون القشاعم     تسومهم الروم الهوان وأنتم
تجرون ذيل الخفض فعل المسالم

إلى أن قال:


وتلك حروب من يغب عن غمارها     ليسلم يقرع بعدها سن نادم



[ ص: 48 ]

يكاد لهن المستجن بطيبة     ينادي بأعلى الصوت يا آل هاشم
أرى أمتي لا يشرعون إلى العدى     رماحهم والدين واهي الدعائم
ويجتنبون الثأر خوفا من الردى     ولا يحسبون العار ضربة لازم
أترضى صناديد الأعاريب بالأذى     وتغضي على ذل كماة الأعاجم
وليتهم إن لم يذودوا حمية     عن الدين ضنوا غيرة بالمحارم
وإن زهدوا في الأجر إذ حمي الوغى     فهلا أتوه رغبة في المغانم

ذكر ابتداء أمر السلطان محمد بن ملك شاه

كان أبو شجاع محمد بن ملك شاه هو وسنجر أخوين لأب وأم ، وكان محمد ببغداد لما مات أبوه ، وخرج إلى أصبهان مع أخيه محمود [لما خرجت تركان خاتون بابنها محمود] حاصرها بأصبهان بركيارق ، فأقام عنده فأقطعه كنجة وأعمالها ، وسار محمد مع بركيارق إلى بغداد لما دخلها سنة ست وثمانين ، فقتل محمد أتابكه ، واستولى على إقليمكنجة ، ولحق به مؤيد الملك ، وحسن له طلب الملك ، وصار وزيرا له ، واجتمع إليه النظامية وغيرهم ، وخطب لنفسه ، وضرب الطبل ، وخرج أكثر عسكر بركيارق إليه ، وأنفذ رسولا إلى بغداد [فخطب له] في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين ، وكانت له مع بركيارق خمس وقائع .

وفيها: زادت الأسعار ومنع القطر ، وبلغ الكر تسعين دينارا ببغداد وواسط ، ومات الناس على الطرقات ، واشتد أمر العيارين في المحال .

التالي السابق


الخدمات العلمية