الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 301 ] 122 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام مما أمر به من حلف باللات والعزى أن يقول

832 - حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، وحدثنا ابن خزيمة ، حدثنا عبد الله بن رجاء قالا : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن { مصعب بن سعد ، عن سعد قال : حلفت باللات والعزى وكان العهد حديثا فأتيت النبي عليه السلام فقلت : إني حلفت باللات والعزى وكان العهد حديثا فقال : قلت هجرا ، اتفل عن يسارك ثلاثا ، وقل لا إله إلا الله وحده واستغفر الله تعالى ولا تعد } .

فتأملنا هذا الحديث فوجدنا فيه ما قد دل على أن سعدا كان منه ما كان مما ذكر عنه فيه لقرب العهد ، أي بعادتهم كان ما حلف به فكان حلفه على ما جرت به عادته حتى قال ما قال مما حلف [ ص: 302 ] به على ما قد غلب على قلبه مما دخله معه السهو عن تحريم الله تعالى ذلك عليه بإسلامه الذي هو فيه ، وكان الأصل أن الرجل إذا حلف على ما يرى أنه على ما حلف عليه فكان على غير ذلك ، مثل أن يقول لرجل يراه مقبلا : هذا والله زيد وهو يراه كذلك فيكون عمرا ، فيمينه تلك لغو لا إثم عليه فيها ؛ لأنها داخلة في اللغو الذي لا يؤاخذ الله به ، وإذا كان اللغو في نفس اليمين هذا حكمه كان اللغو في الشيء الذي يرى الحالف أنه محلوف به فلا يكون كذلك أحرى أن يكون لغوا وأن لا يكون به مأخوذا .

فإن قال قائل : ففي هذا الحديث أمر النبي عليه السلام سعدا أن لا يعود إلى ما كان منه .

قيل له : معنى ذلك عندنا والله أعلم : أن يتحفظ من نفسه حتى لا يكون منه مثل ذلك من السهو الذي يغلب عليه حتى يكون ذلك منه .

وقد روي عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مما يدخل في هذا المعنى .

833 - حدثنا يونس أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من حلف منكم فقال في حلفه باللات ، فليقل : لا إله إلا الله ، ومن قال لصاحبه : تعال أقامرك فليتصدق } .

[ ص: 303 ]

834 - وما حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا كثير بن عبيد ، حدثنا محمد بن حرب ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... مثله .

فكان ما في هذا الحديث مقصودا به إلى خواص من الناس لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه : من حلف منكم ، أي من كان منكم كان يعبد اللات والعزى فكان منه هذا على ما كانت جرت عليه عادته قبل إسلامه فسها في إسلامه حتى كان هذا منه أن يتبع ذلك بتوحيد الله وأن لا إله سواه ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية