الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 173 ] 103 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام في الشيء الذي يذهب المذمة في الرضاع عن المرضع لمن أرضعه

692 - حدثنا يونس ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا الليث وعمرو بن الحارث وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي أن هشام بن عروة أخبرهم ، عن أبيه ، عن حجاج بن حجاج الأسلمي ، عن أبيه أنه قال : يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاع ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الغرة ؛ العبد أو الأمة .

[ ص: 174 ]

693 - حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا يحيى يعني القطان ، عن هشام يعني ابن عروة ، حدثني أبي ، عن الحجاج بن الحجاج ، عن أبيه قلت يا رسول الله : ما يذهب عني مذمة الرضاع ؟ قال : غرة ؛ عبد أو أمة .

694 - حدثنا محمد بن علي بن داود ، حدثنا سليمان بن داود الهاشمي ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبي الزناد وهشام بن عروة ، عن عروة ، عن الحجاج بن الحجاج بن مالك الأسلمي ، عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكر مثله .

فسأل سائل عن المراد بما هو في هذا الحديث ما هو ؟ فكان جوابنا له في ذلك أن المرضعة يجب من حقها على من أرضعته ما لا خفاء به ، وأنها تصير بذلك له أما في وجوب حقها عليه ، وقد قال رسول الله عليه السلام فيمن حقه دون حق الأم .

[ ص: 175 ]

695 - ما قد حدثنا يونس ، حدثنا سفيان ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه .

فكان ذلك إخبارا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا الفعل من الولد بوالده جزاء له عما كان منه فيه بحق أبوته ، وكان حق المرضعة التي ذكرنا قد وجب على المرضع برضاعها إياه حتى صارت له بذلك أما وحتى صار ما كان منها إليه سببا لحياته ، وحقوق الوالدات على أولادهن فوق حقوق آبائهم عليهم ، وسنذكر ذلك وما روي عن رسول الله عليه السلام فيه فيما بعد من كتابنا إن شاء الله ، ولما كان ذلك كذلك ولم يقدر المرضع على فكاك من أرضعه من الرق إذا كان غير رقيق أمر أن يعوضها من ذلك ما تقدر أن تفعل فيه العتاق الذي يكون به فداء لها من النار كما قد روي عن رسول الله عليه السلام فيمن أعتق نسمة مؤمنة مما نحن ذاكروه فيما بعد من كتابنا هذا إن شاء الله .

[ ص: 176 ] ولم تجعل تلك النسمة كغيرها من النسم وجعلت من غررها ، وغررها أرفعها .

كما حدثنا محمد بن أحمد الأنصاري الدولابي أبو بشر ، حدثنا أبو يعلى الساجي ، حدثنا الأصمعي قال : قال أبو عمرو بن العلاء : لا يقبل في الدية عبد أسود ولا أمة سوداء ، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : في الجنين غرة عبد أو أمة . فلولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بذلك البيضاء لقال : في الجنين عبد أو أمة ، قال : كل هذا في حديث أبي بشر .

قال أبو جعفر : فكذلك ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذهب مذمة الرضاع لولا أنه أراد الرفيع من المماليك لقال فيه : إنه عبد أو أمة ولم يقل : إنه غرة .

وفيما ذكرنا ما قد دل أن المرضع إن قدر على عتاق من أرضعه من الرق لأنه كذلك فأعتقه كان بذلك جازيا له كما كان الولد بمثله جازيا لأبيه ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية