الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 5 ] 78 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام في العاطس الذي أمر بتشميته أي العاطسين هو ؟

525 - حدثنا محمد بن عمرو السوسي ، حدثني أسباط بن محمد عن سليمان التيمي عن أنس قال : عطس رجلان عند النبي عليه السلام فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر ، فقيل : يا رسول الله عطس رجلان فشمت أحدهما ولم تشمت الآخر ، فقال : إن هذا حمد الله وإن هذا لم يحمد الله عز وجل .

[ ص: 6 ]

526 - حدثنا أبو أمية ، حدثنا محمد بن سابق ، حدثنا مالك بن مغول ، عن سليمان التيمي عن أنس مثله .

527 - حدثنا أبو أمية ، حدثنا محمد بن الصلت ، حدثنا منصور بن أبي الأسود ، عن عاصم بن كليب ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس الرجل فحمد الله أن نشمته ، وإذا لم يحمد الله أن لا نشمته .

528 - حدثنا علي بن معبد ، حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا أبو منين - وهو يزيد بن كيسان - عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : كنا جلوسا عند رسول الله عليه السلام [ ص: 7 ] فعطس رجل فحمد الله فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : يرحمك الله ، ثم عطس آخر فسكت فلم يقل له شيئا ، فقال : يا رسول الله عطس هذا فقلت له : يرحمك الله ، وعطست أنا فلم تقل لي شيئا ، فقال : إن هذا حمد الله وإنك سكت .

فقال قائل : وكيف تقبلون هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رويتم عنه فذكر ما قد .

529 - حدثنا يونس ، أخبرني بشر بن بكر ، أخبرني الأوزاعي ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام ، وعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وإجابة الدعوة ، وتشميت العاطس .

530 - وما قد حدثنا سليمان الكيساني ، حدثنا بشر بن بكر ، حدثنا [ ص: 8 ] الأوزاعي ، حدثني الزهري ، حدثني ابن المسيب ، حدثني أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حق المسلم على أخيه المسلم خمس : يسلم عليه إذا لقيه ، ويشمته إذا عطس ، ويجيبه إذا دعاه ، ويعوده إذا مرض ، ويشهد جنازته إذا مات .

531 - وما قد حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافري ، عن أبيه أنه ضمهم وأبا أيوب الأنصاري مرسى في البحر فلما حضر غداؤنا أرسلنا إلى أبي أيوب وإلى أهل مركبه فقال : دعوتموني وأنا صائم فكان من الحق علي أن أجيبكم ، إني سمعت رسول الله عليه السلام يقول : للمسلم على أخيه ست خصال : يجيبه إذا دعاه ، وإذا لقيه أن يسلم عليه ، وإذا عطس أن يشمته ، أو عطش أن يسقيه - الشك من يونس - وإذا مرض أن يعوده ، وإذا مات أن يحضره ، وإذا استنصح نصحه [ ص: 9 ] قال : فهذان مختلفان لأن في أحدهما تشميته إذا عطس وفي الآخر منهما تشميته إذا عطس وحمد الله .

وكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله وعونه - أنهما ليسا مختلفين ؛ لأن معنى ما عارضنا به من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشميته إذا عطس هو على تشميته إذا عطس فحمد الله تعالى على ما روينا في أول هذا الباب .

ومثل ذلك ما قد قال الله تعالى في كتابه في كفارات الأيمان : ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم ولم يكن المراد بذلك إذا حلفتم فقط وإنما المراد به إذا حلفتم فحنثتم ؛ لأنه لا اختلاف بين أهل العلم فيمن حلف بيمين فلم يحنث فيها أنه لا كفارة عليه وإذا كان معنى : ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم هو إذا حلفتم وحنثتم لم يكن مستنكرا أن يكون مثل ذلك ما قد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : ويشمته إذا عطس ، يريد به إذا عطس وحمد الله ، وفيما ذكرنا ما ينفي التضاد عن ما توهمه هذا الجاهل في حديث رسول الله عليه السلام مما يخالف ذلك وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية