الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 78 ] وفيما أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا الربيع قال : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " الإقرار بالإيمان وجهان : فمن كان من أهل الأوثان ، ومن لا دين له يدعي أنه دين نبوة ، فإذا شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فقد أقر بالإيمان ، ومتى رجع عنه قتل ، ومن كان على دين اليهودية ، والنصرانية فهولاء يدعون دين موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام ، وقد بدلوا منه ، وقد أخذ عليهم فيه الإيمان بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكفروا بترك الإيمان به ، واتباع دينه مع ما كفروا به من الكذب على الله قبله فقد قيل لي : إن فيهم من هو مقيم على دينه يشهد أن لا إله إلا الله ، ويشهد أن محمدا رسول الله ، ويقول : لم يبعث إلينا ، فإن كان فيهم أحد هكذا فقال أحد منهم : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله لم يكن هذا مستكمل الإقرار بالإيمان حتى يقول وإن دين محمد حق ، أو فرض ، وأن محمدا رسول الله وأبرأ مما خالف دين محمد صلى الله عليه وسلم ، أو دين الإسلام ، فإذا قال : هذا فقد استكمل الإقرار بالإيمان " وبسط الكلام فيه .

وعلى قياس هذا كل من تلفظ بكلام محتمل ، لم يكن ذلك منه صريح إقرار بالإيمان حتى يأتي بما يخرجه عن حد الاحتمال " .

وقد بسط الحليمي رحمه الله تعالى الكلام في شرحه .

، وقد ينعقد الإيمان بغير القول المعروف إذا أتى بما يؤدي معناه ، وما ذكرنا من الآية دلالة على ذلك .

قال البيهقي رحمه الله تعالى : وقد روينا في حديث المقداد بن الأسود أنه قال : يا رسول الله ، أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ، ثم لاذ مني بشجرة فقال : أسلمت لله ، أقتله يا رسول الله ، بعد أن [ ص: 174 ] قالها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقتله " . فقلت : يا رسول الله ، إنه قطع يدي ، ثم قال ذلك بعد : أقتله ؟ فقال : " لا تقتله فإن قتلته ، فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله ، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال .

[ 79 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان ، حدثنا ابن بكير ، حدثنا الليث ، عن ابن شهاب ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار ، عن المقداد ، أنه قال : يا رسول الله . . . فذكره أخرجاه في الصحيح [ ص: 175 ]

وروينا في حديث عقبة بن مالك في قصة شبيهة بقصة المقداد غير أنه قال : فقال : إني مسلم . فذكر ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم من إعراضه عن قاتله وقوله : " إن الله أبى من قتل مؤمنا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية