الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 22 ] أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ ، حدثنا الحسن بن محمد بن [ ص: 119 ] إسحاق ، حدثنا يوسف بن يعقوب ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، حدثنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا عبيد بن شريك ، حدثنا أبو صالح ، حدثنا الفزاري ، حدثنا سفيان بن سعيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل من أهل الشام من أهل الإسلام ، عن أبيه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن الإسلام - وفي رواية حماد قال : عن [ ص: 120 ] أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم - قال له : " أسلم تسلم " . قال : وما الإسلام ؟ قال : " يسلم قلبك لله ، ويسلم المسلمون من لسانك ويدك " . قال : فأي الإسلام أفضل ؟ قال : " الإيمان " . قال : فما الإيمان ؟ قال : " تؤمن بالله وملائكته ، وكتبه ورسله ، وبالبعث بعد الموت " . قال : فأي الإيمان أفضل ؟ قال : " الهجرة " . قال : وما الهجرة ؟ قال : " أن تهجر السوء " . قال : فأي الهجرة أفضل ؟ قال : " الجهاد " . قال : وما الجهاد ؟ قال : " أن تجاهد " أو قال : " تقاتل الكفار إذا لقيتهم " . وفي رواية سفيان قال : " تقاتل العدو إذا لقيتهم ، ولا تغل ولا تجبن " . ، وفي رواية حماد : " ثم لا تغل ولا تجبن " .

وزاد : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثم عملان هما من أفضل الأعمال إلا من عمل عملا بمثلهما - وقال بإصبعيه هكذا السبابة والوسطى - حجة مبرورة أو عمرة مبرورة " .

قال الحليمي رحمه الله تعالى : فأبان هذا الحديث أن الإسلام الذي أخبر الله عز وجل أنه هو الدين عنده بقوله : ( إن الدين عند الله الإسلام ) .

وقوله ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) .

وقوله ( اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا ) ينتظم الاعتقاد والأعمال الظاهرة ؛ لأن قوله : " الإسلام أن يسلم قلبك لله " إشارة إلى تصحيح الاعتقاد ، وقوله : " أن يسلم المؤمنون من لسانك ويدك " إشارة إلى تصحيح المعاملات الظاهرة ، ثم صرح بذلك ، فأخبر أن الإيمان أفضل الإسلام ، وفسره بأنه الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث ، أراد أن الإيمان بالغيب أفضل من الإيمان بما يشاهد ويرى ، وهذا موافق لقول الله عز وجل : ( الذين يؤمنون بالغيب ) مدحا لهم وثناء عليهم ، ثم أبان أن الاعتقاد وعامة الأعمال [ ص: 121 ] إيمان ، فقال : " أفضل الإيمان الهجرة " ، ثم فرع الهجرة فدل ذلك على أن الطاعات كلها إيمان كما هي إسلام ، وأن الإسلام هو الإذعان لله عز وجل سواء وقع بأمر باطن ، أو بأمر ظاهر بعد أن يكون الأمران مما رضي الله تعالى لعباده أن يتقربوا به إليه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية