الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

3833 - إبراهيم بن أحمد ، أبو الفضل الخرمي:

سمع أبا محمد الصريفيني ، وأبا الحسين بن النقور ، نزل إلى دجلة ليتوضأ فلحقه شبه الدوار ، فوقع في الماء ، فأخرج ، فحمل إلى بيته فمات .

قال شيخنا ابن ناصر: كان رجلا صالحا مستورا كثير تلاوة القرآن ، محافظا على الجماعات ، وحضرت غسله فرأيت النور عليه ، فقبلت بين عينيه .

وتوفي في ليلة الثلاثاء عاشر ربيع الآخر من هذه السنة ، ودفن بمقبرة باب حرب .

3834 - أحمد بن قريش بن حسين ، أبو العباس:

سمع أبا طالب بن غيلان ، وأبا إسحاق البرمكي ، وأبا محمد الجوهري ، وأبا [ ص: 147 ] الحسن القزويني ، وغيرهم . وكان صحيح السماع ، حدثنا عنه أشياخنا .

وتوفي يوم الأحد حادي عشر رجب ، ودفن بباب حرب .

3835 - أحمد بك الأمير:

كان إقطاعه في كل سنة أربعمائة ألف دينار ، وجنده خمسة آلاف فارس ، جاءه رجل ومعه قصة وهو يبكي وينتحب ويشكو الظلم ، فسأله أن يوصل قصته إلى السلطان ، فتناولها منه ، فضربه بسكين كانت معه فوثب عليه الأمير فتركه تحته ، فجاء آخر فضرب الأمير بسكين فقطعه قطعا ، فجاء ثالث فتمم الأمير .

3836 - جاولي:

صاحب فارس ، كانت له فيها حروب مع الكرمانية ، وكان رجل الترك ورأسا فيهم .

3837 - عبد الله بن يحيى بن محمد بن بهلول ، أبو محمد السرقسطي الأندلسي:

من أهل سرقسطة من بلاد الأندلس ، كان فقيها فاضلا ، لطيف الطبع ، مليح الشعر ، ورد بغداد في حدود هذه السنة ، ومن شعره:


ومهفهف يختال في أبراده مرح القضيب اللدن تحت البارح     أبصرت في مرآة فكري خده
فحكيت فعل جفونه بجوارحي     ما كنت أحسب أن فعل توهمي
يقوى تعديه فيجرح جارحي     لا غرو إن جرح التوهم خده
فالسحر يعمل في البعيد النازح

3838 - علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن بيان أبو القاسم الوزان:

ولد في ليله الاثنين ثالث عشر صفر سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ، وسمع أبا الحسن بن مخلد ، وهو آخر من حدث عنه ، وحدث عنه بجزء الحسن بن عرفة ، وهو آخر من حدث بهذا الجزء ، فألحق الصغار بالكبار ، فكان يأخذ عنه دينارا من كل واحد ، [ ص: 148 ] وسمع أبا القاسم بن بشران ، وهو آخر من حدث عنه ، وسمع خلقا كثيرا .

وتوفي ليلة الأربعاء سادس شعبان ، ودفن بمقبرة باب حرب .

3839 - عقيل بن علي بن عقيل بن محمد بن عقيل ، أبو الحسن ابن الإمام أبي الوفاء:

ولد ليلة إحدى وعشرين من رمضان سنة إحدى وثمانين وأربعمائة ، وتفقه ، وكان له فهم وحفظ حسن ، سمع الحديث ، وشهد عند قاضي القضاة محمد بن علي الدامغاني ، وتوفي في منتصف المحرم عن سبع وعشرين سنة ، ودفن في داره بالظفرية ، ثم نقل لما توفي أبوه فدفن في دكة أحمد بن حنبل .

وظهر من أبيه صبر جميل ، دخل عليه بعض أصحابه وهو جالس يروحه بعد موته فكأنه أحس من الداخل بإنكار ذلك ، فقال له: إنها جثة علي كريمة ، فما دامت بين يدي لم يطب قلبي إلا بتعاهدها ، فإذا غابت فهي في استرعاة من هو لها خير مني .

وقال: لولا أن القلوب توقن باجتماع يا بني لتفطرت المرائر لفراق الأحباب .

قال المصنف: ونقلت من خطه قال: لما أصبت بولدي عقيل خرجت إلى المسجد إكراما لمن قصدني من الناس والصدور ، فجعل قارئ يقرأ: يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا [12: 78] فبكى الناس وضج الموضع بالبكاء ، فقلت له: يا هذا إن كان قصدك بهذا تقبيح الأحزان فهو نياحة بالقرآن ، وما نزل القرآن للنوح ، إنما نزل ليسكن الأحزان ، فأمسك .

ونقلت من خط أبي الوفاء ابن عقيل ، قال: ثكلت ولدين نجيبين ، أحدهما حفظ القرآن وتفقه ، مات دون البلوغ -يشير إلى ولده أبي منصور ، وقد ذكرنا وفاته في سنة ثمان وثمانين- والآخر: مات وقد حفظ كتاب الله وخط خطا حسنا يشار إليه ، وتفقه وناظر في الأصول والفروع ، وشهد مجلس الحكم ، وحضر الموكب ، وجمع أخلاقا حسنة ودماثة [ ص: 149 ] وأدبا ، وقال شعرا جيدا -يشير إلى عقيل هذا- قال: فتعزيت بقصة عمرو بن عبد ود العامري الذي قتله علي عليه السلام ، فقالت أمه ترثيه:


لو كان قاتل عمرو غير قاتله     ما زلت أبكي عليه دائم الأبد
لكن قاتله من لا يقاد به     من كان يدعى أبوه بيضة البلد

فقلت: سبحان الله:!


كذبت وبيت الله لو كنت صادقا     لما سبقتني بالعزاء النساء

كما قال الشاعر:


كذبت وبيت الله لو كنت عاشقا     لما سبقتني بالبكاء الحمائم

وذاك أن أم عمرو كانت يسليها ويعزيها جلالة القاتل ، والافتخار بأن ابنها مقتوله ، فهلا نظرت إلى قاتل ولدي ، وهو الأبدي الحكيم المالك الأعيان ، المربي [بأنواع] الدلال ، فهان القتيل والمقتول بجلالة القاتل ، وقتله إحياء في المعنى؛ إذ كان أماتهما على أحسن خاتمة ، الأول لم يجر عليه قلم ، والآخر وفقه للخير ، وختم له بلوائح وشواهد دلت على الخير .

قال ابن عقيل: وسألني رجل فقال: هل للطف من علامة؟ فقلت: أخبرك بها عن ذوق ، كانت عادتي التنعم ، فلما فقدت ولدي تبدلت خشن العيش . ونفسي راضية .

3840 - محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار ، أبو بكر بن [أبي] المظفر السمعاني:

من أهل مرو ، ولد سنة ست وستين وأربعمائة ، سمع الحديث من أبيه وجماعة ، [ ص: 150 ] ثم رحل إلى نيسابور ، فسمع بها وبالري وهمذان وبغداد والكوفة ومكة ، وروى الحديث ، وورد بغداد ووعظ في النظامية ، وخرج إلى أصبهان ، فسمع بها وعاد إلى مرو ، وأملى بها مائة وأربعين مجلسا في جامعها ، وقد رأيت من إملائه فإنه لم يقصر ، وكان علامة في الحديث والفقه والأدب والوعظ ، وطلب يوما للقراء في مجلس وعظه فأعطوه ألف دينار ، قال شعرا كثيرا ثم غسله فلم يبق منه إلا القليل ، وكتبت إليه رقعة فيها أبيات شعر ، فكتب الجواب ، وقال: فأما الأبيات فقد أسلم شيطان شعري .

وأدركته المنية وهو ابن ثلاث وأربعين سنة وأشهر ، وتوفي في صفر هذه السنة ، ودفن عند قبر أبيه بمرو .

3841 - محمد بن الحسن بن أحمد بن عبد الله ابن البناء ، أبو نصر بن أبي علي:

سمع الجوهري وغيره ، وكان له علم ومعرفة ، وخلف أباه في حلقته بجامعي القصر والمنصور ، وكان سماعه صحيحا ، وكان ثقة .

وتوفي ليلة الأربعاء سادس ربيع الأول ، ودفن بمقبرة باب حرب .

3842 - محمد بن علي بن محمد ، أبو بكر النسوي:

سمع وحدث ، وكان تزكية الشهود إليه بنسا ، وكان فقيها على مذهب الشافعي ، دينا . وتوفي ببلده في هذه السنة .

3843 - محمد بن علي الأصبهاني ، أبو المكارم القصار ، يعرف بمكرم:

سمع من الجوهري ، والقزويني ، وابن لؤلؤ ، وحدث عنهم .

وتوفي يوم الأربعاء رابع عشر رجب ، ودفن في داره بالمقتدية .

3844 - محمد بن علي بن ميمون بن محمد ، أبو الغنائم النرسي ، ويعرف بأبي الكوفي؛ لأنه كان جيد القراءة في زمان الصبوة فلقبوه بأبي .

[ ص: 151 ]

ولد في شوال سنة أربع وعشرين ، وسمع الكثير ، وأول سماعه سنة سبع وثلاثين ، وكتب وسافر ، ولقي أبا عبد الله العلوي العلامة ، وهو محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي . وكان هذا العلوي يعرف الحديث ، وكان صالحا ، سمع ببيت المقدس وحلب ودمشق والرملة ، ثم قدم بغداد فسمع البرمكي ، والجوهري ، والتنوخي ، والطبري ، والعشاري ، وغيرهم . وكان يورق للناس بالأجرة ، وقرأ القرآن بالقراءات ، وأقرأ ، وصنف ، وكان ذا فهم ، ثقة ، ختم به علم الحديث ببلده .

أنبأنا شيخنا أبو بكر بن عبد الباقي ، قال: سمعت أبا الغنائم ابن النرسي يقول: ما بالكوفة أحد من أهل السنة والحديث إلا أبيا .

وكان يقول: توفي بالكوفة ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من الصحابة لا يتبين قبر أحد منهم إلا قبر علي عليه السلام .

وقال: جاء جعفر بن محمد ، ومحمد بن علي بن الحسين فزارا الموضع من قبر أمير المؤمنين علي ، ولم يكن إذ ذاك القبر ، وما كان إلا الأرض حتى جاء محمد بن زيد الداعي وأظهر القبر .

وقال شيخنا ابن ناصر: ما رأيت مثل أبي الغنائم في ثقته وحفظه ، وكان يعرف حديثه ، بحيث لا يمكن أحدا أن يدخل في حديثه ما ليس منه ، وكان من قوام الليل .

ومرض ببغداد وانحدر فأدركه أجله بحلة ابن مزيد يوم السبت سادس عشر شعبان ، فحمل إلى الكوفة .

3845 - محمد بن أحمد بن طاهر بن منصور [يعرف بخازن دار الكتب القديمة . ومن ساكني درب المنصور] بالكرخ ، سمع ابن غيلان ، والتنوخي ، وغيرهما .

[ ص: 152 ]

وكان سماعه صحيحا ، روى عنه أشياخنا إلا أنه كان يذهب مذهب الإمامية ، وهو فقيه في مذهبهم ، ومفتيهم كذلك .

قال شيخنا ابن ناصر: وتوفي يوم السبت ثالث عشر شعبان ، ودفن بمقابر قريش .

3846 - محمد بن أبي الفرج ، أبو عبد الله المالكي المعروف بالزكي المغربي:

من أهل صقلية ، كان عارفا بالنحو واللغة ، وورد العراق ، وخرج إلى خراسان فجال فيها ، ثم خرج إلى غزنة وبلاد الهند ، ومات بأصبهان ، وجرت بينه وبين جماعة من الأئمة مخاصمات آلت أن طعن فيهم ، وكان يقول: الغزالي ملحد ، وإذا ذكره قال: الغزالي المجوسي .

3847 - المبارك بن الحسين بن أحمد ، أبو الخير الغسال المقرئ سبط الخواص:

ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة ، وسمع أبا الحسن ابن المهتدي ، وأبا محمد الخلال ، وأبا جعفر ابن المسلمة ، وأبا يعلى بن الفراء ، وخلقا كثيرا ، وقرأ [القرآن] بالقراءات ، وأقرأ ، وحدث كثيرا ، وكان ثقة .

وتوفي في غرة جمادى الأولى ، ودفن بباب حرب .

3848 - المبارك بن محمد ، أبو الفضل بن أبي طالب الهمذاني المؤدب:

سمع القاضي أبا يعلى ، وأبا جعفر ابن المسلمة . وكان من أهل السنة . قال شيخنا ابن ناصر: كان ثقة . وتوفي ليلة الخميس خامس ربيع الآخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية