الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 109 ] 17 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام فيما بين وضع المسجد الحرام والمسجد الأقصى في الأرض من المدة

117 - حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر قال : { قلت : يا رسول الله ، أي مسجد وضع في الأرض أولا ؟ قال : المسجد الحرام ، قال : قلت : ثم أي ؟ قال : ثم المسجد الأقصى . قال : قلت : كم بينهما ؟ قال : أربعون سنة ، فأينما أدركتك الصلاة فصل ، فهو مسجد } .

فقال قائل : باني المسجد الحرام هو إبراهيم عليه السلام ، وباني المسجد الأقصى هو داود وابنه سليمان عليهما السلام من بعده ، وقد كان بين إبراهيم وبينهما من القرون ما شاء الله أن يكون ؛ لأنه كان بعد إبراهيم ابنه إسحاق ، وبعد ابنه إسحاق ابنه يعقوب ، وبعد يعقوب ابنه يوسف ، وبعد يوسف موسى ، وبعد موسى داود ، سوى من كان بينهم من [ ص: 110 ] الأسباط ، وممن سواهم من أنبياء الله ، وفي ذلك من المدد ما يتجاوز الأربعين بأمثالها .

فكان جوابنا له في ذلك أن من بنى هذين المسجدين هو من ذكره ، ولم يكن سؤال أبي ذر رسول الله عليه السلام عن مدة ما بين بنائهما ، إنما سأله عن مدة ما كان بين وضعهما ، فأجابه بما أجابه به ، وقد يحتمل أن يكون واضع المسجد الأقصى كان بعض أنبياء الله قبل داود وقبل سليمان ، ثم بناه داود وسليمان في الوقت الذي بنياه فيه ، فلم يكن في هذا الحديث بحمد الله ما يجب استحالته ، وكذا يجب أن يحمل تأويل مثله عليه كما قال علي بن أبي طالب .

وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي قال : إذا حدثتم عن رسول الله عليه السلام حديثا فظنوا برسول الله أهناه وأتقاه وأهداه .

التالي السابق


الخدمات العلمية