الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 246 ] من اسمه أسيد

                                                                          517 - (ع) : أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرئ القيس بن عبد الأشهل الأنصاري ، أبو يحيى ، ويقال : أبو حضير ، ويقال : أبو عتيك ، ويقال : أبو عيسى ، ويقال : أبو عتيق ، ويقال : أبو عمرو الأشهلي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أحد النقباء ليلة العقبة ، واختلف في شهوده بدرا .

                                                                          روى عن : النبي (ع) صلى الله عليه وسلم .

                                                                          روى عنه : أنس بن مالك (خ م ت س) ، وحصين بن عبد الرحمن الأشهلي (د) ولم يدركه ، وأبو سعيد سعد بن مالك الخدري (خ م س) ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى (دق) ، وكعب بن مالك الأنصاري ، [ ص: 247 ] ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي (خت) ولم يدركه ، وأبو ليلى الأنصاري والد عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وابن شفيع الطبيب ، وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وشهد الجابية مع عمر بن الخطاب ، فيما ذكره الواقدي ، وشهد معه فتح بيت المقدس .

                                                                          وقال الأموي ، عن ابن إسحاق : كان نقيب بني عبد الأشهل يوم العقبة ، أسيد بن حضير ، لا عقب له .

                                                                          وذكره محمد بن سعد في الطبقة الأولى من الأنصار .

                                                                          وقال في موضع آخر : أمه ، في رواية محمد بن عمر ، أم أسيد بنت النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل ، وفي رواية عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري ، أم أسيد بنت سين بن كرز بن زعوراء بن عبد الأشهل . وكان لأسيد من الولد : يحيى ، وأمه من كندة ، توفي وليس له عقب . وكان أبوه حضير الكتائب ، شريفا في الجاهلية ، وكان رئيس الأوس يوم بعاث ، وهي آخر وقعة كانت بين الأوس والخزرج في الحروب التي كانت بينهم ، وقتل يومئذ حضير الكتائب وكانت هذه الوقعة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، قد تنبأ ودعا إلى الإسلام ، ثم هاجر بعدها بست سنين إلى المدينة . وكان أسيد بن حضير بعد أبيه شريفا في قومه في الجاهلية وفي الإسلام . يعد من عقلائهم ، وذوي رأيهم ، وكان يكتب [ ص: 248 ] بالعربية في الجاهلية ، وكانت الكتابة في العرب قليلا ، وكان يحسن العوم ، والرمي ، وكان يسمى من كانت هذه الخصال فيه في الجاهلية " الكامل " ، وكانت قد اجتمعت في أسيد ، وكان أبوه حضير الكتائب يعرف بذلك أيضا ويسمى به .

                                                                          وقال عبد الله بن وهب ، عن مالك : كان أسيد بن حضير أحد النقباء . قال : وكانت الأنصار فيهم اثنا عشر نقيبا ، وكانوا سبعين رجلا . قال مالك : فحدثني شيخ من الأنصار : أن جبريل - صلى الله عليه وعلى جميع الملائكة - كان يشير له إلى من يجعله نقيبا . قال مالك بن أنس : كنت أعجب كيف جاء من كل قبيلة رجلان ، ومن كل قبيلة رجل ، حتى حدثني هذا الشيخ : أن جبريل كان يشير إليهم يوم البيعة ، يوم العقبة . قال لي مالك : عدة النقباء اثنا عشر رجلا ، تسعة من الخزرج ، وثلاثة من الأوس .

                                                                          وذكره موسى بن عقبة فيمن شهد العقبة الثانية .

                                                                          وقال محمد بن سعد : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة . عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ ، قال : كان إسلام أسيد بن الحضير وسعد بن معاذ على يدي مصعب بن عمير العبدري ، في يوم واحد ، تقدم أسيد سعدا في الإسلام بساعة ، وكان مصعب بن عمير قد قدم المدينة ، قبل السبعين ، أصحاب العقبة الآخرة ، يدعو الناس إلى الإسلام .

                                                                          [ ص: 249 ] ويعلمهم القرآن ، ويفقههم في الدين ، بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . وشهد أسيد العقبة الآخرة مع السبعين من الأنصار ، في روايتهم جميعا . وكان أحد النقباء الاثني عشر . وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أسيد بن الحضير وزيد بن حارثة . ولم يشهد أسيد بدرا ، وتخلف هو وغيره من أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من النقباء وغيرهم عن بدر ، ولم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى بها كيدا ، ولا قتالا ، وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن معه يتعرضون لعير قريش حين رجعت من الشام ، فبلغ أهل العير ذلك ، فبعثوا إلى مكة من يخبر قريشا بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ، وساحلوا بالعير فأفلتت ، وخرج نفير قريش من مكة ، يمنعون عيرهم ، فالتقوا هم ورسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه على غير موعد ببدر .

                                                                          وقال سهيل بن أبي صالح (ت) ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " نعم الرجل أسيد بن حضير " في حديث طويل .

                                                                          وقال محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عائشة : " ثلاثة من الأنصار ، كلهم من بني عبد الأشهل ، لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وعباد بن بشر " .

                                                                          [ ص: 250 ] وقال عبد الله بن المبارك : أخبرنا يحيى بن أيوب ، عن عمارة بن غزية ، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن أمه فاطمة بنت حسين ، عن عائشة ، أنها كانت تقول : " كان أسيد بن حضير من أفاضل الناس " .

                                                                          وكان يقول : لو أني أكون كما أكون على أحوال ثلاث : لكنت حين أقرأ القرآن وحين أسمعه يقرأ ، وإذا سمعت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا شهدت جنازة وما شهدت جنازة قط فحدثت نفسي بسوى ما هو مفعول بها وما هو صائرة إليه .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة ، وأبو الحسن علي بن أحمد ابن البخاري المقدسيان في جماعة ، قالوا : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ابن البناء ، قال : أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق وأبو عمر محمد بن العباس بن حيويه ، قالا : حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا الحسين بن أحمد المروزي ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، فذكره .

                                                                          وقال هدبة بن خالد : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أسيد بن حضير أنه قال : يا رسول الله ، بينما أنا أقرأ سورة البقرة ، إذ سمعت وجبة من خلفي ، فظننت أن فرسي أطلق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرأ يا أبا عتيك " فالتفت فإذا مثل المصابيح مدلاة بين السماء وبين الأرض ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 251 ] يقول : " اقرأ يا أبا عتيك " ، فقال : يا رسول الله ، ما استطعت أن أمضي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تلك الملائكة ، نزلت لقراءة سورة البقرة ، أما إنك لو مضيت ، لرأيت العجائب " .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري وأبو العباس أحمد بن شيبان ، قالا : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور ، قال : أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن داود الوزير ، قال : أخبرنا أبو قاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثنا هدبة بن خالد ، فذكره .

                                                                          وقال عبيد الله بن محمد بن حفص العيشي : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس : أن عباد بن بشر وأسيد بن حضير كانا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في ليلة ظلماء حندس - قال العيشي : الحندس ، الشديدة الظلمة - فلما خرجا أضاءت عصا أحدهما ، فمشوا في ضوئها ، فلما افترقت بهم الطريق أضاءت عصا الآخر .

                                                                          [ ص: 252 ] أخبرنا بذلك أحمد بن شيبان الشيباني وزينب بنت مكي الحراني ، قالا : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز ، قال : أخبرنا أبو الحسين بن النقور ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن حبابة ، قال : أخبرنا أبو القاسم البغوي ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد العيشي ، فذكره .

                                                                          رواه النسائي عن أبي بكر بن نافع ، عن بهز بن أسد ، عن حماد ، به .

                                                                          وقال البخاري : وقال حماد ، فذكره .

                                                                          قال أبو عبيد القاسم بن سلام ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، وعمرو بن علي ، وغير واحد : مات سنة عشرين .

                                                                          [ ص: 253 ] زاد بعضهم : وصلى عليه عمر بن الخطاب .

                                                                          وقال عبد الأعلى بن حماد النرسي : حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن عروة : أن أسيد بن حضير ، مات وعليه دين ، أربعة آلاف درهم ، فبيعت أرضه ، فقال عمر : لا أترك بني أخي عالة ، فرد الأرض ، وباع ثمرها من الغرماء ، أربع سنين ، بأربعة آلاف ، كل سنة ألف درهم .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الغنائم ، المسلم بن محمد بن المسلم بن علان القيسي ، وأبو بكر محمد بن إسماعيل ابن الأنماطي الأنصاري ، قالا : أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي ، قال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي ، قال : أخبرنا أبو الحسين بن النقور ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمران الجندي ، قال : أخبرنا أبو القاسم البغوي ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، فذكره .

                                                                          هذا هو الصحيح في تاريخ وفاته ، وأما الحديث الذي رواه ابن [ ص: 254 ] جريج (مد س) عن عكرمة بن خالد عن أسيد بن حضير الأنصاري (د) : أن معاوية كتب إلى مروان : أن الرجل إذا وجد سرقة في يد رجل فهو أحق بها بالثمن . . الحديث ، فإنه وهم .

                                                                          رواه هارون بن عبد الله (مد س) ، عن حماد بن مسعدة ، عن ابن جريج ، وقال : قال أحمد بن حنبل : هو في كتاب ابن جريج : أسيد بن ظهير ، ولكن كذا حدثهم بالبصرة ، ورواه عبد الرزاق (س) وغيره عن ابن جريج ، عن عكرمة بن خالد ، عن أسيد بن ظهير ، وهو الصواب ; فإن أسيد بن ظهير هو الذي بقي إلى خلافة معاوية .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية