الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 186 ] أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يعقوب المتوثي بالبصرة إملاء ، حدثنا أبو داود هو السجستاني ، حدثنا محمد بن يزيد الأعور قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام جالسا مع عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، فقلت : يا رسول الله ، حديث عبد الله بن مسعود وحديث الصادق المصدوق ، أريد حديث القدر ، قال : أنا والله الذي لا إله إلا هو حدثته به ، - فأعادها ثلاثا غفر الله للأعمش - كما حدث به غفر الله لمن حدث به قبل الأعمش ، وغفر الله لمن حدث به بعد الأعمش " [ ص: 363 ]

قال البيهقي رحمه الله : " وفي الحديث دلالة على أن الاعتبار بما يختم عليه عمله ، وإنه إنما يختم بما سبق كتابه ، وفي ذلك كله دلالة على أن الله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، وأن أعمال عباده مخلوقة له مكتسبة للعباد ، ومما دل عليه قوله عز وجل : ( والله خلقكم وما تعملون ) وما يعمله ابن آدم ليس هو الصنم ، وإنما هو حركاته واكتساباته ، وقد حكم بأنه خلقنا وخلق ما نعمله ، وهو حركاتنا واكتساباتنا .

وقال : ( الله خالق كل شيء ) وقال : ( خلق السماوات والأرض وما بينهما ) وأفعال الخلق بينهما ، ولا يتناول ذلك شيئا من صفات ذاته ؛ لأن صفات ذاته ليست بأغيار له ، فلا يتناولها كما لا يتناول ذاته ، وقال : ( هل من خالق غير الله ) .

كما قال : ( من إله غير الله ) .

فكما لا إله إلا هو كذلك لا خالق إلا هو ، وقال : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ، كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) .

وهذه الآية كما هي حجة في الهداية ، والإضلال فهي حجة في خلق الهداية والضلال ؛ لأنه قال : " يشرح " و " يجعل " ، وذلك يوجب الفعل والخلق ، والآيات في هذا المعنى كثيرة ، وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " .

وعن حذيفة بن اليمان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله خالق كل صانع وصنعته " .

التالي السابق


الخدمات العلمية