الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثالث والتسعون في وفود بني هلال بن عامر إليه صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              قالوا : وفد زياد بن عبد الله بن مالك على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما دخل المدينة توجه إلى منزل ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت خالة زياد - أمه عزة بنت الحارث - وهو يومئذ شاب . فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندها . فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب فرجع فقالت : يا رسول الله هذا ابن أختي فدخل إليها ثم خرج حتى أتى المسجد ومعه زياد ، فصلى الظهر ثم أدنى زيادا فدعا له ووضع يده على رأسه ثم حدرها على طرف أنفه فكانت بنو هلال تقول ما زلنا نعرف البركة في وجه زياد وقال الشاعر لعلي بن زياد :


                                                                                                                                                                                                                              يا ابن الذي مسح النبي برأسه ودعا له بالخير عند المسجد     أعني زيادا لا أريد سواءه
                                                                                                                                                                                                                              من غائر أو متهم أو منجد     ما زال ذاك النور في عرنينه
                                                                                                                                                                                                                              حتى تبوأ بيته في الملحد

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن علي بن محمد القرشي قال : قالوا : وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من بني هلال فيه عبد عوف بن أصرم بن عمرو ، فسأله عن اسمه فأخبره فقال : «أنت عبد الله » ، فأسلم ، ومنهم قبيصة بن المخارق قال : يا رسول الله ، إني حملت عن قومي حمالة فأعني فيها قال : «هي لك في الصدقة إذا جاءت» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله تعالى عنه قال : تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال : «أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها» قال : ثم قال : «يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش- أو قال سدادا من عيش - ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش- أو قال : سدادا من عيش- فما سواهن [من المسألة] يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا» .

                                                                                                                                                                                                                              تنبيه : في بيان غريب ما سبق :

                                                                                                                                                                                                                              عزة : بعين مهملة مفتوحة فزاي مشددة فتاء تأنيث .

                                                                                                                                                                                                                              متهم : بميم مضمومة فمثناة فوقية ساكنة فهاء مكسورة فميم : يقال للذي أتى تهامة . [ ص: 426 ]

                                                                                                                                                                                                                              غائر : [بغين معجمة فألف فهمزة مكسورة فراء يقال للذي أتى الغور] .

                                                                                                                                                                                                                              منجد : بميم مضمومة فنون ساكنة فجيم مكسورة فدال مهملة : من أنجد أتى نجدا أو خرج إليه .

                                                                                                                                                                                                                              العرنين : بعين مهملة مكسورة فراء ساكنة فنونين بينهما تحتية : العرنين الأنف وقيل رأسه .

                                                                                                                                                                                                                              الملحد : [بميم مفتوحة فلام ساكنة فحاء مفتوحة فدال مهملتين : الملتجأ] .

                                                                                                                                                                                                                              المخارق : [بميم مضمومة فخاء معجمة فألف فراء ساكنة فقاف] .

                                                                                                                                                                                                                              الحمالة : بحاء مهملة فميم مفتوحتين فألف فلام فتاء تأنيث : ما يتحمله الإنسان عن غيره من دية أو غرامة مثل أن يقع حرب بين فريقين يسفك فيها الدماء فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلى ليصلح ذات البين ، والتحمل أن يحملها عنهم على نفسه .

                                                                                                                                                                                                                              الفاقة : بفاء فقاف مفتوحتين بينهم ألف وآخرها تاء تأنيث : الفقر .

                                                                                                                                                                                                                              الحجى : بحاء مهملة مكسورة فجيم [فألف مقصورة] العقل لأنه يمنع الإنسان من الفساد ويحفظ من التعرض للهلاك .

                                                                                                                                                                                                                              القوام من العيش : بقاف مكسورة فواو فألف فميم : ما يقوم بحاجته لضرورته .

                                                                                                                                                                                                                              السحت : بسين مضمومة فحاء ساكنة مهملتين وبضمهما أيضا وآخره تاء مثناة فوقية : هو الحرام وقيل : الخبيث من المكاسب . [ ص: 427 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية