الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب التاسع والتسعون فيما ورد من اجتماع الخضر به إن صح الخبر ، صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن عدي والبيهقي عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المسجد ، فسمع كلاما من ورائه فإذا هو بقائل يقول :

                                                                                                                                                                                                                              اللهم أعني على ما تنجيني مما خوفتني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك : «ألا يضم إليها أختها» فقال الرجل : اللهم ارزقني شوق الصالحين إلى ما شوقتهم إليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأنس : «اذهب إليه فقل له : «يقول لك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تستغفر له» . فجاءه أنس فبلغه .

                                                                                                                                                                                                                              فقال الرجل : يا أنس ، أنت رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي ؟ قال : نعم . قال : اذهب له إن الله عز وجل فضلك على الأنبياء بمثل ما فضل رمضان على سائر الشهور ، وفضل أمتك على سائر الأمم بمثل ما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام ، فذهب ينظر إليه فإذا هو الخضر عليه السلام
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني في الإفراد ، والطبراني في الأوسط ، وابن عساكر من ثلاث طرق عن أنس رضي الله تعالى عنه ، قال : خرجت ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم أحمل الطهور فسمع [مناديا ينادي فقال لي : «يا أنس صه» فسكت ، فاستمع فإذا هو] يقول : اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني منه . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «[لو قال أختها معها» . فكأن الرجل لقن ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم فقال : وارزقني شوق الصالحين إلى ما شوقتهم إليه] فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «يا أنس دع الطهور وائت هذا فقل له : ادع لرسول الله أن يعينه على ما ابتعثه الله على ما ابتعته ، وادع لأمته أن يأخذوا ما آتاهم به نبيهم من الحق» قال : فأتيته [فقلت : رحمك الله ، ادع الله لرسول الله أن يعينه به وادع لأمته أن يأخذوا ما آتاهم به نبيهم من الحق . فقال لي : ومن أرسلك ؟ فكرهت أن أخبره ولم أستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت له : رحمك الله ما يضرك من أرسلني ؟ ادع بما قلت لك . قال : لا ، أو تخبرني من أرسلك . قال : فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت له : يا رسول الله ، أبي أن يدعو لك بما قلت له حتى أخبره بمن أرسلني . فقال : «ارجع إليه فقل له أنا رسول الله» ] فرجعت إليه فقلت له فقال لي : «مرحبا برسول [رسول] الله أنا كنت أحق أن آتيه ، اقرأ على رسول الله مني السلام وقل له : الخضر يقرأ عليك السلام ويقول لك : أن الله تعالى فضلك على النبيين كما فضل شهر رمضان على سائر الشهور ، وفضل أمتك على الأمم كما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام» قال : فلما وليت سمعته يقول : «اللهم اجعلني من هذه الأمة المرشدة المرحومة المتاب عليها» . [ ص: 437 ]

                                                                                                                                                                                                                              قال الشيخ في النكت البديعات : أورده البيهقي من طريق عمرو بن عوف المزني وقال فيه بشير بن جبلة عن أبيه عن جده ، نسخة موضوعة ، وعبد الله بن نافع متروك ، ومن حديث أنس قال فيه الوضاح بن عباد الكوفي متكلم فيه ، قلت : حديث عمرو بن عوف أخرجه البيهقي في الدلائل وقال إنه ضعيف ، وحديث أنس له طرق أخرى ليس فيها الوضاح بن عباد ، وقال رياح [بن عبيدة] : رأيت رجلا يماشي عمر بن عبد العزيز [معتمدا على يده فقلت في نفسي إن هذا الرجل جاف ، فلما صلى قلت : يا أبا حفص ، من الرجل الذي كان معك معتمدا على يدك آنفا ؟ «قال وقد رأيته يا رياح ؟ » قلت نعم . قال : «إني لأراك رجلا صالحا ، ذاك أخي الخضر ، بشرني أني سألي فأعدل» ] ، حديث [ رياح ] كالريح . قلت : قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : هذه القضية أصح ما ورد في بقاء الخضر عليه السلام . [ ص: 438 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية