الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الرابع والسبعون في بعثه صلى الله عليه وسلم سرية إلى رعية السحيمي

                                                                                                                                                                                                                              رضي الله عنه قبل إسلامه .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن أبي شيبة ، والإمام أحمد بسند جيد عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه كتابا في أديم أحمر ، فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقع به دلوه . فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فلم يدعوا له سارحة ولا رائحة ولا أهلا ولا مالا إلا أخذوه ، وانفلت عريانا على فرس له ليس عليه سترة حتى انتهى إلى ابنته وهي متزوجة في بني هلال وقد أسلمت وأسلم أهلها . وكان مجلس القوم بفناء بيتها ، فدار حتى دخل عليها من وراء البيت . فلما رأته ألقت عليه ثوبا وقالت : ما لك ؟

                                                                                                                                                                                                                              قال : «كل الشر نزل بأبيك ما ترك له رائحة ولا سارحة ولا أهل ولا مال . قالت : دعيت إلى الإسلام ؟ .

                                                                                                                                                                                                                              قال : أين بعلك ؟ قالت : في الإبل . فأتاه . قال : ما لك ؟ قال : كل الشر نزل بي ما تركت لي رائحة ولا سارحة ولا أهل ولا مال وأنا أريد محمدا قبل أن يقسم أهلي ومالي . قال : فخذ راحلتي برحلها . قال : لا حاجة لي فيها . قال فخذ قعود الراعي . وزوده إداوة من ماء . قال : وعليه ثوب إذا غطي به وجهه خرجت استه وإذا غطى استه خرج وجهه وهو يكره أن يعرف حتى انتهى إلى المدينة فعقل راحلته .

                                                                                                                                                                                                                              ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان بحذائه حيث يقبل . فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح قال : يا رسول الله ابسط يدك أبايعك ، فبسطها . فلما أراد أن يضرب عليها قبضها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ويفعله .

                                                                                                                                                                                                                              فلما كانت الثالثة قال : «من أنت ؟ » قال : أنا رعية السحيمي . قال : فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم عضده ثم رفعه ثم قال : «يا معشر المسلمين هذا رعية السحيمي الذي بعثت [ ص: 242 ] إليه كتابي فرقع به دلوه» . فأخذ يتضرع إليه . قلت : يا رسول الله أهلي ومالي . قال : «أما مالك فقد قسم وأما أهلك فمن قدرت عليه منهم» .

                                                                                                                                                                                                                              فخرج فإذا ابنه قد عرف الراحلة وهو قائم عندها فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هذا ابني . قال : «يا بلال اخرج معه فسله أبوك هو ؟ فإذا قال نعم فادفعه إليه» . فخرج إليه فقال : أبوك هذا ؟ قال : نعم . فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما رأيت أحدا منهما استعبر لصاحبه . قال : «ذاك جفاء الأعراب»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية