[ ص: 297 ]  53 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام من قوله : نحن أحق بالشك من إبراهيم  ، وما ذكر معه سواه في الحديث المذكور ذلك فيه 
 326  - حدثنا  يونس  ، أخبرنا  ابن وهب  ، أخبرني  يونس  ، عن  ابن شهاب  ، عن  أبي سلمة  ،  وسعيد بن المسيب  ، عن  أبي هريرة   : أن رسول الله عليه السلام قال : { نحن أحق بالشك من إبراهيم  ، إذ قال : رب أرني كيف تحي الموتى  إلى قوله قلبي  ويرحم الله لوطا  ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد ، ولو لبثت في السجن كما لبث يوسف  لأجبت الداعي   } . 
 327  - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان أبو علي  ، حدثنا سعيد بن عيسى بن تليد  ، حدثنا  عبد الرحمن بن القاسم  ، حدثني  بكر بن مضر  ، عن  عمرو بن الحارث  ، عن  يونس بن يزيد  ، عن  ابن شهاب  ، عن  أبي سلمة  ،  وابن المسيب  ، عن  أبي هريرة  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله إلا أنه قال : رب أرني كيف تحي الموتى  ، ولم يقل إذ قال :  [ ص: 298 ] رب أرني كيف تحي الموتى   . 
 328  - حدثنا  محمد بن علي بن داود  ، حدثنا سعيد بن داود بن أبي زنبر  ، حدثنا  مالك  ، عن  الزهري   : أن  ابن المسيب  ، وأبا عبيد  أخبراه ، عن  أبي هريرة  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثل حديث زكريا  أيضا سواء . 
 329  - حدثنا  إبراهيم بن أبي داود  ، حدثنا  عبد الله بن محمد بن أسماء  ، حدثنا عمي  جويرية بن أسماء  ، عن  مالك  ، عن  الزهري   : أن  سعيد بن المسيب  ، وأبا عبيد  أخبراه ، عن  أبي هريرة  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثل حديث زكريا  أيضا سواء . 
فتأملنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن أحق بالشك من إبراهيم  إذ قال : رب أرني كيف تحي الموتى   . 
فوجدنا إبراهيم  عليه السلام قد رأى من آيات الله في نفسه الآية التي لم ير مثلها ، وهو إلقاء أعدائه إياه في النار ، فلم تعمل فيه شيئا لوحي الله إليها : يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم  ، فكانت آية معجزة لم ير مثلها قبلها ولا بعدها . فقال النبي عليه السلام لينفي الشك عن إبراهيم  عند قوله : رب أرني كيف تحي الموتى   [ ص: 299 ] أي : إنا ولم نر من آيات الله الآية التي أريها إبراهيم  في نفسه ، لا نشك ، فإبراهيم  مع رؤيته إياها في نفسه أحرى أن لا يشك ، وأما قوله تعالى له : أولم تؤمن قال بلى  ، وقد حقق ذلك أن قوله كان : رب أرني كيف تحي الموتى  لم يكن على الشك منه ، ولكن لما سوى ذلك من طلبه إجابة الله تعالى في مسألته إياه ، ذلك ليطمئن به قلبه ، ويعلم بذلك علو منزلته عنده . 
وأما قوله عليه السلام : { ويرحم الله لوطا  ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد ، أي : قوله لقومه : لو أن لي بكم قوة  ، أي : كقوة أهل الدنيا ، أي : ينتصف بها بعضهم من بعض ، أو آوي إلى ركن شديد  أي : من أركان الدنيا التي كانوا يؤذونه بمثلها ، وله مع ذلك الركن الشديد من الله تعالى الذي لا ركن مثله ، ولكنه جل وعز إذ كان  [ ص: 300 ] لا يخاف الفوت ربما أخر بعض عقوبات المذنبين لما يشاء أن يؤخرها له من إملاء أو من استدراج لهم من حيث لا يعلمون ، حتى ينزلها بهم عند مشيئته ذلك فيهم ، كما أنزل بذوي معاصيه من فرعون  وسائر الأمم التي خالفت عليه ، وخرجت عن أمره ، وعندت عما جاءتهم به رسله صلوات الله عليهم . 
وقد وجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجها يدل على أن سبب قول لوط  هذا كان من أجله . 
 330  - وهو ما قد حدثنا الحسن بن غليب  ، حدثنا  يوسف بن عدي  ، حدثنا  عبد الرحيم بن سليمان  ، عن  محمد بن عمرو  ، حدثنا  أبو سلمة  ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { رحمة الله على لوط  ، إن كان ليأوي إلى ركن شديد : لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد  وما بعث الله من بعده من نبي إلا في ثروة من قومه   } . 
فدل ذلك أن قول لوط  هذا كان ؛ لأنه لم يكن في ثروة من قومه ، يكونون له ركنا يأوي إليهم . 
 [ ص: 301 ] وأما قوله عليه السلام : { ولو لبثت في السجن مثل ما لبث يوسف  لأجبت الداعي } ، أي : لأن يوسف  لما جاءه الداعي قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة  الآية أي : كنت أجبت الداعي ؛ لأن في ذلك خروجي من السجن الذي كنت فيه . 
				
						
						
