[ ص: 170 ]  30 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام من قوله : إن الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة 
 183  - حدثنا محمد بن خزيمة  ، حدثنا  معلى بن أسد العمي  قال : حدثنا عبد العزيز بن المختار  ، عن عبد الله الداناج  قال : شهدت  أبا سلمة بن عبد الرحمن  جلس في مسجد في زمن خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد  ، قال : فجاء الحسن  فجلس إليه فتحدثا ، فقال أبو سلمة   : حدثنا  أبو هريرة  ، عن النبي عليه السلام قال : { الشمس والقمر ثوران مكوران يوم القيامة   } ، فقال الحسن   : ما ذنبهما ؟ فقال : إنما أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت الحسن   . 
فكان ما كان من الحسن  في هذا الحديث إنكارا على أبي سلمة  ، إنما  [ ص: 171 ] كان والله أعلم لما وقع في قلبه أنهما يلقيان في النار ليعذبا بذلك ، فلم يكن من أبي سلمة  له عن ذلك جواب . 
وجوابنا له في ذلك عن أبي سلمة   : أن الشمس والقمر إنما يكوران في النار ، ليعذبا أهل النار لا أن يكونا معذبين في النار ، وأن يكونا في تعذيب من في النار كسائر ملائكة الله الذين يعذبون أهلها ، ألا ترى إلى قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم  أي : من تعذيب أهل النار ويفعلون ما يؤمرون   . 
وكذلك الشمس والقمر هما فيها بهذه المنزلة معذبان لأهل النار بذنوبهم ، لا معذبان فيها ، إذ لا ذنوب لهما . 
وقد روي عن أنس  عن رسول الله عليه السلام في الشمس والقمر هذا المعنى أيضا ، وفيه زيادة أنهما عقيران . 
 184  - حدثنا  إسحاق بن إبراهيم البغدادي  ، حدثنا محمد بن صالح القرشي  ، قال  أبو جعفر   : وهو الذي يقال له : ابن النطاح  ،  [ ص: 172 ] ويضاف ولاؤه إلى جعفر بن سليمان الهاشمي  ، حدثنا درست بن زياد القشيري  ، حدثنا يزيد  قال  أبو جعفر   : وهو الرقاشي ، حدثنا  أنس  قال : قال رسول الله عليه السلام : { الشمس والقمر ثوران عقيران في النار   } . 
قال  أبو جعفر   : ومعنى العقر الذي ذكر أنه لهما في هذا الحديث عند أهل العلم باللغة لم يرد به العقر لهما عقوبة لهما ، إذ كان ذلك لا يجوز فيهما ، إذ كانا في الدنيا من عبادة الله على ما ذكرهما به في كتابه بقوله : ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر  ، وذكر معهما من ذكر معهما في هذه الآية ، حتى أتى على قوله تعالى فيها : وكثير حق عليه العذاب   . 
فأخبر أن عذابه إنما يحق على غير من يسجد له في الدنيا ، ولكنهما كانا في الدنيا يسبحان في الفلك الذي كانا يسبحان فيه ، كما قال تعالى : لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر  الآية ، ثم أعادهما يوم القيامة موكلين بالنار كغيرهما من ملائكته الموكلين بها ، فقطعهما بذلك عما كانا فيه من الدنيا من السباحة ، فعادا بانقطاعهما عن ذلك كالزمنين بالعقر ، فقيل لهما : عقيران على استعارة هذا الاسم لهما ، لا على حقيقة حلول عقر بهما ، والله نسأله التوفيق . 
				
						
						
