الباب التاسع والخمسون في وفود ضمام بن ثعلبة  إليه صلى الله عليه وسلم  
روى  الإمام أحمد  والشيخان  والترمذي   والنسائي  رحمهم الله تعالى من طريق سليمان ابن المغيرة  عن ثابت  ،  والبخاري   وأبو داود   والنسائي   وابن ماجه  عن شريك بن عبد الله  كلاهما عن  أنس  وأبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي  عن  الزهري  ،  والإمام أحمد  وابن سعد   وأبو داود  عن  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهم ، قال  أنس  في رواية ثابت   : «نهينا في القرآن أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء كان يعجبنا أن نجد الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع»  . وفي رواية شريك   : «بينا نحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، وفي حديث  أبي هريرة  رضي الله تعالى عنه : «بينا النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه متكئا ، أو قال جالسا في المسجد إذ جاء رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله» وفي حديث  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما قال : «بعث بنو سعد بن بكر  ، ضمام بن ثعلبة  وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عليه وأناخ بعيره على باب المسجد ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه ، وكان ضمام  رجلا جلدا أشعر ذا غديرتين فأقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» قال  أنس  في رواية شريك   : «فقال : أيكم محمد  ؟ » وفي حديث  ابن عباس   : «أيكم ابن عبد المطلب  ؟ » والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم ، فقلنا له : هذا الأبيض المتكئ»  . 
وفي رواية : «جاءهم رجل من أهل البادية فقال : أيكم ابن عبد المطلب  ؟ قالوا : هذا الأمغر المرتفق . قال : فدنا منه وقال : إني سائلك فمشدد عليك- وفي لفظ- فمغلظ عليك- في المسألة ، فلا تجد علي في نفسك ، قال : «لا أجد في نفسي فسل عما بدا لك» قال  أنس  في رواية ثابت   : فقال : يا محمد  أتانا رسولك فقال لنا أنك تزعم أن الله تعالى أرسلك ؟ قال : «صدق» . قال : فمن خلق السماء ؟ قال : «الله» . قال : فمن خلق الأرض ؟ قال : «الله» . قال : فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل ؟ قال : «الله»  . 
وقال  أبو هريرة   وأنس  في رواية شريك  ، فقال . «أسألك بربك ورب من قبلك» ، وفي حديث  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما : «فأنشدك الله إلهك وإله من قبلك وإله من هو كائن بعدك» ، وفي رواية عن  أنس  فقال : «فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال» ، قال  ابن عباس  في حديثه : «آلله أمرك أن نعبده وحده ولا نشرك به شيئا وأن ندع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون ؟ » قال : «اللهم نعم»  .  [ ص: 354 ] 
وفي رواية ثابت  عن  أنس  فقال : «فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال» 
وفي حديث  أبي هريرة  ورواية شريك  عن  أنس   : «أسألك بربك ورب من قبلك ورب من بعدك آلله أرسلك إلى الناس كلهم ؟ » فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم نعم»  . 
وفي رواية ثابت  عن  أنس  قال : «وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا» . قال : «صدق» . قال : «فبالذي أرسلك» ، وفي رواية شريك  عن  أنس  قال : «أنشدك بالله» . 
وفي حديث  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما : «فأنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله أمرك أن تصلي هذه الصلوات الخمس ؟ قال : «اللهم نعم»  . 
وفي رواية ثابت  عن  أنس  قال : « وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا» . قال : «صدق»  . 
وفي حديث  أبي هريرة  رضي الله تعالى عنه قال : «أنشدك بالله آلله أمرك أن تأخذ من أموال أغنيائنا فترده على فقرائنا ؟ » فقال : «اللهم نعم» . قال : «فبالذي أرسلك» ، 
وفي رواية شريك   : «أنشدك الله آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا ؟ » فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم نعم»  . 
وفي رواية ثابت   : «وزعم رسولك أن علينا صوم شهر في سنتنا» . قال : «صدق» . قال : «فبالذي أرسلك» ، 
وفي رواية شريك   : «وأنشدك الله آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة ؟ » 
وفي حديث  أبي هريرة  رضي الله تعالى عنه : «من اثني عشر شهرا ؟ » فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم نعم»  . 
وفي رواية ثابت  قال : «وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا» . قال : «نعم»  . 
وفي حديث  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما : «ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة فريضة الزكاة والصيام والحج وشرائع الإسلام كلها ينشده عن كل فريضة منها كما ينشده عن التي قبلها حتى إذا فرغ قال : فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا  رسول الله وسأؤدي هذه الفرائض وأجتنب ما تنهيني عنه ثم لا أزيد ولا أنقص»  . 
وفي رواية شريك   : «آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي من قومي ، وأنا ضمام بن ثعلبة  أخو بني سعد بن بكر  »  . وفي حديث  أبي هريرة   : «وأما هذه الهناة فوالله إن كنا لنتنزه عنها في الجاهلية»  . 
وفي رواية ثابت   : «ثم ولى فقال : والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهم ولا أنقص منهن شيئا» . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن صدق ليدخلن الجنة» . وفي حديث  ابن عباس   : «إن صدق ذو العقيصتين دخل الجنة»  . 
وفي حديث  أبي هريرة  رضي الله تعالى عنه : «فلما أن ولى قال  [ ص: 355 ] 
رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فقه الرجل» . 
وقال : «فكان  عمر بن الخطاب  رضي الله تعالى عنه يقول : «ما رأيت أحدا أحسن مسألة ولا أوجز من ضمام بن ثعلبة  » . فأتى بعيره فأطلق عقاله ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه ، فكان أول ما تكلم به : بئست اللات والعزى . فقالوا : مه يا ضمام   ! اتق البرص ، اتق الجذام ، اتق الجنون . فقال : «ويلكم» ! إنهما والله لا يضران ولا ينفعان ، إن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابا فاستنقذكم به مما كنتم فيه وإني أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا  عبده ورسوله ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به وما نهاكم عنه» . قال : 
«فوالله ما أمسى من ذلك اليوم في حاضره رجل أو امرأة إلا مسلما» . زاد ابن سعد   : «وبنوا المساجد وأذنوا بالصلوات» . قال  ابن عباس   : فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة   . 
تنبيهات 
الأول : قال في البداية : وفي سياق حديث  ابن عباس  رضي الله تعالى عنه ما يدل على أنه رجع إلى قومه قبل الفتح لأن العزى هدمها  خالد بن الوليد  رضي الله تعالى عنه أيام الفتح . 
الثاني : قال أبو الربيع   : اختلف في الوقت الذي وفد فيه ضمام  هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل سنة خمس ذكره  الواقدي  وغيره ، وقيل سنة تسع ، والله أعلم أي ذلك كان . 
الثالث : قوله : «أن يحج هذا البيت من استطاع إليه سبيلا» ، قال في الهدي : ذكر الحج في هذه القصة يدل على أن قدوم ضمام  كان بعد فرض الحج ، وهذا بعيد ، والظاهر أن هذه اللفظة مدرجة من كلام بعض الرواة . 
الرابع : في بيان غريب ما سبق : 
ضمام   : بضاد معجمة مكسورة فميمين بينهما ألف ، وهو الذي قال فيه  طلحة بن عبيد الله   : جاءنا أعرابي من أهل نجد  ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام» . الحديث رواه  مالك  في الموطأ عن عمه عن جده عن  طلحة   . الجلد : بجيم مفتوحة فلام ساكنة فدال مهملة : صلب حديد . 
الغديرة : بغين معجمة مفتوحة فدال مهملة مكسورة فتحتية ساكنة فراء فتاء تأنيث . 
الأمغر : بفتح الهمزة وسكون الميم وفتح الغين المعجمة وبالراء : الأبيض المشرب بحمرة .  [ ص: 356 ] 
المرتفق : بميم مضمومة فراء ساكنة فمثناة فوقية مفتوحة ففاء مكسورة فقاف : المتكئ ، بهمزة في آخره .
بدا لك : غير مهموز ، أي ظهر لك . 
أنشدك : بفتح الهمزة وسكون النون وضم الشين المعجمة : أي أسألك . 
آلله : بمد الهمزة على الاستفهام ، وكذا ما بعده . 
الهناة : بفتح الهاء وتخفيف النون في آخره تاء : الفواحش . 
العقيصة : بعين مهملة مفتوحة فقاف مكسورة فتحتية ساكنة فصاد مهملة : الشعر المعقوص ، أي الملتوي . 
فقه الرجل : بضم القاف وكسرها صار فقيها ، والله أعلم .  [ ص: 357 ] 
				
						
						
