الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 166 ] 28 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام من دعائه : اللهم قو في طاعتك ضعفي

180 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا علي بن عبد الحميد المعني قال : حدثنا مندل بن علي ، عن العلاء بن المسيب ، عن أبي داود الهمداني ، عن بريدة قال : { قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أعلمك كلمات من أراد الله به خيرا علمه إياها ، ثم لم ينسهن أبدا : اللهم إني ضعيف فقو في رضاك ضعفي ، وخذ إلى الخير بناصيتي ، واجعل الإسلام منتهى رضاي ، اللهم إني ضعيف فقوني ، وإني ذليل فأعزني ، وإني فقير فأغنني } .

181 - حدثنا محمد بن علي بن داود ، حدثنا عاصم بن علي بن عاصم ، حدثنا مندل بن علي ، حدثنا العلاء بن المسيب ، عن أبي داود [ ص: 167 ] الهمداني ، عن بريدة الأسلمي ، ثم ذكر مثله إلا أنه قال : ثم { لم يسألهن إياه أبدا } .

فتأملنا ما في هذين الحديثين عن رسول الله عليه السلام فوجدنا الضعف لا يكون قوة أبدا ، ووجدنا القوة لا تكون ضعفا أبدا ؛ لأن كل واحد منهما ضد لصاحبه ، ولا يكون الشيء ضدا لنفسه أبدا ، إنما يكون ضدا لغيره ، وكان الضعف والقوة لا يقومان بأنفسهما ، إنما يكونان حالين في أبدان الحيوان من بني آدم ، ومما سواهم فيعود ما يحل فيه الضعف منهما ضعيفا ، وما يحل فيه القوة منهما قويا .

فعقلنا بذلك أن دعاءه صلى الله عليه وسلم الله عز وجل أن يجعل ضعفه قويا ، إنما مراده فيه والله أعلم أن يجعل ما فيه الضعف منه - وهو بدنه - قويا ، فهذا أحسن ما وجدناه في تأويل هذا الحديث ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية