الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          7962 - ( خ م د س ق) : أم حرام بنت ملحان ، واسمه مالك بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار - الأنصارية ، خالة أنس بن مالك ، وزوجة عبادة بن [ ص: 339 ] الصامت . يقال لها : الغميصاء ، ويقال : الرميصاء . لها صحبة .

                                                                          روت عن : النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                          روى عنها : ابن أختها أنس بن مالك ( خ م د س ق ) ، وعطاء بن يسار ( د ) ، وعمير بن الأسود العنسي ( خ ) ، ويعلى بن شداد بن أوس ( د ) .

                                                                          وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمها ، ويزورها ، ويقيل عندها ، ودعا لها بالشهادة ، وخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازية إلى الشام في إمارة معاوية وخلافة عثمان .

                                                                          قال خليفة بن خياط ، ومحمد بن سعد : أمها مليكة بنت مالك بن عدي بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار .

                                                                          زاد محمد بن سعد : تزوجت عبادة بن الصامت ، فولدت له محمدا . ثم خلف عليها عمرو بن قيس بن زيد بن سوادة بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار ، فولدت له قيسا ، وعبد الله .

                                                                          وأسلمت أم حرام ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وقال غيره : كانت زوج عبادة بن الصامت ، وكانت قبله عند عمرو بن قيس ، فولدت له عبد الله بن عمرو المعروف بابن أم حرام ، وهذا القول هو الصحيح ; فإن ابن أم حرام ممن صلى [ ص: 340 ] القبلتين ، كما تقدم في ترجمته .

                                                                          وقال الحافظ أبو نعيم : كانت تحت عبادة بن الصامت ، وخرجت معه في بعض غزوات البحر ، وماتت بالشام ، وقبرت بقبرس ، وقصتها بغلتها فماتت . وأهل الشام يستسقون بها ، ويقولون : قبر المرأة الصالحة .

                                                                          قيل : اسمها الرميصاء ، وقيل : الغميصاء .

                                                                          وقال أبو سليمان بن زبر : سنة سبع وعشرين ، قيل : فيها توفيت أم حرام بنت ملحان بقبرس .

                                                                          وقال يحيى بن بكير ، عن الليث بن سعد : كانت قبرس الأولى أميرهم معاوية بن أبي سفيان ، واصطخر المرة الأخيرة سنة ثمان وعشرين .

                                                                          روى لها الجماعة سوى الترمذي .

                                                                          أخبرنا أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أخبرنا أبو اليمن الكندي ، قال : أخبرنا الشريف أبو الفضل محمد بن عبد الله ابن المهتدي بالله .

                                                                          ( ح ) : وأخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد الهمذاني بمصر ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن إسحاق ابن الجواليقي ببغداد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني .

                                                                          [ ص: 341 ] ( ح ) : وأخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يحيى الشقراوي في جماعة ، قال : أخبرنا موسى بن عبد القادر الجيلي ، قال : أخبرنا أبو القاسم سعيد بن أحمد بن الحسن ابن البناء - قالوا : أخبرنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي بن زنبور الورارة زاهر أبو بكر عبد الله بن أبي داود ، قال : حدثنا عيسى بن حماد زغبة ، قال : أخبرنا الليث بن سعد ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن أنس بن مالك ، عن خالته أم حرام بنت ملحان - أنها قالت : نام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما قريبا ، ثم استيقظ ، فتبسم .

                                                                          فقلت : يا رسول الله ، ماذا أضحكك ؟ قال : ناس من أمتي عرضوا علي ، يركبون ظهر هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة . قالت : فادع الله أن يجعلني منهم ! فدعا لها .

                                                                          ثم نام الثانية ، ففعل مثلها ، فقالت مثل قولها ، وأجابها مثل جوابه الأول . قالت : فادع الله أن يجعلني منهم ! قال : أنت من الأولين .

                                                                          قال : فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازية أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية بن أبي سفيان ، فلما انصرفوا من غزاتهم قافلين ، فنزلوا الشام ، فقربت إليها دابة لتركبها ، فصرعتها ، فماتت رضي الله عنها
                                                                          .

                                                                          أخرجه البخاري ، ومسلم ، وابن ماجه من حديث الليث [ ص: 341 ] بن سعد فوقع لنا بدلا عاليا .

                                                                          وأخرجوه سوى ابن ماجه من حديث حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، وله طرق أخر .

                                                                          وأخبرنا أبو إسحاق ابن الدرجي ، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني ، قال : أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي ، قال : أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه .

                                                                          ( ح ) : وأخبرنا ابن الدرجي ، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني ، وداود بن محمد بن ماشاذة ، وعفيفة بنت أحمد - قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله ، قالوا : أخبرنا أبو بكر بن ريذة . قالا : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي ، قال : حدثنا هشام بن عمار ، قال : حدثنا يحيى بن حمزة ، قال : حدثنا ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عمرو بن الأسود - أنه حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت ، وهو في ساحل حمص في بناء له ، ومعه امرأته أم حرام .

                                                                          قال عمرو : فحدثتنا أم حرام أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أول جيش من أمتي يغزون هذا البحر قد أوجبوا . فقالت أم حرام : يا رسول الله ، أنا منهم ؟ قال : أنت منهم . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول جيش من أمتي يغزون جزيرة قيصر مغفور لهم . فقالت أم حرام : يا رسول الله ، أنا منهم ؟ قال : لا " .

                                                                          رواه البخاري ، عن إسحاق بن يزيد الدمشقي ، عن يحيى بن حمزة ، فوقع لنا بدلا عاليا .

                                                                          [ ص: 343 ] وبه ، قال : حدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي ، قال : حدثنا أبي .

                                                                          ( ح ) : قال : وحدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي ، قال : حدثنا بكر بن أبي عمر العدني ، قالا : حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، عن هلال بن ميمون ، عن أبي ثابت يعلى بن شداد ، حدثه عن أم حرام ، قالت : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم غزاة البحر ، فقال : " للهالك أجر شهيد ، وللغريق أجر شهيدين . فقلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم ! قال : اللهم ، اجعلها منهم ! فركبت البحر ، فلما خرجت ركبت دابتها ، فسقطت ، فماتت " .

                                                                          أخرجه أبو داود من رواية مروان بن معاوية مختصرا " المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد ، والغريق له أجر شهيدين " ، فوقع لنا بدلا عاليا ، وهذا جميع ما لها عندهم ، والله أعلم .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية