الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          7974 - ( ع) : أم الدرداء الصغرى ، زوج أبي الدرداء ، اسمها هجيمة ، ويقال : جهيمة بنت حيي ، ويقال : بنت حي الأوصابية ، ويقال : الوصابية ، ووصاب بطن من حمير . وهي التي مات عنها أبو الدرداء ، وخطبها معاوية فلم تفعل .

                                                                          روت عن : سلمان الفارسي ( بخ ) ، وفضالة بن عبيد الأنصاري ، وكعب بن عاصم الأشعري ، وزوجها أبي الدرداء ( ع ) ، وأبي هريرة ( ق ) ، وعائشة أم المؤمنين .

                                                                          روى عنها : إبراهيم بن أبي عبلة ( بخ ) ، والأزهر بن الوليد الحمصي ، وإسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ( خ م د س ق ) ، وجبير بن نفير الحضرمي ، وهو أكبر منها ، والحارث بن عبيد الله الأنصاري ( بخ ) ، وحبيب بن أبي عمرة ، وحكيم بن كيسان .

                                                                          ومولاها حيان الدمشقي
                                                                          ، ومولاها خليل الدمشقي ، وراشد بن سعد المقرائي ، ورجاء بن حيوة ، وزيد بن أسلم ( بخ م د ) ، وسالم بن أبي الجعد ( خ د ت ) ، وأبو حازم سلمة بن دينار الأعرج ( م د ) ، وشهر بن حوشب ( بخ ت ق ) ، وصفوان بن عبد الله بن صفوان ( بخ م س ق ) ، وطلحة بن عبيد الله بن كريز ( م د ) ، وعبد الله بن أبي زكريا ( د ) ، وعبد الله بن صفوان ، وعبد ربه بن سليمان بن عمير بن زيتون ( ي ) ، وعثمان بن حيان الدمشقي ( م ق ) ، وعطاء الكيخاراني ( بخ د ت ) ، وعمر بن حيان الدمشقي ( ت ق ) .

                                                                          وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
                                                                          ( س ) ، ولقمان بن عامر الوصابي ، ومحمد بن يزيد بن عفيف ، ومرزوق أبو بكر التيمي ( ت ) ، ومعاوية بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله ، ومكحول الشامي ( ت ) ، وابن أخيها مهدي بن عبد الرحمن ( ق ) ، وميمون بن مهران الجزري ، ونمران بن عتبة [ ص: 353 ] الذماري ( د ) ، وهلال بن يساف ، وأبو هبيرة يحيى بن عباد الأنصاري ( ق ) ، ويعلى بن مملك ( بخ ت ) ، ويونس بن ميسرة بن حلبس ( د ق ) ، وأبو عمر الصيني ( سي ) على خلاف فيه .

                                                                          ومولاها أبو عمران الأنصاري
                                                                          ( د ) ، وأبو غالب صاحب أبي أمامة ( بخ ) ، وأبو قلابة الجرمي ، وأبو مرحوم .

                                                                          قال أبو الحسن بن سميع : في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام أم الدرداء هجيمة بنت حيي الأشعرية ، من أوصاب من حمير .

                                                                          وقال أبو زرعة الدمشقي : سمعت أبا مسهر يقول : أم الدرداء هجيمة بنت حيي الوصابية ، وأم الدرداء الكبرى خيرة بنت أبي حدرد .

                                                                          وقال الحافظ أبو عبد الله بن منده : سمعت أبا أحمد العسال يقول في تسمية من يجمع حديثه : أم الدرداء حديثها وكلامها ، وهي الصغرى ، من أهل دمشق التي يروى عنها الحديث الكثير .

                                                                          وقال أبو نصر الكلاباذي : هجيمة بنت حيي الوصابية قبيلة من حمير ، أم الدرداء الصغرى الفقيهة . وأم الدرداء الكبرى لها صحبة ، واسمها خيرة بنت أبي حدرد أخت عبد الله بن أبي حدرد ، واسمه عبد . وقال عمرو بن علي : اسمه سلامة .

                                                                          [ ص: 354 ] وكذلك قال الواقدي ، وهي أم بلال بن أبي الدرداء ، وماتت قبل أبي الدرداء ، وهما جميعا كانتا تحت أبي الدرداء فيما يقال .

                                                                          وقال الوليد بن مسلم ، عن عثمان بن أبي العاتكة ، وابن جابر : كانت أم الدرداء يتيمة في حجر أبي الدرداء ، تختلف مع أبي الدرداء في برنس ، تصلي في صفوف الرجال ، وتجلس في حلق القراء تعلم القرآن حتى قال أبو الدرداء يوما : الحقي بصفوف النساء .

                                                                          وقال أبو عتبة أحمد بن الفرج ، عن بقية بن الوليد : أن إبراهيم بن أدهم قال : قال أبو الدرداء لأم الدرداء : إذا غضبت أرضيتك ، وإذا غضبت فأرضيني ; فإنك إن لم تفعلي ذلك فما أسرع ما نتفرق . ثم قال إبراهيم بن أدهم لبقية : يا أخي ، وكان يؤاخيه ، هكذا الإخوان إن لم يكونوا كذا ، ما أسرع ما يتفرقون .

                                                                          وقال أبو الزاهرية ، عن جبير بن نفير ، عن أم الدرداء : أنها قالت لأبي الدرداء عند الموت : إنك خطبتني إلى أبوي في الدنيا فأنكحوني ، وإني أخطبك إلى نفسك في الآخرة . قال : فلا تنكحي بعدي . فخطبها معاوية بن أبي سفيان ، فأخبرته بالذي كان ، فقال : عليك بالصيام .

                                                                          وقال فرج بن فضالة ، عن لقمان بن عامر ، عن أم الدرداء أنها قالت : اللهم إن أبا الدرداء خطبني فتزوجني في الدنيا . اللهم ، وأنا أخطبه إليك ، وأسألك أن تزوجنيه في الجنة ! فقال لها أبو الدرداء : فإن أردت ذلك ، وكنت أنا الأول - فلا تتزوجي بعدي .

                                                                          قال : فمات أبو الدرداء ، وكان لها حسن وجمال ، فخطبها معاوية ، فقالت : [ ص: 355 ] لا ، والله لا أتزوج زوجا في الدنيا حتى أتزوج أبا الدرداء - إن شاء الله - في الجنة !

                                                                          وقال ثور بن يزيد عن مكحول : كانت أم الدرداء تجلس في الصلاة جلسة الرجل ، وكانت فقيهة .

                                                                          وقال الأوزاعي عن جسر بن الحسن ، عن عون بن عبد الله بن عتبة : جلسنا إلى أم الدرداء فقلنا لها : أمللناك ؟ فقالت : أمللتموني ! لقد طلبت العبادة في كل شيء ، فما أصبت لنفسي شيئا أشفى من مجالسة العلماء ومذاكرتهم . ثم اجتنبت ، وأمرت رجلا يقرأ ( ولقد وصلنا لهم القول ) .

                                                                          وقال المسعودي عن عون بن عبد الله : كنا نأتي أم الدرداء ، فنذكر الله عندها . قال : فاتكأت ذات يوم فقيل لها : لعلنا أن نكون قد أمللناك يا أم الدرداء ؟ فجلست فقالت : أزعمتم أنكم قد أمللتموني ، وقد طلبت العبادة في كل شيء ، فما وجدت شيئا أشفى لصدري ولا أجري أن أدرك به ما أريد من مجالسة أهل الذكر .

                                                                          وقال إسماعيل بن عياش عن حجاج بن مهاجر الخولاني ، عن أبي مرحوم : سمعت أم الدرداء تقول : أفضل العلم المعرفة .

                                                                          وقال عبد ربه بن سليمان بن عمير بن زيتون : كانت أم الدرداء تكتب لي في لوحي فيما تعلمني من الحكمة : تعلموا الحكمة صغارا تعملوا بها كبارا ، وإن كل زارع حاصد ما زرع من خير أو شر .

                                                                          وقال عبد العزيز بن الوليد بن سليمان بن أبي السائب عن [ ص: 356 ] أبيه : أن أم الدرداء كانت تشدق إذا قرأت .

                                                                          وقال أبو المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران : دخلت على أم الدرداء ، فرأيتها مختمرة بخمار صفيق قد ضربت على حاجبها ، وكان فيه قصر ، فوصلته بسير .

                                                                          قال : وما دخلت عليها في ساعة صلاة إلا وجدتها مصلية .

                                                                          وقال الهيثم بن عمران العنسي : سمعت إسماعيل بن عبيد الله ، ويونس بن حلبس قالا : كن النساء يتعبدن مع أم الدرداء ، فإذا ضعفن عن القيام في صلاتهن تعلقن بالحبال .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن عثمان بن حيان ، مولى أم الدرداء : سمعت أم الدرداء تقول : ما بال أحدكم يقول : اللهم ارزقني ، وقد علم أن الله لا يمطر عليه من السماء دينارا ولا درهما ، وإنما يرزق بعضهم من بعض ; فمن أعطي شيئا فليقبله ، فإن كان عنه غنيا فليضعه في ذي الحاجة من إخوانه ، وإن كان فقيرا فليستعن به على حاجته ، ولا يرد على الله رزقه الذي رزقه .

                                                                          وقال معاوية بن صالح ، عن ربيعة بن يزيد ، وإسماعيل بن عبيد الله ، عن أم الدرداء : أنها قالت : ولذكر الله أكبر ، إن صليت فهو من ذكر الله ، وإن صمت فهو من ذكر الله ، وكل خير تعمله فهو من ذكر الله ، وكل شر تجتنبه فهو من ذكر الله ، وأفضل ذلك تسبيح الله عز وجل .

                                                                          وقال رديح بن عطية المقدسي ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، [ ص: 357 ] عن أم الدرداء - أن رجلا أتاها فقال : إن رجلا قد نال منك عند عبد الملك ، فقالت : إن نؤبن بما ليس فينا فطالما زكينا بما ليس فينا .

                                                                          قال : ورأيت أم الدرداء تصلي متربعة .

                                                                          وقال محمد بن القاسم الأسدي ، عن ثور بن يزيد ، عن زياد بن أبي سودة : عوتبت أم الدرداء في شيء ، فقالت : إني أدركت زمانا انتقص الناس فيه ، فانتقصت معهم .

                                                                          وقال سعيد بن عبد العزيز ، عن إسماعيل بن عبيد الله : قالت لي أم الدرداء : ما يقول الناس في الحارث الكذاب ؟ قال إسماعيل : يا أمه ، يزعمون أنك قد بايعته . قال : فلم تسأل أم الدرداء من الذي قال ; لئلا يكون في صدرها غل لأحد .

                                                                          وقال عبد الله بن المبارك : أخبرنا إسماعيل بن عياش ، قال : أخبرني عبد الله أو عبيد الله بن سليمان ، عن عثمان بن حيان ، قال : أكلنا مع أم الدرداء طعاما ، فأغفلنا الحمد لله ، فقالت : يا بني ، لا تدعوا أن تؤدموا طعامكم بذكر الله ، أكل وحمد خير من أكل وصمت .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الفرج بن قدامة ، وأبو الحسن ابن البخاري في آخرين ، قالوا : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، قال : أخبرنا أبو محمد الجوهري ، قال : أخبرنا أبو عمر بن حيويه ، وأبو بكر بن إسماعيل الوراق ، قالا : أخبرنا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك . فذكره .

                                                                          قال عبد ربه بن سليمان بن زيتون : حجت أم الدرداء سنة إحدى وثمانين .

                                                                          [ ص: 358 ] روى لها الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية