الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 142 ] أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أخبرنا أبو بكر القطان ، حدثنا إبراهيم بن الحارث البغدادي ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا زهير بن محمد ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن صالح مولى التوأمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " إن من الملائكة قبيلة يقال : لها الجن ، وكان إبليس منها ، وكان يسوس مما بين السماء والأرض ، فسخط الله عليه فمسخه شيطانا رجيما " [ ص: 303 ]

قال البيهقي رحمه الله تعالى : " فهذا إن ثبت دل على مفارقة هذه القبيلة غيرهم من الملائكة في التسمية " وزعم مقاتل بن سليمان : " أن خلق إبليس ، وخلق هؤلاء وقع من نار السموم ، ومن مارج من نار ، وهم كانوا خزان الجنة رأسهم إبليس ، وكانوا أهل السماء الدنيا فهبطوا إلى الأرض حين اقتتلت الجن الذين كانوا سكان الأرض ، وهم الذين أوحى الله عز وجل إليهم : ( إني جاعل في الأرض خليفة ) " وزعم الكلبي : " أنهم كانوا خزان الجنان يقال : لذلك الجنة ، الجن ، اشتق لهم اسم من الجنة ، وكان مع إبليس أقاليد الجنان ، وخلقه من مارج من نار ، وهي نار لا دخان لها فاقتتل الجن بنو الجان ، فيما بينهم فبعث الله تعالى إبليس من السماء الدنيا في جند من الملائكة فهبطوا إلى الأرض ، وأخرجوا الجن بني الجان منها وألحقوهم بجزائر البحر ، وسكنوا الأرض ، وهم الذين قال الله عز وجل : لهم : ( إني جاعل في الأرض خليفة ) .

ولم يعن به الملائكة الذين في السماء .

قال البيهقي رحمه الله تعالى : " فعلى هذا يحتمل إن كان خلق هؤلاء أيضا وقع من مارج من نار أن يكونوا إنما يسمون الجن لما ذكره الكلبي ، أو لموافقتهم الجن في [ ص: 304 ] أصل الخلقة ، وخلق غيرهم من الملائكة ، وقع من نور كما روينا من حديث عائشة ، وقوله : ( وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) يحتمل أن يكون المراد به هذه القبيلة التي يقال : لها الجن دون غيرهم من الملائكة .

قال الحليمي رحمه الله تعالى : " ومما يدل على مفارقة الجن الملائكة ، أن الله عز وجل أخبر أنه يسأل الملائكة يوم القيامة عن المشركين فيقول لهم : ( أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ) .

فيقول الملائكة : ( سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن ) فثبت بهذا أن الملائكة غير الجن " فقال البيهقي رحمه الله : " ويحتمل أن يكون هذا التبري من الملأ الأعلى الذين كانوا لا يسمون جنا ، والله أعلم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية