الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 136 ] وبهذا الإسناد ، حدثنا ورقاء ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن عبيد الله بن مسلم [ ص: 292 ] بن الحضرمي قال : " كان لنا غلامان نصرانيان من أهل عين التمر ويسمى أحدهما : يسار ، والآخر : جبر ، وكانا صيقلين وكانا يقرآن كتابا لهما ، فربما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام عليهما ، فقال المشركون : إنما يتعلم محمد صلى الله عليه وسلم منهما فأنزل الله عز وجل هذه الآية .

وزعم الكلبي فيما روى عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما " أنهما كانا أسلما ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيهما فيحدثهما ، ويعلمهما ، وكانا يقرآن كتابيهما بالعبرانية .

قال البيهقي رحمه الله : " ومن تعلق بمثل هذا الضعيف لم يسكت عن شيء يتهمه به ، فدل على أنهم لو اتهموه بشيء مما نفيناه عنه لذكروه ، ولم يسكتوا عنه ، وبالله التوفيق .

وبسط الحليمي - رحمه الله تعالى - كلامه في الإشارة إلى ما في كتاب الله تعالى من أنواع العلوم ، وما في ذلك من الإعجاز .

ثم إن له صلى الله عليه وسلم وراء القرآن من الآيات الباهرة : " إجابة الشجرة إياه لما دعاها ، [ ص: 293 ] وتكلم الذراع المسمومة إياه ، وازدياد الطعام لأجله حتى أصاب منه ناس كثير ، وخروج الماء من بين أصابعه في المخضب حتى توضأ منه ناس كثير ، وحنين الجذع ، وظهور صدقه في مغيبات كثيرة أخبر عنها " وغير هذه كما قد ذكر ، ودون وفي الواحد منها كفاية غير أن الله - جل ثناؤه - لما جمع له بين أمرين :

أحدهما : بعثه إلى الجن والإنس عامة . [ ص: 294 ]

والآخر : ختمه النبوة به ظاهر له بين الحجج حتى إن شذت واحدة عن فريق بلغتهم أخرى ، وإن لم ينجع واحدة نجعت أخرى ، وإن درست على الأيام واحدة بقيت أخرى .

ولله في كل حال الحجة البالغة ، وله الحمد على نظره لخلقه ورحمته إياهم كما يستحقه .

وذكر الحليمي - رحمه الله تعالى - فصولا في الكهنة ، ومسترقي السمع .

وقد ذكرنا في كتاب دلائل النبوة ما ورد في ذلك من الأخبار وما وجد من الكهنة ، والجن في تصديق نبينا صلى الله عليه وسلم ، وإشاراتهم على أوليائهم من الإنس بالإيمان به ، ولا يجوز على مؤمني الجن أن يحملوا أولياءهم على الكذب على الله ، أو على متابعة من يكذب على الله ، وعلى كفارهم أن يأمروا أولياءهم بالإيمان بمن كفروا به ، فدل على أن من آمن به منهم إنما هو لمعرفة وقعت له لصدقه لمن آمن به من الإنس ، وبالله التوفيق " .

التالي السابق


الخدمات العلمية