الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          7899 - (ع) : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورضي عنها ، تكنى أم أبيها .

                                                                          أنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بعد وقعة أحد . وقيل : إن عليا تزوجها بعد أن ابتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة بأربعة أشهر ونصف ، وبنى بها بعد تزوجه بها بسبعة أشهر ونصف ، وكان سنها يوم تزوجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصفا ، وكان سن علي يومئذ إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر .

                                                                          روت عن : النبي صلى الله عليه وسلم ( ع ) .

                                                                          روى عنها : أنس بن مالك ( خ ) ، وابنها الحسين بن علي بن أبي طالب ( ق ) ، وأبوه علي بن أبي طالب ، وسلمى أم رافع زوج أبي رافع ، وعائشة أم المؤمنين ( ع ) ، وفاطمة الصغرى بنت الحسين بن علي بن أبي طالب ( ت ق ) مرسلا ، وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ( ت ) .

                                                                          قال عبد الرزاق ، عن ابن جريج : قال لي غير واحد : كانت فاطمة أصغرهن وأحبهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          [ ص: 248 ] وقال محمد بن علي المديني فستقة : يقال : كانت فاطمة أصغر ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوأم عبد الله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وقال أبو عمر بن عبد البر : كانت هي وأختها أم كلثوم أصغر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واختلف في الصغرى منهما ، وقد قيل : إن رقية أصغرهما ، وليس ذلك عندي بصحيح . وقد اضطرب مصعب والزبير في بنات النبي صلى الله عليه وسلم أيتهن أكبر وأصغر اضطرابا يوجب أن لا يلتفت إليهما في ذلك .

                                                                          والذي تسكن إليه النفس من ذلك على ما توارثت به الأخبار في ترتيب بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأولى زينب ، ثم الثانية رقية ، ثم الثالثة أم كلثوم ، ثم الرابعة فاطمة ، والله أعلم .

                                                                          وقال محمد بن إسحاق الثقفي السراج : سمعت عبيد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمي يقول : ولدت فاطمة سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وقال عمرو بن مرة ، عن أبي البختري : قال علي لأمه فاطمة بنت أسد : أكفي بنت رسول الله الخدمة خارجا سقاية الماء والحاج ، وتكفيك العمل في البيت والعجن والخبز والطحن .

                                                                          قال أبو عمر : فولدت له الحسن ، والحسين ، وأم كلثوم ، وزينب . ولم يتزوج علي عليها غيرها حتى ماتت .

                                                                          واختلف في مهره إياها ، [ ص: 249 ] روي أنه أمهرها درعه ، وأنه لم يملك ذلك الوقت صفراء ، ولا بيضاء .

                                                                          وقيل : إن عليا تزوج فاطمة على أربعمائة وثمانين ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ثلثها في الطيب . قال : وزعم أصحابنا أن الدرع قدمها علي من أجل الدخول بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه بذلك .

                                                                          وقال مسروق ، عن عائشة : حدثتني فاطمة رضي الله عنها قالت : أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة ، وأنه عارضني العام مرتين ، ولا أراه إلا وقد حضر أجلي ، وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي ، ونعم السلف أنا لك . فبكيت ، ثم قال : ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة أو سيدة نساء المؤمنين ؟ فضحكت .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي ، عن أبي سعيد الخدري : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران " .

                                                                          وقال إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ، ثم فاطمة بنت محمد ، ثم خديجة ، ثم آسية امرأة فرعون " .

                                                                          وقال علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوط ، ثم قال : أتدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفضل نساء أهل [ ص: 250 ] الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون .

                                                                          وقال أبو يزيد المديني ، عن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد " .

                                                                          وقال الشعبي ، عن جابر بن عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حسبك منهن أربع سيدات نساء العالمين : فاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران " .

                                                                          وقال قتادة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون " .

                                                                          وقال ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما فاطمة بضعة مني ، يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها " .

                                                                          وروينا عن علي بن الحسين ، عن الحسين بن علي ، عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة : " إن الله يرضى لرضاك ، ويغضب لغضبك " .

                                                                          وعن علي بن زيد بن جدعان ، عن أنس بن مالك - أن [ ص: 251 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الصبح ، ويقول : الصلاة ، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .

                                                                          وعن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن فاطمة حصنت فرجها ، فحرمها الله وذريتها على النار " .

                                                                          ومناقبها وفضائلها كثيرة جدا ، رضي الله عنها وأرضاها .

                                                                          قال الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : عاشت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر .

                                                                          وكذلك قال محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عائشة ، وغير واحد .

                                                                          وقال عمرو بن دينار ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين : مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر ، قال : وما رئيت ضاحكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنهم قد امتروا في طرف نابها .

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي شيبة : توفيت فاطمة وهي بنت سبع وعشرين سنة .

                                                                          وقال محمد بن إسحاق في موضع آخر : توفيت فاطمة ، وهي بنت ثمان وعشرين سنة . وكان مولدها وقريش تبني الكعبة ، وبنت قريش الكعبة قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسبع سنين وستة أشهر ، وأقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين بعد مبعثه ، ثم هاجر فأقام عشرا [ ص: 252 ] وعاشت بعده ستة أشهر ، وتوفيت سنة إحدى عشرة من الهجرة .

                                                                          وقال أبو عمر بن عبد البر : فاطمة أول من غطي نعشها في الإسلام على الصفة المذكورة في هذا الخبر ، يعني خبر أسماء بنت عميس ، ثم بعدها زينب بنت جحش صنع ذلك أيضا بها .

                                                                          وماتت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت أول أهله لحوقا به . وصلى عليها علي بن أبي طالب ، وهو الذي غسلها مع أسماء بنت عميس ، ولم يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنيه غيرها .

                                                                          وقيل : توفيت بعده بخمس وسبعين ليلة ، وقيل : بستة أشهر إلا ليلتين ، وذلك يوم الثلاثاء لثلاث خلت من شهر رمضان ، وغسلها زوجها علي بن أبي طالب . أشارت عليه أن يدفنها ليلا . وقد قيل : صلى عليها العباس بن عبد المطلب ، ودخل قبرها هو ، وعلي ، والفضل . وروي أن أبا بكر الصديق صلى عليها .

                                                                          قال أبو عمرو : اختلف في وفاتها ، فقال أبو جعفر محمد بن علي : توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر . وروي عنه أنها لبثت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر . وقيل : ماتت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بمائة يوم .

                                                                          وقال الواقدي : حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قال : وأخبرنا ابن جريج ، عن الزهري - أن فاطمة توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر . قال الواقدي : وهو الثبت عندنا .

                                                                          قال : وتوفيت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة .

                                                                          [ ص: 253 ] وقال عبد الله بن الحارث ، وعمرو بن دينار : توفيت بعد أبيها بثمانية أشهر .

                                                                          وقال ابن بريدة : عاشت بعده سبعين يوما .

                                                                          وقال المدائني : ماتت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة ، وهي ابنة تسع وعشرين سنة . ولدت قبل النبوة بخمس سنين ، وصلى عليها العباس .

                                                                          قال أبو عمر : واختلف في سنها وقت وفاتها ، فذكر الزبير بن بكار أن عبد الله بن حسن بن حسن دخل على هشام بن عبد الملك ، وعنده الكلبي . فقال هشام لعبد الله بن حسن : يا أبا محمد ، كم بلغت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من السن ؟ فقال : ثلاثين سنة . فقال هشام للكلبي : كم بلغت من السن ؟ قال : خمسا وثلاثين . فقال هشام لعبد الله بن حسن : أسمع الكلبي يقول ما تسمع ، وقد عني بهذا الشأن ؟ فقال عبد الله بن حسن : يا أمير المؤمنين ، سلني عن أمي ، وسل الكلبي عن أمه .

                                                                          روى لها الجماعة .

                                                                          أخبرنا أحمد بن أبي الخير ، قال : أنبأنا أبو الحسن الجمال ، قال : أخبرنا أبو علي الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا أبو عمرو العثماني إملاء ، قال : حدثنا أبو بكر بن مكرم ، قال : حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن عروة - أن عائشة حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة فسارها ، فبكت ، ثم سارها ، فضحكت . قالت عائشة : فقلت لفاطمة : ما هذا الذي سارك به رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت ، ثم سارك [ ص: 254 ] به فضحكت ؟ قالت : سارني ، فأخبرني بموته فبكيت ، ثم سارني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت .

                                                                          أخرجوه من غير وجه ، عن عائشة ، وليس لها في " الصحيح " غيره ، والله أعلم .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية