الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر مقتل عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن إسحاق [يحيى بن] عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه الذي أرضعه قال : فلما قتل جعفر أخذ الراية عبد الله بن رواحة ، ثم تقدم بها وهو على فرسه ، فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ثم قال :


                                                                                                                                                                                                                              أقسمت يا نفس لتنزلنه طائعة أو لتكرهنه     إن أجلب الناس وشدوا الرنه
                                                                                                                                                                                                                              ما لي أراك تكرهين الجنه     قد طال ما قد كنت مطمئنه
                                                                                                                                                                                                                              هل أنت إلا نطفة في شنه

                                                                                                                                                                                                                              وقال أيضا رضي الله تعالى عنه :


                                                                                                                                                                                                                              يا نفس إلا تقتلي تموتي     هذا حمام الموت قد صليت
                                                                                                                                                                                                                              وما تمنيت فقد أعطيت     إن تفعلي فعلهما هديت

                                                                                                                                                                                                                              . [ ص: 150 ] يريد صاحبيه زيدا وجعفرا ، ثم نزل . فلما نزل أتاه ابن عمر له بعرق من لحم فقال : «شد بهذا صلبك فإنك لقيت في أيامك هذه ما لقيت» . فأخذه من يده ، ثم انتهس منه نهسة ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال : وأنت في الدنيا ؟ ثم ألقاه من يده ، ثم أخذ سيفه ، ثم تقدم فقاتل حتى قتل رضي الله تعالى عنه . ووقع اللواء من يده فاختلط المسلمون والمشركون وانهزم بعض الناس ، فجعل قطبة بن عامر يصيح : يا قوم يقتل الرجل مقبلا أحسن من أن يقتل مدبرا . قال سعيد بن أبي هلال رحمه الله تعالى : وبلغني أن زيدا وجعفرا وعبد الله بن رواحة دفنوا في حفرة واحدة . وفي حديث أبي عامر رضي الله تعالى عنه عند ابن سعد أن عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه لما قتل «انهزم المسلمون أسوأ هزيمة رأيتها قط حتى لم أر اثنين جميعا . ثم أخذ اللواء رجل من الأنصار ثم سعى به حتى إذا كان أمام الناس ركزه ثم قال : إلي أيها الناس . فاجتمع إليه الناس حتى إذا كثروا مشى باللواء إلى خالد بن الوليد . فقال له خالد : لا آخذه منك أنت أحق به فقال الأنصاري والله ما أخذته إلا لك» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية