الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ترتيب أبي جعفر عبد الله الدامغاني حاجب الباب]

وفي هذه السنة رتب أبو جعفر عبد الله الدامغاني حاجب الباب ، ولقب بمهذب الدولة ، وخلع عليه فخلع الطيلسان ، وقد كان إليه القضاء بربع الطاق وقطعة كبيرة من البلاد نيابة عن أخيه ، فشق ذلك على أخيه لكونه قاضي القضاة .

[وصول رأس أحمد بن عبد الملك ابن عطاش ورأس ولده معه]

وفي آخر ذي الحجة: وصل إلى بغداد رأس أحمد بن عبد الملك بن عطاش ، ورأس ولده معه ، وهو متقدم الباطنية بقلعة أصفهان ، وهذه القلعة بناها السلطان جلال الدولة ملك شاه ، وسبب بنائه لها أنه ورد عليه بعض متقدمي الروم ، وأظهر الإسلام فخرج معه في بعض الأيام للصيد فهرب منه كلب معروف بجودة العدو إلى الجبل ، فصعد السلطان وراءه وطاف في الجبل حتى وجده ، فقال [له] الرومي: لو كان هذا الجبل عندنا لبنينا عليه قلعة ينتفع بها ويبقى ذكرها ، فثبت هذا الكلام في قلبه فبناها ، وأنفق عليها ألف ألف ومائتي ألف دينار ، فكان أهل أصفهان يقولون حين ابتلوا بابن عطاش: انظروا إلى هذه القلعة كان الدليل على موضعها كلبا ، والمشير ببنائها كافرا ، وخاتمة أمرها هذا الملحد .

ولما رجع هذا الرومي إلى بلده ، قال: إني نظرت إلى أصفهان وهو بلد عظيم والإسلام به ظاهر فلم أجد شيئا أشتت به شملهم غير مشورتي على السلطان ببناء هذه القلعة .

ولما مات السلطان آل أمرها إلى الباطنية ، فاستولى عليها ابن عطاش اثنتي عشرة سنة ، فلما سيقت الممالك للسلطان محمد اهتم بأمر الباطنية ، فنزل بهذه القلعة ، [ ص: 102 ] فحاصرها سنة فأرسلوا إليه أن ينفذ إليهم من يناظرهم ، فأنفذ فلم يرجعوا ، ثم ضاق الأمر بهم فأذعنوا بالطاعة فأخرجهم إلى أماكن التمسوها ونقضها في ذي القعدة من هذه السنة ، وقتل رئيسها ابن عطاش وسلخه ، وقتل ابنه وألقت زوجته نفسها من أعلى القلعة ومعها جوهر نفيس ، فهلكت وما معها .

وكان هذا ابن عطاش في أول أمره طبيبا ، فأخذ أبوه في أيام طغرلبك لأجل مذهبه ، فأراد قتله فأظهر التوبة ومضى إلى الري ، وصاحب أبا علي النيسابوري وهو متقدمهم هناك وصاهره ، وصنف رسالة في الدعاء إلى هذا المذهب سماها "العقيقة" .

ومات في سواد الري ، فمضى ولده إلى هذه القلعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية