الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 363 ] 133 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام من قوله : لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار لما احترق

906 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وبكر بن إدريس قالوا : حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا ابن لهيعة ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لو جعل القرآن في إهاب ، ثم ألقي في النار لما احترق } .

[ ص: 364 ] فتأملنا هذا الحديث فوجدنا من تقدمنا من أهل العلم بهذا المعنى قد قالوا فيه قولين مختلفين :

أما أحدهما : فإخبار النبي عليه السلام أمته بقوله هذا أن من كان معه القرآن منعه أن تعمل فيه النار ولو ألقي فيها ، وكان مراده بالإهاب الإنسان الذي يكون معه القرآن ، وأنه تعالى يقيه به من النار كمثل ما وقى إبراهيم خليله عليه السلام لمكانه منه من عمل النار فيه ، ومن قوله لها : كوني بردا وسلاما على إبراهيم .

والقول الآخر منهما : أن الإهاب المذكور في هذا الحديث هو الإهاب الذي يكتب فيه القرآن ، فيكون الله تعالى لتنزيهه القرآن عن النار يمنعها منه فينزعه من الإهاب حتى يكون ذلك الإهاب خاليا من القرآن ، ثم تحرق النار الإهاب ولا قرآن فيه وكل واحد من هذين المعنيين حسن ، محتمل هذا الحديث له ، والله أعلم بمراد رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله ذلك المتأول على هذين المعنيين المذكورين ، وهل هو واحد من هذين المعنيين ، أو معنى سواهما مما لم يطلعنا عليه ولم يبلغه علمنا ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية