الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
السادس من شعب الإيمان ، وهو باب في الإيمان باليوم الآخر .

قال الحليمي رحمه الله : " ومعناه التصديق بأن لأيام الدنيا آخرا أي أن هذه الدنيا منقضية ، وهذا العالم منتقض يوما صنعه منحل تركيبه ، وفي الاعتراف بانقضائه اعتراف بابتدائه ؛ لأن القديم لا يفنى ولا يتغير .

قال : " وفي اعتقاده وانشراح الصدر به ما يبعث على فضل الرهبة من الله تعالى جده وقلة الركون إلى الدنيا ، والتهاون بأحزانها ومصائبها ، والصبر عليها وعلى مضض الشهوات ، واحتسابا وثقة بما عند الله تعالى جده عنها من حسن الجزاء ، والثواب وقد ذكره الله عز وجل في كتابه فقال : ( ومن الناس من يقول : آمنا بالله وباليوم الآخر ، وما هم بمؤمنين ) .

وقال : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) إلى غير ذلك من الآيات سواها " .

قال البيهقي رحمه الله : وروينا في حديث ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الإيمان فقال : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " [ ص: 407 ]

[ 251 ] أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر بن محمد الصوفي ، حدثنا عبد الصمد بن الفضل ، حدثنا عبد الله بن يزيد ، حدثنا كهمس بن الحسن ، عن يحيى بن يعمر ، عن ابن عمر فذكره .

قال الحليمي رحمه الله : " وقد أخبر الله عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم : أنه مفني ما على الأرض ، ومبدل الأرض غير الأرض ، وأن الشمس تكور ، والبحار تسجر ، والكواكب تنتثر ، والسماء تنفطر ، وتصير كالمهل فتطوى كما يطوى الكتاب ، وأن الجبال تصير كالعهن المنفوش ، وينسفها الله نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ، ولا أمتا وكل ذلك كائن كما جاء به الخبر ، ووعد الله صدق ، وقوله حق .

قال : " والساعة التي تكرر ذكرها في القرآن على وجهين :

أحدهما الساعة الآخرة من ساعات الدنيا قال الله عز وجل : ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها ) [ ص: 408 ]

فهذا على الساعة الآخرة لقوله : ( لا تأتيكم إلا بغتة ) .

وكذلك قوله : ( وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ) .

والآخر الساعة الأولى من ساعات الآخرة . قال الله عز وجل : ( ويوم تقوم الساعة ) يعني حين يبعث من في القبور لقوله : ( يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ) وكذلك قوله : ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) .

قال البيهقي رحمه الله : " وقد نطق القرآن بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يعلم متى تقوم الساعة ، ولا يعلم أحد من خلق الله .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " بعثت أنا والساعة كهاتين " معناه والله تعالى أعلم أني أنا النبي الآخر لا يليني نبي آخر ، وإنما يليني القيامة ، وهي مع ذلك دانية ؛ لأن أشراطها متتابعة بيني وبينها غير أن ما بين أول أشراطها إلى آخرها غير معلوم ، وقد ذكرنا في كتاب " البعث والنشور " . ما ورد من الأخبار في أشراطها فأغنى ذلك عن إعادتها هاهنا " .

وروينا عن شعيب بن أبي حمزة ، عن أبي الزناد عن الأعرج ، عن أبي هريرة [ ص: 409 ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفس محمد بيده ، لتقومن الساعة ، وقد نشر الرجلان ثوبا بينهما لا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة ، وهو يليط حوضه لا يسقيه ، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته من تحتها لا يطعمها ، وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها " .

[ 252 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن خالد ، حدثنا بشر بن شعيب ، عن أبيه فذكره . رواه البخاري في الصحيح ، عن أبي اليمان ، عن شعيب وأخرجه مسلم ، من حديث سفيان عن أبي الزناد . [ ص: 410 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية