الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          7976 - ( خ) : أم رومان ، زوج أبي بكر الصديق ، والدة عائشة وعبد الرحمن . لها صحبة .

                                                                          وكانت قبله تحت عبد الله بن الحارث بن سخبرة ، وكان قدم بها مكة فحالف أبا بكر قبل الإسلام ، وتوفي عن أم رومان ، وولدت له الطفيل بن عبد الله بن الحارث بن سخبرة فهو أخو عائشة وعبد الرحمن لأمهما . قاله الواقدي .

                                                                          وقال عبد الملك بن هشام : أم رومان اسمها زينب بنت عبد دهمان أحد بني فراس بن غنم بن مالك بن كنانة . وقال غيره : أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن [ ص: 359 ] عتاب بن أذينة بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة .

                                                                          والخلاف في نسبها كبير جدا ، وأجمعوا أنها من بني غنم بن مالك بن كنانة . قيل : إنها توفيت سنة أربع أو خمس ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في قبرها ، واستغفر لها .

                                                                          وقال الواقدي ، والزبير بن بكار : توفيت في ذي الحجة سنة ست .

                                                                          روى لها البخاري ، وقد وقع لنا حديثها بعلو .

                                                                          أخبرنا به أبو الفرج بن قدامة ، وأبو الغنائم بن علان ، وأحمد بن شيبان - قالوا : أخبرنا حنبل ، قال : أخبرنا ابن الحصين ، قال : أخبرنا ابن المذهب ، قال : أخبرنا القطيعي ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا علي بن عاصم ، قال : أخبرنا حصين ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن أم رومان ، قالت : بينا أنا عند عائشة إذ دخلت عليها امرأة من الأنصار ، فقالت : فعل الله بابنها وفعل . قالت عائشة : ولم ؟ قالت : إنه كان فيمن حدث الحديث .

                                                                          قالت عائشة : وأي حديث ؟ قالت : كذا وكذا . قالت : وقد بلغ ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : نعم . قالت : وبلغ أبا بكر ؟ قالت : نعم . قالت : فخرت عائشة مغشيا عليها ، فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض .

                                                                          قالت : فتقدمت فدثرتها . قالت : ودخل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما شأن هذه ؟ قالت : قلت : يا رسول الله ، أخذتها حمى [ ص: 360 ] بنافض . قال : فلعله في حديث تحدث به ! قالت : فاستوت عائشة قاعدة ، فقالت : والله لئن حلفت لكم لا تصدقوني ، ولئن اعتذرت إليكم لا تعذروني ، فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه والله المستعان على ما تصفون .

                                                                          قالت : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنزل الله عليه عذرها ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم معه أبو بكر ، فدخل فقال : يا عائشة ، إن الله قد أنزل عذرك . قالت : بحمد الله لا بحمدك . قالت : فقال لها أبو بكر : تقولين هذا لرسول الله ؟ قالت : نعم .

                                                                          قالت : وكان فيمن حدث الحديث رجل كان يعوله أبو بكر ، فحلف أبو بكر أن لا يصله ، فأنزل الله عز وجل ولا يأتل أولو الفضل منكم إلى آخر الآية . قال أبو بكر : بلى . فوصله
                                                                          .

                                                                          أخرجه من حديث محمد بن الفضيل ، وأبي عوانة ، وسليمان بن كثير ، عن حصين مختصرا ، ومطولا . وفي بعض طرقه عن مسروق قالت : حدثتني أم رومان ، وقد عد ذلك غير واحد من الأوهام . وقد قيل فيه : عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود ، عن أم رومان .

                                                                          وقال الحافظ أبو بكر الخطيب : هذا حديث غريب من رواية أبي وائل ، عن مسروق ، لا نعلم رواه غير حصين بن عبد الرحمن عنه . وفيه إرسال ; لأن مسروقا لم يدرك أم رومان ، وكانت وفاتها على [ ص: 361 ] عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وكان مسروق يرسل رواية هذا الحديث عنها ، ويقول : سئلت أم رومان ، فوهم حصين فيه ; إذ جعل السائل لها مسروقا ، اللهم إلا أن يكون بعض النقلة كتب " سألت " بالألف ، فإن من الناس من يجعل الهمزة في الخط ألفا ، وإن كانت مكسورة أو مرفوعة ، فتبرأ حينئذ حصين من الوهم فيه .

                                                                          على أن بعض الرواة قد رواه عن حصين على الصواب . قال : وأخرج البخاري هذا الحديث في " صحيحه " لما رأى فيه عن مسروق قال : سألت أم رومان ، ولم يظهر له عليه ، وقد بينا ذلك في كتاب " المراسيل " ، وأشبعنا القول بما لا حاجة لنا إلى إعادته .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية