الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          532 - (ع) : الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية الكندي ، أبو محمد ، له صحبة ، نزل الكوفة .

                                                                          روى عن : النبي (ع) صلى الله عليه وسلم أحاديث يسيرة ، وعن عمر بن الخطاب (د س ق) .

                                                                          روى عنه : إبراهيم النخعي ولم يسمع منه ، وجرير بن عبد الله البجلي ، وأبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي (ع) ، وعامر الشعبي ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، وعبد الرحمن بن عدي الكندي ، وعبد الرحمن المسلي (د س ق) ، وقيس بن أبي حازم ، وقيس بن السكن ، [ ص: 287 ] وكردوس الكوفي (د س) ، ومسلم بن هيضم العبدي (ق) ، وأبو إسحاق السبيعي ، وأبو بصير العبدي (قد) .

                                                                          قال محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من كندة : الأشعث بن قيس ، وهو الأشج بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندة ، واسمه ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، وأمه كبشة بنت يزيد بن شرحبيل بن يزيد بن امرئ القيس بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة ، وإنما سمي كندة ، لأنه كند أباه النعمة : كفره ، وكان اسم الأشعث : معدي كرب . وكان أبدا أشعث الرأس ، فسمي الأشعث ، ووفد الأشعث بن قيس على النبي صلى الله عليه وسلم ، بسبعين رجلا من كندة ، وكل اسم في كندة وفد ، فوفادته إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع الأشعث بن قيس ، وقد كتبنا كل من قدرنا عليه منهم ، هذا كله في رواية هشام بن محمد بن السائب الكلبي .

                                                                          وقال فيمن نزل الكوفة : الأشعث بن قيس الكندي ، ويكنى أبا محمد ، ابتنى بها دارا ، ومات بها ، والحسن بن علي بن أبي طالب يومئذ بالكوفة حين صالح معاوية ، وهو صلى عليه .

                                                                          [ ص: 288 ] وقال الهيثم بن عدي : ذهبت عينه يوم اليرموك .

                                                                          وقال خليفة بن خياط : أمه كبيشة بنت يزيد من ولد الحارث بن عمرو بن معاوية : مات في آخر سنة أربعين ، بعد قتل علي عليه السلام قليلا .

                                                                          وقال أحمد بن عبد الله ابن البرقي : توفي سنة أربعين ، قبل قتل علي بيسير ، له أحاديث .

                                                                          وقال أبو القاسم الطبراني ، فيما أخبرنا أبو إسحاق ابن الدرجي ، عن أبي جعفر الصيدلاني ، وغير واحد إذنا ، عن فاطمة بنت عبد الله ، عن أبي بكر بن ريذة عنه : حدثنا أحمد بن عبد الله البزاز التستري ، قال : حدثنا محمد بن يزيد الأسفاطي ، قال : حدثنا صفوان بن هبيرة ، قال : حدثنا عيسى بن المسيب البجلي القاضي عن الأشعث بن قيس قال : لقد اشتريت يميني مرة بتسعين ألفا ، وذلك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من اقتطع حق مسلم بيمينه ، لقي الله ، وهو عليه غضبان " . هذا منقطع ، عيسى لم يدرك الأشعث .

                                                                          [ ص: 289 ] وقال محمد بن إسماعيل بن رجاء الزبيدي : سمعت الشيباني ، يذكر عن قيس بن محمد بن الأشعث : أن الأشعث كان عاملا على أذربيجان ، استعمله عثمان ، وأنه أتاه رجل من قومه فأعطاه ألفين ، فشكاه ، فلما قدم الأشعث ، أرسل إليه ، فقال : إنما استودعتك المال ، قال : إنما أعطيتنيه صلة ، فحمي الأشعث فحلف ، فكفر عن يمينه بخمسة عشر ألفا .

                                                                          وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر الشعبي : كان الأشعث بن قيس ، حلف على يمين ، فأخذ بها مالا ، قال : فصلى الغداة ، وقد وضع المال في ناحية المسجد . فقال : قبحك الله من مال ، أما والله ما حلفت إلا على حق ، ولكنه رد على صاحبه ، وهو ثلاثون ألفا ، صدقة مقامي الذي قمت .

                                                                          وقال شريك بن عبد الله : سمعت أبا إسحاق يقول : صليت بالأشاعثة صلاة الفجر بليل ، فلما سلم الإمام ، إذا بين يدي كيس ، وحذاء نعل ، فنظرت فإذا بين يدي كل رجل كيس وحذاء نعل ، فقلت : ما هذا ؟ قالوا : قدم الأشعث بن قيس الليلة ، فقال : انظروا فكل من صلى الغداة في مسجدنا ، فاجعلوا بين يديه كيسا وحذاء نعل .

                                                                          وقال أبو عبد الله بن منده : كان قد ارتد ، ثم راجع الإسلام ، في خلافة أبي بكر ، وزوجه أخته أم فروة ، وشهد القادسية ، والمدائن ، وجلولاء ، ونهاوند ، والحكمين على عهد علي .

                                                                          وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم : شهدت جنازة فيها الأشعث بن قيس ، وجرير بن عبد الله ، فقدم الأشعث جريرا ، وقال : إن هذا لم يرتد عن الإسلام ، وكنت قد ارتددت .

                                                                          [ ص: 290 ] وقال شريك بن عبد الله ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن إبراهيم النخعي : ارتد الأشعث بن قيس ، وناس من العرب ، لما مات نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : نصلي ولا نؤدي الزكاة ، فأبى عليهم أبو بكر ذلك ، وقال : لا أحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أعقد عقدة حلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أنقصكم شيئا مما أخذ منكم نبي الله صلى الله عليه وسلم ولو منعتموني عقالا مما أخذ منكم نبي الله صلى الله عليه وسلم لجاهدتكم عليه ، ثم قرأ : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل حتى فرغ من الآية ، فتحصن الأشعث بن قيس ، هو وناس من قومه في حصن ، فقال الأشعث : اجعلوا لسبعين منا أمانا ، فجعل لهم ، فنزل بعد سبعين ، ولم يدخل نفسه فيهم ، فقال له أبو بكر : إنه لا أمان له ، إنا قاتلوك ، قال : أفلا أدلك على خير من ذلك ؟ تستعين بي على عدوك ، وتزوجني أختك ؟ ففعل .

                                                                          وقال أبو القاسم الطبراني بالإسناد المتقدم : حدثنا عبد الرحمن بن سالم ، قال : حدثنا عبد المؤمن بن علي ، قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : لما قدم بالأشعث أسيرا على أبي بكر الصديق ، أطلق وثاقه ، وزوجه أخته ، فاخترط سيفه ، ودخل سوق الإبل ، فجعل لا يرى جملا ولا ناقة إلا عرقبه ، وصاح الناس : كفر الأشعث ، فلما فرغ طرح سيفه وقال : إني والله ما كفرت ، ولكن زوجني هذا الرجل أخته ، ولو كنا في بلادنا لكانت لنا وليمة غير هذه ، يا أهل المدينة انحروا وكلوا ويا [ ص: 291 ] أصحاب الإبل تعالوا خذوا شرواها .

                                                                          وقد روي : أن الذي زوجه أم فروة ، أبوها أبو قحافة ، وأنه تزوج بها مقدمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وأنه كان ثالث أزواجها ، وأنه أراد الهجرة والمقام بالمدينة ، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بالذي أراد ، آيسه من الهجرة إلى المدينة بعد الفتح ، فرجع وأراد الانطلاق بأم فروة ، فأبى عليه أبو قحافة ، وقال : إنا لا نغترب إلا في مغترب إلينا ، فرجع إلى اليمن ، وفعل الذي فعل ، فلما أتى به أبو بكر ، تجافى له عن دمه ، ورد عليه أهله بالنكاح الأول ، كما فعل بغيره .

                                                                          وذكره يعقوب بن سفيان في السماء من غزا مع علي بن أبي طالب يوم صفين .

                                                                          وذكر خليفة ، عن أبي عبيدة : أنه كان يومئذ على الميمنة من أصحاب علي .

                                                                          وقال : عن علي بن محمد ، عن مسلمة بن محارب ، عن حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية قال : قفل معاوية في تسعين ألفا ، ثم سبق معاوية : فنزل الفرات ، فجاء علي وأصحابه ، فمنعهم معاوية الماء فبعث علي الأشعث بن قيس في ألفين ، وعلى الماء لمعاوية أبو الأعور السلمي في خمسة آلاف ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وغلب الأشعث على الماء .

                                                                          [ ص: 292 ] وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل في " كتاب صفين " : حدثني أبي . قال : حدثنا أبو المغيرة ، قال : حدثنا صفوان ، قال : حدثني أبو الصلت سليم الحضرمي ، قال : شهدنا صفين . فإنا لعلى صفوفنا ، وقد حلنا بين أهل العراق وبين الماء ، فأتانا فارس على برذون ، مقنعا بالحديد ، فقال : السلام عليكم ، فقلنا : وعليك ، قال : فأين معاوية ؟ قلنا : هو ذا ، فأقبل حتى وقف ، ثم حسر عن رأسه ، فإذا هو أشعث بن قيس الكندي ، رجل أصلع ليس في رأسه إلا شعرات ، فقال : الله الله يا معاوية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، هبوا أنكم قتلتم أهل العراق ، فمن للبعوث والذراري ؟ أم هبوا أنا قتلنا أهل الشام ، فمن للبعوث والذراري ؟ الله الله ، فإن الله يقول : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فقال له معاوية : فما الذي تريد ؟ قال : نريد أن تخلوا بيننا وبين الماء ، فوالله لتخلن بيننا وبين الماء ، أو لنضعن أسيافنا على عواتقنا ، ثم نمضي حتى نرد الماء أو نموت دونه ، فقال معاوية لأبي الأعور عمرو بن سفيان : يا أبا عبد الله خل بين إخواننا وبين الماء ، فقال أبو الأعور لمعاوية : كلا والله يا أم عبد الله ، لا نخلي بينهم وبين الماء ، يا أهل الشام دونكم عقيرة الله ، فإن الله قد أمكنكم منهم ، فعزم عليه معاوية ، حتى خلى بينهم وبين الماء ، فلم يلبثوا بعد ذلك إلا قليلا ، حتى كان الصلح بينهم ، ثم انصرف معاوية إلى الشام بأهل الشام ، وعلي إلى العراق بأهل العراق .

                                                                          وقال البخاري في " التاريخ " : حدثنا عبد الله بن عمر ، قال : [ ص: 293 ] حدثنا حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن حيان أبي سعيد التيمي قال : حذر الأشعث بن قيس الفتن ، فقيل له : أخرجت مع علي ؟ قال : ومن لك بإمام مثل علي ! .

                                                                          وقال الهيثم بن عدي ، عن عبد الله بن عياش : خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، على الحسن ابنه أم عمران بنت سعيد بن قيس الهمداني ، فقال سعيد : فوقي أمير أؤامره ، يعني أمها ، فقال : قم فوامره ، يعني أمها ، فخرج من عنده ، فلقيه الأشعث بن قيس بالباب فأخبره الخبر ، فقال : ما نريد إلى الحسن يفخر عليها ، ولا ينصفها ، ويسيء إليها ، فتقول : ابن رسول الله ، وابن أمير المؤمنين ، ولكن هل لك في ابن عمها ، فهي له وهو لها ، قال : ومن ذاك ؟ قال : محمد بن الأشعث ، قال : قد زوجته .

                                                                          ودخل الأشعث على أمير المؤمنين علي ، فقال : يا أمير المؤمنين ، خطبت على الحسن ابنة سعيد ؟ قال : نعم ، قال : فهل لك في أشرف منها بنتا ، وأكرم منا حسبا ، وأتم جمالا ، وأكثر مالا ؟ قال : ومن هي ؟ قال : جعدة بنت الأشعث بن قيس ، قال : قد قاولنا رجلا ، قال : ليس إلى ذلك الذي قاولته سبيل ، قال : فارقني ليؤامر أمها : قال : قد زوجها من محمد بن الأشعث ، قال : متى ؟ قال : الساعة بالباب ، قال : فزوج الحسن جعدة ، فلما لقي سعيد الأشعث قال : يا أعور ، خدعتني ، قال : أنت يا أعور ، حيث تستشيرني في ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ألست أحمق؟ ! ثم جاء الأشعث إلى الحسن ، فقال : يا أبا محمد ، ألا تزور أهلك ؟ فلما أراد ذلك قال : لا تمشي والله إلا على أردية قومي ، فقامت له كندة سماطين ، [ ص: 294 ] وجعلت له أرديتها بسطا من بابه إلى باب الأشعث .

                                                                          وقال أبو المليح وغيره عن ميمون بن مهران : أول من مشت معه الرجال وهو راكب الأشعث بن قيس ، وكان المهاجرون إذا رأوا الدهقان راكبا ، والرجال يمشون ، قالوا : قاتله الله جبارا .

                                                                          وقال أبو حاتم السجستاني ، عن الأصمعي : أول من دفن في جوف منزله الأشعث بن قيس ، وصلى عليه الحسن بن علي ، وكانت ابنة الأشعث تحته ، قال : وأول من مشي بين يديه وخلفه بالأعمدة الأشعث بن قيس .

                                                                          وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن حكيم بن جابر : لما توفي الأشعث بن قيس ، وكانت ابنته تحت الحسن بن علي ، قال الحسن : إذا غسلتموه ، فلا تهيجوه حتى تؤذنوني ، فآذنوه ، فجاء فوضأه بالحنوط وضوءا .

                                                                          قد ذكرنا عن غير واحد : أنه مات سنة أربعين .

                                                                          وقال أبو حسان الزيادي : مات بعد قتل علي بن أبي طالب بأربعين ليلة فيما أخبرت عن ولده ، قال : وتوفي وهو ابن ثلاث وستين .

                                                                          وقال يعقوب بن سفيان ، عن موسى بن عبد الرحمن بن مسروق [ ص: 295 ] الكندي : مات في زمن معاوية ، وكانت ابنته تحت الحسن بن علي . قال يعقوب : زعموا أنها هي التي سمته .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          [ ص: 296 ] من اسمه أشهب وأشهل

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية