الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثامن والأربعون في وفود بني الرؤاس بن كلاب إليه صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن سعد عن أبي نفيع طارق بن علقمة الرؤاسي قال : قدم رجل منا يقال له عمرو بن مالك بن قيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسلم ثم أتى قومه فدعاهم إلى الإسلام فقالوا حتى نصيب من بني عقيل بن كعب مثلما أصابوا منا . فخرجوا يريدونهم ، وخرج معهم عمرو ابن مالك فأصابوا منهم .

                                                                                                                                                                                                                              ثم خرجوا يسوقون النعم فأدركهم فارس من بني عقيل يقال له ربيعة بن المنتفق بن عقيل وهو يقول :


                                                                                                                                                                                                                              أقسمت لا أطعن إلا فارسا إذا الكماة ألبسوا القلانسا

                                                                                                                                                                                                                              قال أبو نفيع : فقلت نجوتم يا معشر الرجالة سائر اليوم . فأدرك العقيلي رجلا من بني عبيد بن رؤاس يقال له المحرس بن عبد الله [بن عمرو بن عبيد بن رؤاس] فطعنه في عضده فاختلها ، فاعتنق المحرس فرسه وقال : يا آل رؤاس . فقال ربيعة : رؤاس خيل أو أناس ؟ فعطف على ربيعة عمرو بن مالك فطعنه فقتله .

                                                                                                                                                                                                                              قال : ثم خرجنا نسوق النعم ، وأقبل بنو عقيل في طلبنا حتى انتهينا إلى تربة فقطع ما بيننا وبينهم وادي تربة ، فجعلت بنو عقيل ينظرون إلينا ولا يصلون إلى شيء فمضينا .

                                                                                                                                                                                                                              قال عمرو بن مالك : فأسقط في يدي وقلت قتلت رجلا وقد أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم فشددت يدي في غل إلى عنقي ، ثم خرجت أريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغه ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              فقال : «لئن أتاني لأضربن ما فوق الغل من يده» . فأطلقت يدي ثم أتيته فسلمت عليه فأعرض عني ، فأتيته عن يمينه فأعرض عني فأتيته عن يساره فأعرض عني فأتيته من قبل وجهه فقلت :

                                                                                                                                                                                                                              «يا رسول الله إن الرب ليترضى فيرضى فارض عني رضي الله عنك» . قال : «قد رضيت عنك»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              تنبيه : في بيان غريب ما سبق :

                                                                                                                                                                                                                              بنو الرؤاس : [براء مضمومة فواو مهموزة فألف فسين مهملة] .

                                                                                                                                                                                                                              نفيع : بنون مضمومة ففاء مفتوحة فمثناة تحتية فعين مهملة . [ ص: 341 ]

                                                                                                                                                                                                                              عقيل : بعين مهملة مفتوحة فقاف فمثناة تحتية فلام .

                                                                                                                                                                                                                              المنتفق : بميم مضمومة فنون ساكنة فمثناة فوقية مفتوحة ففاء مكسورة فقاف .

                                                                                                                                                                                                                              الكماة : جمع كمي كغني لابس السلاح من أكمى نفسه سترها بالدرع والبيضة .

                                                                                                                                                                                                                              القلانس : جمع قلنسوة بفتح القاف واللام : ما يلبس على الرأس .

                                                                                                                                                                                                                              المحرس : [بضم الميم وسكون الحاء المهملة وكسر الراء فسين مهملة] .

                                                                                                                                                                                                                              الغل : بغين معجمة مضمومة فلام مشددة : الحديدة التي تجمع يدي الأسير إلى عنقه .

                                                                                                                                                                                                                              اختله : بخاء معجمة فمثناة فوقية أي أنفذ الطعنة من الجانب الآخر .

                                                                                                                                                                                                                              تربة : [بمثناة فوقية مضمومة فراء فموحدة مفتوحتين فتاء تأنيث] . [ ص: 342 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية